في محاضرته المسرّبة، التي ألقاها في إسرائيل عام 2013، يؤكد خبيرألإستراتيجية العسكرية في معهد الدراسات التابع لكلية الحرب الامريكية ،ماكس مانوارينج وهو أيضا خبير الجيل الرابع للحرب ، أن إسلوب الحروب التقليدية صار قديماً، والجديد هو الجيل الرابع من الحرب ،ويضيف (ليس الهدف تحطيم المؤسسة العسكرية لإحدى الامم،أو تدمير قدرتها العسكرية،بل الهدف هو –ألإنهاك والتآكل البطيء-لكن بنثبات إرغام العدو على الرضوخ))، إنتهى كلام الخبير إلإستراتيجي ، ولنا ان نعيد قراءة كا أعلنه ونعكسه على واقع المنطقة منذ الغزو الامريكي على العراق عام 2003، وليومنا هذا ، لنرى مدى نجاح الإستراتيجية الامريكية في إحتواء الدول التي تسميها –المارقة –أو دول محور الشر في العالم،فمنها من تم تدميره بالغزو الغاشم كالعراق، ومنها من تم إحتواؤه وترويضه مثل كوريا الشمالية ، ومنها ماهو يصارع ويقاوم الاستراتيجية بكل قوة كإيران ، ولكن قبل كل هذا لنقرأ كلام الخبيرالذي ألقاه سراً على مجموعة من الجنرالات في حلف الناتو ،فهو يفصح عن مدى إصرارالولايات المتحدة الامريكية على خلق بؤر توتر وحروب وصراعات بتخطيط منها، الهدف منه هو السيطرة على العالموالتفرد به بوصفها القطب الاول،والهدف الثاني هو تفكيك المنطقة الى دويلات إثنية وعرقية وقومية وطائفية، وإشعال الحروب فيما بينها، والهدف الثالث هو إستخدام نظرية ألإنهاك والتآكل البطيء، لإرغام العدو على الرضوخ لأرادتك،بإستخدام مواطني دولة العدو نفسها، هذه هي الفكرة الجهنمّية التي مارسها الإحتلال الأمريكي في العراق وأفغانستان وسوريا واليمن وليبيا ، ويمارسها اليوم في إيران لاشعال حرب داخلية فيها بعد إنهاكها إقتصادياً ببطء وثبات كما تقول النظرية، وأزاء هذه الإستراتيجية نتساءل ما الذي يجعل النجاح حليف هذه الاستراتيجية ، ماهي عناصر نجاحها ، هل في تخلف شعوب هذه الدول، ام خوف الدول من الارهاب الامريكي لها ، أم بإستخدام طرق أمريكية تجعل من الشعوب عدوة لبعضها، بحيث يسهل إختراقها وتحريض مواظنيها على حكامهم ،برشي ودعم المعارضين وإيهامهم بشهوة السلطة ومغرياتها كما حصل مع ما سمي بالمعارضة العراقية في الخارج، وورطتهم في الغوص بمستنقع السلطة ،الغارقة في الفساد والفشل والصراع على المناصب والمكاسب، حتى وصفهم الرئيس ترمب بانهم – ليسوا قادة وإنما لصوص وقتلة وقطاع طرق-هذه الاستراتيجية تهدف الى تقويض الدول وجر شعوبها الى الاقتتال الداخلي ، بتطبيق نظرية الإنهاك الطويل والتآكل من الداخل ، وهذا يتطلب دعماً مفتوحاً لتنفيذ الاستراتيجية على المدى الطويل، وهذا ماتفعله إدارة الرئيس ترمب ألآن في اكثر من دولة ، وإيران أنموذجاً شاخصاً امام العالم ، والسؤال الملّح هل ستنجح في إيران ، نقول نعم ستنجح لسبب بسيط وهو التنوع الاثني والقومي والطائفي فيها ، والسياسة التعسفية لحكام طهران وإستعداء جميع الاقليات والقوميات والمذاهب لها، وما نراه في الشارع الايراني من تظاهرات غاضبة تهتف الموت للدكتاتور إلا دليل على مانقول، ومن هنا إستغلت غدارة ترمب غضب وحنق الشارع الايراني، فدعمت المعارضة في الخارج دعماً إستثنائيا لامحدوداً، لم تدعمه للمعارضة العراقية، ولكن الأمر مختلف في تركيا رغم تلويح إدارة ترمب وطاقمة بفرض حصار أقسى وتهديد الأقتصاد التركي، إلا أن هذا سيزيد من صمود الشعب التركي وتقوية سلطة الرئيس رجب اردوغان وانتصاره على استرلتيجية ترمب ضد تركيا، والسبب أيضا واضح للعيان، لاتوجد معارضة قوية مدعومة تهدد الرئي التركي، وهناك شعب موحد ومتماسك ويدرك ألاعيب وأضاليل وأباطيل إدارة ترمب ودعمها للمعارض الوحيد لتركيا فتح الله كولن ، المنيوذ في الشارع التركي، ويدرك الشعب التركي حجم التدخل