18 ديسمبر، 2024 11:46 م

أضواء على كتاب اﻹجتهاد والتقليد(77)

أضواء على كتاب اﻹجتهاد والتقليد(77)

مسألة (21): تثبت عدالة مرجع التقليد بأمور:
الأول: العلم بالاختبار أو بغيره ويراد بالعلم ما يعم الاطمئنان بل والوثوق أيضاً.
الثاني: شهادة العدلين بها.
الثالث: شهادة العدل الواحد أو الثقة مع حصول الوثوق الشخصي بقوله.
الرابع: حسن الظاهر والمراد به حسن المعاشرة والسلوك الديني بحيث لو سأل غيره عن حاله لقال لم نرَ منه إلا خيرا.
—————————————————-
هذه المسألة من أهم المسائل بلحاظ موضوعها. فهي تتناول أمرين في غاية الأهمية في الشريعة الإسلامية هما:
الأمر الأول: الإثبات الوجداني. والمراد منه: هو حصول العلم، كالذي يرى بأم عينه الهلال قد ثبت له الهلال بالعلم الوجداني.
الأمر الثاني: الإحراز التعبدي: وهو ما يقوم مقام العلم عن طريق التعبد الشرعي يعني بأمر الشارع، كالبينة(شهادة العادلين) وخبر الثقة.
أي الظن الذي أمرنا الشارع بالتعويل عليه بحيث يقوم مقام العلم تعبداً ويسمى الظن المعتبر.
وليس كل ظن حجة بل أن هناك بعض حصص الظن أمرنا الشارع بالتعويل عليها. وهذه المسألة هي مصداق واضح للإحراز التعبدي.
والإثبات الوجداني والإحراز التعبدي ليس مختصاً بهذه المسألة(إثبات العدالة) بل هي شاملة لكل مسائل الفقه.
وبعد هذه المقدمة نشرع في شرح هذه المسألة.
عرفنا فيما سبق من خلال مسألة (6) أن العدالة هي أحد شرائط مرجع التقليد.
وفي حال فقدانها يكون المجتهد فاقداً للشرائط.
وقلت هناك: في تلك المسألة أن العدالة سيتناولها السيد محمد الصدر من ناحيتين:
الناحية الأولى: الناحية الثبوتية يعني: واقع العدالة وهذا ما ستتكفله مسألة (32).
الناحية الثانية: الناحية الإثباتية للعدالة يعني: التعرف على العدالة.
وهذا ما تتكفله هذه المسألة، وهي في غاية الأهمية بالنسبة للعامي والتعرف على العدالة يتم تارة بالإثبات الوجداني وأخرى بالإحراز التعبدي.
إن الإحراز التعبدي هو من ألطاف الشريعة بالناس لأن الدين لليسر وليس للعسر.
ولو اقتصرت الشريعة على الإثبات الوجداني يعني خصوص العلم واليقين، لاستلزم هذا الأمر صعوبة ومشقة وحرجا على الناس.
والطريف المؤسف نجد أن هناك من المتشددين يضيّقون الخناق على الناس في أكلهم وشربهم ولبسهم وفي كل شيء يعتمدون على الإثبات الوجداني وقد فسحت الشريعة المجال للناس الاعتماد على وسائل الإحراز التعبدي (الحجة الشرعية).
وهذا الفعل من قبل بعض الجهلة المتشددين يسيء جداً ويترك انطباع خاطئ عن أحكام الشريعة الإسلامية عند كل من لا يعرفها.
ذكرت فيما سبق أن شرائط مرجع التقليد ينبغي إحرازها من قبل العامي حتى تقوم الحجة الشرعية التامة على أن هذا المجتهد جامعاً للشرائط لكي يجب تقليده.
وهذه المسألة أحد مصاديق هذا الكلام فهي تتكفل كيفية إحراز عدالة مرجع التقليد بل عدالة أي إنسان لأن العدالة نحتاجها في الشاهد وفي القاضي وفي إمام الجماعة أضافة إلى مرجع التقليد.
وهذه المسألة لا تختص فقط في مرجع التقليد بل هي شاملة لكل موضوعاتها وهذا ما يذهب إليه السيد محمد الصدر ((قدس)) حيث أنه يرى أن العدالة هي نفسها في مرجع التقليد وفي غيره كالشاهد وإمام الجماعة….الخ
وللحديث بقية إذا بقيت الحياة…..