تباينت آراء المواطنين بين مؤيد ومعارض لطريقة تشكيل الوزارة المقبلة ،فمنهم من رأى أن سلامة البلاد تكمن في إشراك جميع المكونات بالتشكيلة الوزارية حفاظاً على التماسك الوطني ! ،وآخر رأى أن العودة إلى “شراك” التوافق والمحاصصة السياسية أو ما يصطلح عليه دستوريا “التوازن ” ! سيعيدنا إلى المربع الأول ولن نتمكن من تحريك قانون واحد يخدم مصالح الشعب، وبين الرأيين المتعاكسين يبرز رأي مغاير لهما تماما يرى أن المشكلة تكمن في “وهن” القانون الإنتخابي “الأس ” الذي أفرز قوى سياسية متباينة في المنهج ومتقاربة في المقاعد ،ما جعل الوصول إلى الكتلة النيابية الأكبر مهمة غاية في الصعوبة تتطلب تقديم تنازلات كبيرة وغير مبررة ستضر بمصالح البلاد وتسمح بتمادي بعض المكونات على حقوق مكونات أخرى تحقيقا لمبدأ “التوازن” الذي نحسبه “السوط” الذي ضرب به أبدا ظهر الحقيقة ،واليوم تلوح فيه قوى كانت ترى في وحدة العراق أمرا “سيئا” يضر بصالحها التوسعية ،وأن من حقها تقرير مصيرها ! ،و الانفصال عن الوطن الذي لم يعطها حقوقها الدستورية على حد زعمها .
السباق “السياسي” المحموم الذي تدور رحاه في الأروقة والكواليس ،الذي تجريه القوى الفائزة اليوم يشير كما هو ماثل إلى وجود إرادتين سياسيتين تبحث كل واحدة منهما عن تنصيب “الرمز ” وليس “المشروع” وشتان بين المسعيين ،بمعنى “تنصل” هاتين القوتين عن مشروع صناعة الدولة وتطلعها لوصول الرمز و طاقمه الحزبي إلى الحكم ،ما يعني ضياع دورة وزارية بين مد وجزر وتجاذب ومصالح ونفوذ وهيمنة ،سيما أن المؤشرات تدل بوضوح أن الإنتخابات الأخيرة حملت طابعا “مناطقيا” وبعدا “براغماتيا” ،ما يعني ولادة مشوهة لشكل الوزارة وسنلحظ تجاذبا مفزعا وأرادات متباينة وأداءا ضعيفا.
هل تدرك هذه القوى السياسية الجديدة المتسابقة أن الشعب لم يخرج ليرى مشهدا من مشاهد صراع النفوذ ؟؟ ،بل المغزى من وراء الخروج والانتخاب هو رؤية مشروع الدولة عمليا ليحصل كل ذي حق على حقه في العيش والأمن والرفاه وليس ليبق المواطن ورق إقتراع ً تنتهي صلاحيته بمجرد إغلاق الصناديق.
المعول على القوى المدنية الصاعدة مضاعفة “الكفاح السياسي” و السعي إلى كبح جماح “الطمع السياسي” و “بوليميا القادة ” ، والمتوخى منها تحقق عمليا تمثيلها لإرادة الشعب وتشكل قوة جماهيرية مختزلة تحقق الطموحات ،وتنهي صراع الإرادات المشين ،وتعيد للفرد العراقي عافيته وكرامته وحقه في الحرية والعيش ، ولتكن قوة نيابية ضاغطة “متمردة” على الفساد السياسي ،وبارقة أمل صانعة للتجدد السياسي ومنبرا للمشردين والجائعين الذين ملؤا الإرجاء جراء تمدد “الفساد السياسي” في أطهر بقعة على وجه الأرض (العراق )