لو إن کل دول العالم وقفت ضد قرار الولايات المتحدة الامريکية بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي تم إبرامه في اواسط تموز 2015، فإن العراق ليس من حقه ذلك لأسباب عديدة وجوهرية أهمها؛ إن من يحکمون العراق حاليا لم يکن يتسنى لهم ذلك لولا الدبابات الامريکية. کما إن قرار الانسحاب هذا من شأنه أن يقلم أظافر النظام الايراني في المنطقة بشکل عام وفي العراق بشکل خاص وبذلك يخفف من عبأ الضغط الثقيل لهذا النظام المکروه من جانب شعبه والعالم کله.
النظام الايراني الذي جعل من العراق مسرحا لمغامراته وتجاربه ومخططاته وحتى تآمره على بلدان المنطقة والعالم، يمکن أن يتلقى ضربة في الصميم لو إلتزم العراق فعليا بهذه العقوبات ولم يقم بخرقها أو إنتهاکها علما بأنه إذا فعل ذلك فإنه يلحق أضرارا بليغة بنفسه من أجل نظام ضار ومضر به أکثر من أي شئ آخر، خصوصا إدا ماعلمنا بأن إدارة ترامب ليست کإدارة أوباما بحيث يمکن للحکومة العراقية أن تعيد سيناريو”الانتهاکات والخروقات”التي فعلتها أيام عهد سئ الصيت نوري المالکي من أجل الالتفاف على العقوبات الامريکية في وقتها، وإن منع العراق من تصدير نفطه عقابا له على ذلك مثلا کافي لکي يختنق الاقتصاد العراقي المعتمد على النفط بشکل أساسي، وبإعتقادنا في هکذا حالة فإن عمر الذين يحکمون العراق لن يطول أکثر من بضعة أسابيع ليصبحوا بعدها نسيا منسيا!
المثير للسخرية والاستهزاء هو وصف وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري القرار الامريکي ب”الاحمق”، وهو وصف يتسم بغباء مفرط وجهل بأبسط قواعد السياسة والخلفية الکامنة وراء إتخاذ هذا القرار، خصوصا وإن القرار لايلحق أي ضرر بالعراق وانما على العکس من ذلك فقد ينقذه من ورطة التدخل الشنيع للنظام الايراني في مختلف شٶونه الداخلية خصوصا وإن واحدا من أهم أسباب الانسحاب الامريکي من الاتفاق النووي کان لتوسع نفوذ النظام الايراني بعد الاتفاق في المنطقة والعراق بشکل خاص، وبإعتقادنا إن القرار الاحمق عراقيا يکمن في عدم الالتزام بهذه العقوبات، خصوصا وإن الميليشيات والفصائل التابعة لإيران تروج لعدم الالتزام به.
التصريحات الاخيرة للمرشد الاعلى الايراني والتي يٶکد فيها عدم تأثر النظام الايراني بتلك العقوبات وإن طهران لن تکترث لها ولن تتفاوض ولن تحارب أمريکا أيضا، أکبر دليل على مدى تخبط هذا النظام وعدم وجود القدرة الکافية لديه للتعامل مع هذه المشکلة العويصة التي تتزامن مع الاحتجاجات الشعبية واسعة النطاق والتي تقودها منظمة مجاهدي خلق”بإعتراف خامنئي ذاته” والتي تدعو لإسقاط النظام، وإن على العراق أن يستفاد من هکذا فرصة ولکن يبدو أن للعراق قادة من أمثال الجعفري المصاب بعشو سياسي وعجز فکري وسياسي فيذهب في الاتجاه المعاکس!