لا نريد الحديث عن تاريخ المرجعية الدينية او دورها الريادي في حل المشاكل التي كان يتعرض لها العراق سابقاً وحالياً ، ولكننا نتحدث عن مواقف اتخذتها المرجعية منذ سقوط النظام ولحد اليوم ، وهي تسعى جاهدة الى ايجاد الوحدة بين ابناء الشعب الواحد ، والعمل على توحيد الرؤى والمواقف السياسية لانقاذ ما يمكن انقاذه من بلد حطمته جيوش الاستكبار العالمي ، وجعلته يعود باجياله الى حقبة غابره ، الامر الذي جعل المواقف السياسية للجيل السياسي الذي تسلم زمام السلطة في البلاد يعيد ترتيب افكاره امام المطالب المشروعة للمرجعية الدينية ، ومحاولة النيل منها في اكثر من مرة وعلى لسان ابواقها واصواتها النشاز .
احزاب مابعد سقوط الديكتاتورية ، لم تتعاطى بشكل جدي مع مطالب الجمهور والمرجعية الدينية العليا ، والتي كان المعول عليها ستكون المنقذة لهذا الشعب ، واعادة بناء المجتمع العراقي ، ولكن وبعد مرور اكثر من خمسة عشر عاماً على تسلم الاحزاب للسلطة لم نرى اي تقدماً في بناء الدولة ، او وضع اسس سليمة في بناء الدولة .
المرجعية الدينية ومن على منبر الجمعة نادت وتنادي بالاصلاح والتغيير واطلقت الكثير من الرسائل ولكن دون جدوى ولا سامع لها ، حتى وصل بها الحال الى ان تمتنع عن القاء الخطبة السياسية ، واعلنت المرجعية الدينية ابوابها بوجهه سياسي العراق الجدد ، الذين لم يدخروا جهداً لنصب العداء للمرجعية واعلان موقفهم الرافض لاي اجراء تقوم به في عملية الاصلاح السياسي والاقتصادي للبلاد .
الخطاب الاخير للمرجعية ومن على منبر الجمعة في الصحن الحسيني المطهر كلن واضحاً ، وكان رسالة واضحة في ضرورة اعلان الحرب على الفساد او سيكون هناك موقف اخر ، وان موقفها سيكون مبنياً على الاجراء الذي ستتخذة الحكومة أنذاك ، الى جانب ضرورة كشف ملفات الفساد الخطيرة في الدولة العراقية ، وعلى طول فترة الحكومات المتعاقبة على حكم البلاد ، والكشف عن الحسابات الختامية للموازانات السابقة والاعلان عنها بصورة شفافة .
بالتاكيد ستبقى الاصوات الخبيثة الداعية الى عدم تدخل المرجعية الدينية في الشأن السياسي ، وان تكتفي بالدعوة الى الانتخابات وترك الباقي للذئاب والافاعي والثعالب وهي تنقض على مصالح البلاد والعباد وهذا الامر ليس سهلاً ، فهناك دوائر في الداخل والخارج تعمل على ابعاد المرجعية الدينية والحوزة العلمية في النجف الاشرف من ممارسة دورها الابوي والمحافظ على مصالح المسلمين في البلاد ، لتبقى عرضة للنهش والسرقة من سياسيه ، وان الذين يدعون الى عدم تدخل المرجعية الدينية والحوزة العلمية في الشأن السياسي ، لديهم الخوف والرعب من استثمار الثقل الديني في انجاح العملية السياسية ، كون المرجعية الدينية تمتلك هذا الثقل والامتداد الاجتماعي ، لذلك يطرح هولاء السياسين فكرة لا تدخل للمرجعية في الشأن السياسي حتى تبقى الساحة فارغة امامهم ، وهم بذلك يريدون ان تبقى امة كامله امام مرمى السهام والغزو الثقافي والاتجاهات العلمانية ، اي بمعنى اخر هو بقاء هذه الامة بدون حامي لهدفها ومصالحها ، لذلك فان عمل ووظيفة المرجعية الدينية الى جانب دورها القيادي الديني هو حماية المصلحة العليا للبلاد والعباد كافة .