أثبت العرب بأنهم من أمهر الخياطين الذين يخيطون ما يصممه الآخرون من خطط وبرامج , وما أكثر المصممين والتصاميم المتوافدة على أرض العرب , وما أكثر الخياطين الذين يجيدون إنجاز العمل بأسرع وقت وبقدرات فائقة وفعالة.
كل ما يجري في الأرض العربية مصمم وجاهز للتنفيذ , والعرب يتنافسون على تنفيذ التصاميم وتحويلها إلى موجودات واضحة ومؤثرة في الحياة الدامية في أروقة بلدانهم.
فلماذا يجيد العرب الخياطة والتنفيذ , ولا يعرفون التصميم؟!
هل لأنهم توارثوا سلوك التبعية والعجز وعدم القدرة على صناعة الحياة , والإمعان بالتغني بما يساهم بتدميرها وتقليل أهميتها , والتيقن بفنائها , فلا معنى لأي شيئ فيها , مادام البشر يموت , وكأنه جاء للدنيا لكي يحقق هذه الغاية , مما دفع إلى إشاعة ثقافة الموت في ديارهم.
العرب من أغرب الأمم في هذا السلوك الذي يندر وجوده في مجتمعات أخرى , فهناك العديد من المجتمعات التي تم إحتلالها في السابق من قبل قوى كبرى , لكنها ما أذعنت وإستسلمت وخنعت , وفقدت قدرات صناعة الحياة وما أجادت الخياطة والتنفيذ , وإنما التصميم والإنجاز وفقا لمصالحها وتطلعاتها الوطنية.
العرب من الأمم الفريدة في الدنيا بهذا التفاعل الغريب الذي جعلهم أمة واهية , وهي تمتلك أكثر من ثلاثة أرباع طاقة الأرض ومواردها الطبيعية , وذات موقع جغرافي متميز وموروث حضاري فريد , فهم أقوى أمم الأرض حسابيا , وأضعفهم عمليا , والسبب الأكبر في هوانهم , هو فرقتهم ومعاداتهم لبعضهم البعض , وإستقدام الغريب للنيل من أخيهم , وبهذا السلوك ذهب العرب إلى هاوية سوء المصير.
فما عادت الدول العربية ذات سيادة وعزة وكرامة وقوة وقدرة على الحياة المعاصرة , وإنما معظمها قد صار تابعا , أو محتلا , أو تحت الإنتداب , وبعضها تحولت إلى قواعد حرة لدول كبرى , فلا حول ولا قوة لأية دولة عربية , ولا قابلية على إتخاذ قرار رشيد , وإنما معظمها في حالة دفاعية أو تم دفعها إلى منزلقات لا مخرج منها.
فالعرب اليوم يقتلون من بعضهم البعض ما لا يصدقه أي عدو لهم , بل أن الحكومات العربية تقتل شعبها , وأكبر دولهم منهارة بلا قدرة على تحقيق الأمن والحفاظ على البلاد من الذين يعيثون فيها فسادا ودمارا وقتلا للعباد.
ولايمكن فهم هذا السلوك إلا تنفيذا لأجندات وخياطة لتصاميم أزياء يتم إرتداؤها والظهور بها , على أنها الزي الذي يجب أن يسود ويعبّر عن ثقافة الحياة الجديدة المطلوبة لتحقيق مصالح الآخرين فحسب.