والتخطيط الامريكي في إنقلاب تموز الفاشل ، ودور الجاسوس ورجل الدين المزعوم برانسون في التخطيط للانقلاب ودعمه ، إذن الحصار الامريكي على تركيا سيفشل حتما للاسباب المذكورة ، وستفشل إستراتيجية ترمب في دعمه لحزب العمال الكردستاني وتزويده بالسلاح والامور اللوجستية في سنجار، فيما تمضي إستراتيجية ترمب في غيران قدما وتسارع عجيبنحو التحقق وتنفيذ ما تخطط له امريكا في إسقاط نظام الملالي في ظرف سنة ، حسب نظرية الإنهاك والتآكل البطيء، ولكن السؤال الاكثر اهمية، لماذا التآكل البطيء بدل اسقاط النظام مرة واحدة ، وهذا يحيلنا الى إستراتيجية غزو العراق، حيث تم تنفيذ هذه الاسترلتيجية بخبث شديد، حيث تعمدوا الى تدمير وحرق وزارات ودوائر الدولة دفعة واحدة لإنهاء وجود –دولة المؤسسات – كاملة يمكن ان يستفاد منها من ياتي بعد النظام، إذن إستخدام التدمير الكامل هو نهج ومنج الاستراتيجية الامريكية في نظرية الإنهاك والتآكل البطيء ، ولهذا نرى ماجرى في العراق ما بعد الغزو، يؤكد نجاح النظرية في إنتاج حكومات تمارس النهب والسرقة، وتقوّيض السلطة، ونشر ظاهرة الفساد وإشاعة روح الثأر ،وإيقاظ أحقاد تأريخية ودينية وطائفية، بَنَتْ الادارة الامريكية نظريتها عليها، بوجود حاكم مدني ،لايعرف عن العراق سوى حقده على النظام ، حاله حال مايسمى بالمعارضة العراقية، التي جاءت على ظهور الدبابات الامريكية، لتمارس وتنفّذ ما تفرضه إسترتيجية بريمر سيء الصيت، هكذا نجحت نظرية ماكس نوارارينج في تقويّض بنية الدول، وإشعال الحروب في قومياتها، لتدمّير شعوبها في حرب الجيل الرابع ،وصولاً لتحقيق أهداف قذرة،وكل ما نراه الآن في في سوريا والعراق واليمن وليبيا، هو تطبيق هذه النظرية القذرة الأهداف والأغراض السيئة، لتحقيق مآرب وتنفيذ مشاريع بعيدة المدى، وعلينا أيضا ان نفضح هذه النظرية بوصفها ، السبب الرئيسي عن ظهور ودعم ظاهرة الارهاب الدولي ،في دعم وصنع وتمويل وتسليح الفصائل الاسلاموية المتطرفة والتكفيرية ،مثل تنظيم داعش والنصرة والاحزاب الاسلاموية الطائفية الفاسدة الحاكمة في العراق ، لهذا من الواجب الاخلاق أن نؤشّر حقيقة، أن داعش وتغوّلها هي صنيعة أمريكا لأهداف أمريكية واضحة ومعروفة ، وإستراتيجية طويلة المدى للهيمنة على العالم، كما هي صنيعة إيرانية لأهداف إيرانية في تنفيذ المشروع الايراني الفارسي التوسعي، وهي إسرائيلية في المحصلة لأهداف أسرائيلية في تأمين أمنها ألإستراتيجي في المنطقة ، وتفكّيك وتدمير الدول التي تشكل خطراً على مستقبلها كالنظام العراقي السابق، وهكذا يتمّ تنفيذ ألأجندات والنظريات والإستراتيجيات ، كلٌ حسب مشروعه ومصالحه في المنطقة ، ومانراه في حروب وتفكيك دول وتدمير دول وقتل شعوبها وتهجير الملايين منتهم الى أوروبا وغيرها، نعتقد أن نظرية ألإنهاك والتآكل البطيء ،هي نظرية تدمير المنطقة ، وتفكيّكها وتفتيتّها ،على الاسس العرقية والطائفية ، والانموذج الحالي هو ايران كما ذكرنا ، ولكن الى أي مدى سيستمر ،هذا التغوّل الامريكي لتدميّر الشعوب، وماهو دور شعوب المنطقة وحكامها في مواجهة وإفشال نظرية الإنهاك والتدمير ، وهل ينتظر الاخرون دورهم في الدخول في نفقها ، أم يكون التصّدي لها ،مع توحّيد الخطاب لإفشال الاستراتيجية الامريكية هذه ، وحقن دماء شعوب المنطقة، بمزيد من تقديم تنازلات حقيقية لشعوبهم، وتلبيّة مطالبهم، وتجسّير الهوة بين الحكام والشعب، بتطبيق الديمقراطية الحقيقية ،وليست على الطريقة الامريكية ، والنأي عن سياسة الاقصاء والتهميش والمحاصصة الطائفية والولاء للخارج ، هكذا تقوّض الشعوب، نظريات وإستراتيجيات أمريكا، قبل تحويّل المنطقة الى برميل بارود قابل للإنفجار بأية لحظة والدخول في حروب لاتنتهي…