18 ديسمبر، 2024 9:03 م

تفوق الذكاء الاصطناعي ومخاطره

تفوق الذكاء الاصطناعي ومخاطره

ان التطور الهائل واللامحدود في مجال الذكاء الاصطناعي قد وصل الى مديات بعيدة حتى اصبح التواصل مع كومبيوترات متعددة وتبادل المعلومات فيما بينها ومعالجتها دون الرجوع الى العنصر البشري مهمة سهلة . كما ان التطور السريع للذكاء الاصطناعي قد اعطى قدرة للروبوت على اتخاذ القرارات وتنفيذها بمعزل عن التدخل الانساني
. . وبعد ان اضيف اليه التعاطف مع البشر ومع الاحداث الجارية اصبح قادرا
على التفكير فيما يشبه الشخص
الطبيعي وبناء الثقة ، كما يقول منشئوها

لقد تم الاعتماد على الحاسوب في جميع المرافق العامة والخاصة تقريبا . ونظرا لوجود مخاطر جدية تهدد الانظمة المعتمدة فيها ، فقد تم وضع قوانين ووسائل لحماية هذه الانظمة الالكترونية من التهكير او سوء الاستعمال . وقد اذاع التلفزيون الهولندي خبرا مفاده ان هناك مخاطر جدية في اقتحام انظمة الوسائط المتعددة المتصلة بالانترنت للسيارات والتلاعب بها . حتى اصبحت السيارة تتعرض لمخاطر جدية دون معرفة المهاجم . وذلك للتوسع الحاصل باستخدام الكومبيوتر في كثير من انظمة السيارات . واحيانا يتم التهكير عليها حتى بواسطة الموبايل الشخصي . مما دعى الى التركيز على الابحاث الخاصة بمكافحة القرصنة . لما تمثله من مخاطر جدية على مستخدمي السيارات وضمان سلامتهم وامنهم .

في وقت سابق من عام 2017 تم تهكير انظمة ويندوز في حوالي 135 دولة ، وتسبب في حدوث مشاكل عديدة ادت الى تعطيل مولدات الكهرباء والاجهزة الطبية في المستشفيات ونظم المعلومات ، قبل ان يتم اكتشافه ومعالجة آثاره . . وفي نفس العام نشرت الواشنطن بوست ان وكالة الامن القومي الامريكي تعرضت لانتهاك امني لاجهزتها وابلغت شركة مايكروسوفت لمعالجة الثغرات في نظام الوكالة . لقطع الطريق امام قرصنتها
وفي 17 فبراير /شباط من هذا العام نشرت وكالات الاخبار العالمية خبرا مفاده ان مكتب التحقيقات الفدرالي الامريكي ( اف بي آي ) وجه التهمة الى 13 مواطنا روسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الامريكية . ويواجه ثلاثة منهم تهمة التآمر من خلال التزوير الالكتروني لهذه الانتخابات ، وذلك بالاستناد الى تقرير السيد روبرت مولر المحقق الخاص في مزاعم تدخل الروس في الانتخابات الامريكية .

لقد اصبح التهكير وجرائم الحاسوب من اكبر الاخطار التي تهدد الجنس البشري ، خصوصا بعد التوسع الحاصل في الفضاء السيبراني . . وقد تطور هذا القطاع بابعاد غير محدودة لا يمكن التهكن في مدياتها ، وليس هناك من يستطيع ايقاف هذا التطور الهائل واللامحدود للكومبيوتر وتطبيقاته المتعددة . مما دعى عالم الفيزياء البريطاني ستيفن هوكينغ للتحذير من خطورة التمادي في الذكاء الاصطناعي على الجنس البشري حيث يرجح ان يحل الانسان الآلي محل البشر خلال سنوات قليلة ، لا بل انه سيتفوق عليه خلال فترة قصيرة وسيصبح البشر عاجزين عن ادارة كوكب الارض .

وتتجلى خطورة الذكاء الاصطناعي ايضا في مهمات التجسس والمخابرات في المجال السياسي والعسكري والاطلاع على البيانات العسكرية والمدنية للدول العدوة والصديقة لتحليلها والاستفادة منها او الحصول على معلومات سرية ودقيقة ، اضافة الى تزوير البيانات الرسمية للطرف المقابل والتلاعب فيها ، كما فتح المجال واسعا لحروب الكترونية سرية لاتحمد عقباها بين الدول .

ان اتساع مجالات علوم الحاسبات اللامحدود سيتطور في القريب العاجل ليشمل مهمات قتالية غاية في التعقيد . ولعل استخدام الدرون او الطائرة من دون طيار لاغراض المسح الجوي في الحروب وقيامها بالتصوير او باسقاط القنابل على العدو يمثل تطورا هاما لمستقبل الحروب في العالم .

ان الامريكان والروس يتسابقون الان على انتاج الدبابات والاسلحة الثقيلة ذاتية الحركة اي الاتمتة الكاملة في ساحات القتال ، دون تدخل العنصر البشري فيها . .كما يتم تطوير روبوتات قتالية ذات مهارات عالية لاستخدامها في الحروب مستقبلا . وقد تم انتاج اعداداغير قليلة منها قادرة على حمل رشاش او قاذفة وتستطيع التصويب بدقة عالية . ويجري العمل حاليا على تطوير هذه الروبوتات بادخال الذكاء الاصطناعي الفائق اليها بحيث تستطيع اتخاذ القرارات بالهجوم او الانسحاب والمناورة بكفاءة عالية . وهي اشبه بما يجري الان من تجارب على السيارة ذاتية الحركة . . ولعل المعضلة الوحيدة الان في تكثيف انتاج مثل هذه الروبوتات هو التهكير او القرصنة عليها مما قد يجعلها اداة قتل معاكسة وخطيرة اشبه بالنيران الصديقة بدلا من توجيهها الى العدو المفترض . وعلى العموم فان المستقبل سيشهد حروبا الكترونية تحل تدريجيا محل الاسلحة التقليدية وستصبح اكثر فتكا وتدميرا .
وازاء كل ذلك نتسائل . . ماذا سيكون موقفنا نحن كعرب ومسلمين
مما يجري حولنا من تقدم هائل في مجال الكومبيوتر والاتمتة الكاملة والفضاء السيبراني الواسع ونحن نخوض مع الخائضين في صراعات مستمرة ، وندور في حلقة مفرغة لانهاية لها من الفعل ورد الفعل ونبحث عن حلول لمشاكلنا المستعصية من الزمن الماضي بدل التطلع الى المستقبل وتطوير منظوماتنا العلمية والثقافية والاجتماعية . اننا سنكون عاجلا ام آجلا امام تحدي كبير للوجود في هذا العالم المتقدم .