خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
نشرت صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية مقالاً للمحلل الإسرائيلي، “إفرايم كام”، تناول فيه الأزمة المتفاقة بين “طهران” و”واشنطن”، بعد فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران.
وحاول المحلل رصد السيناريوهات المحتملة من جانب “طهران” للرد على العقوبات وعلى موقف “واشنطن” المطالب بإبرام اتفاقية نووية جديدة.
الهدف الحقيقي لواشنطن..
يقول “كام”: لقد مضت قرابة ثلاثة أشهر؛ منذ انسحبت “الولايات المتحدة” من الاتفاقية النووية الموقعة مع “إيران”، ولا تزال الأمور غامضة. وبالطبع فإن الإدارة الأميركية، بزعامة “دونالد ترامب”، لا تخفي نواياها في أنها تسعى لإستبدال تلك الاتفاقية غير المقبولة، باتفاقية أخرى تفرض مزيدًا من الضمانات والقيود على البرنامج النووي الإيراني.
وتفرض الإدارة الأميركية اثني عشر شرطًا جديدًا على “طهران”، منها إنهاء التدخل الإيراني في شؤون الدول الأخرى بمنطقة الشرق الأوسط، ووقف النشاط الإرهابي والحد من برنامج الصواريخ (الباليستية).
وتزعم الإدارة الأميركية – حتى لا تبدو وكأنها تتدخل في شؤون الدول الأخرى – أنها لا تستهدف من فرض العقوبات على “طهران”، إثارة الاضطرابات والقلاقل الداخلية بُغية إسقاط “نظام الملالي”. لكن لا شك أن غالبية المسؤولين في “واشنطن” لن يأسفوا إذا سقط النظام الإيراني. ومن الواضح أن النظام في طهران على يقين من أن ذلك هو الهدف الحقيقي لإدارة “ترامب”.
أهمية الاتفاقية بالنسبة لطهران..
يرى المحلل الإسرائيلي أن “إيران” لديها ثلاثة احتمالات للرد على “العقوبات الأميركية”؛ أولها يتمثل في مواصلة سياستها الحالية – أي عدم الانسحاب من الاتفاقية النووية أو عدم خرق بنودها. إذ تُعد الاتفاقية مهمة لإيران من عدة أوجه؛ وهي: أن مسؤولية فشل الاتفاقية ستُلقى على الولايات المتحدة، وأن الدول الخمسة الأخرى الموقعة على الاتفاقية لن تتضامن مع واشنطن في استئناف العقوبات، فضلاً عن أن الاتفاقية تنص على إمكانية رفع معظم القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني في غضون سنوات قليلة.
الموقف الأوروبي..
بحسب “كام”؛ فإنه حتى هذه اللحظة، ترى إيران والدول الخمسة أن الاتفاقية النووية سارية ومُلزمة. لكن يصعب القول إن هذا الوضع سيستمر طويلاً من دون مشاركة الولايات المتحدة.
الأكثر من ذلك؛ أن إيران تطالب الحكومات الأوروبية بتقديم تعويضات لها عن الأضرار التي سببتها “العقوبات الأميركية”، كما تطالبها أيضًا بعدم إجراء مفاوضات حول برنامجها الصاروخي ونشاطها التآمري في المنطقة، مع الاستمرار في شراء النفط الإيراني.
وربما ستبحث الدول الأوروبية عن سُبل توفير مساعدات اقتصادية لإيران، لكن من الصعب أن نتوقع أن تلك المساعدات ستكون كبيرة، ومن الأصعب أن نتخيل أن الدول الأوروبية ستستجيب لمطلب طهران بعدم مناقشة ملف صواريخها (الباليستية) أو تورطها في شؤون البلدان الأخرى، لأن الدول الأوروبية معنية تمامًا ببحث تلك القضايا من أجل إعادة الأميركيين إلى الاتفاقية النووية.
سيناريو التصعيد..
أما الاحتمال الثاني للرد الإيراني؛ فيتمثل في أن تقرر “طهران” إعادة نشاطها النووي إلى المستوى الذي كان عليه قُبيل توقيع الاتفاقية، بل وربما إلى مستوى أعلى من ذلك.
ولتحقيق هذا الأمر؛ أصدر المرشد الأعلى، “علي خامنئي”، أوامره بإتخاذ الخطوات اللازمة من أجل توسيع نطاق الأنشطة النووية المستقبلية، لا سيما في مجال تخصيب (اليورانيوم)، مشددًا على أن تلك الاستعدادات لا تشكل انتهاكًا للاتفاقية. فيما حذر مسؤولون إيرانيون من أن طهران قد تنسحب من “معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية”، وهذا بالطبع أمر خطير، قد يفسره البعض على أن طهران تنوي إمتلاك أسلحة نووية.
ولا يمكن لأحد أن يستبعد قيام إيران بتلك الخطوة؛ رغم كونها محفوفة بالمخاطر. لأنه حتى لو عادت إيران إلى نفس مستوى تخصيب (اليورانيوم) الذي كان ساريًا قُبيل إبرام الاتفاقية، فإن ذلك سيشكل انتهاكًا صارخًا لبنود الاتفاقية المذكورة، مما قد يدفع الدول الأوروبية للانسحاب منها، بما يعني الإنهيار التام للاتفاقية النووية. وقد تؤدي الإجراءات الإيرانية الرامية إلى تحقيق مستوى أعلى من التخصيب، إلى قيام إسرائيل أو الولايات المتحدة الأميركية بشن هجوم عسكري ضد المواقع والمنشآت النووية في إيران.
هل ستقبل إيران التفاوض من جديد ؟
الاحتمال الثالث أمام “إيران” للرد على “العقوبات الأميركية”، هو – في نظر المحلل الإسرائيلي – أن توافق طهران على التفاوض مرة أخرى لإبرام اتفاقية جديدة بمشاركة أميركية.
غير أن إيران قد سبق وأعلنت عدم استعدادها للقيام بذلك. لكن إذا ساءت حالة إيران الاقتصادية، وخشي النظام من اندلاع اضطرابات داخلية قد تزعزع استقراره، حينئذ ربما ستضطر طهران في نهاية المطاف للموافقة على التفاوض من جديد.
ومن المؤكد في تلك الحالة؛ أن الإدارة الأميركية ستطالب بإجراء تغييرات جوهرية على الاتفاقية النووية، وبالتالي فلن توافق إيران على ذلك إلا إذا أدركت أن الدول الأخرى ستتعهد بأن تكون التنازلات المطلوبة من إيران في حدود استطاعتها وبقبول منها.
وختامًا يرى المحلل الإسرائيلي؛ أن جميع الاحتمالات والسيناريوهات صعبة على “إيران”، لأن قرار النظام في طهران سيكون أمام ثلاث معضلات تتمثل في وطأة الضغوط الأميركية، ورد فعل الجماهير الإيرانية حيال الأزمة الاقتصادية، إضافة إلى مخاوف اندلاع اضطرابات عارمة لا يمكن السيطرة عليها.