23 ديسمبر، 2024 11:10 م

الخلل بين ظهرانيكم!!

الخلل بين ظهرانيكم!!

يجيد السياسيون في العراق لعبة الهروب الى الأمام، في كل أزمة داخلية مفتعلة أو مبرمجة، بعد أن استحق العراق رقما متميزا في موسوعة ” غينيس” للارقام القياسية بسبب السقف المفتوح لللأزمات والخلافات بين أركان عملية سياسية لم تلد بعد، ومع ذلك  يعدونها نموذجا في المنطقة، رغم أنها أصبحت وسيلة ايضاح لتخويف الأخرين من اعادة استنساخها!! مقابل ” قدرة  فائقة” على رمي أسباب الفشل على حبال غيرهم، فيما العلة بين ظهرانيهم حيث لا يلتقون!!
ولكي نقف على عوامل الخلل المتجذر في العراق منذ 10 سنوات، لابد من الاعتراف بان رحم الاحتلال لم ينجب يوما ديمقراطية أو تداولا سلميا للسلطة ، ونتيجة لذلك يتعكز ” أصحابه” على أوهام كثيرة،  ينفذون بنود دستور تم تفصيله على مقاسات مصالح الاحتلال المستقبلية، لذلك يتناحرون ويلتقون، يشتمون بعضهم ويتعانقون في مفارقة علاقات انسانية غريبة عن العراق ومزاج شعبه، يتوهمون ان نشر كل الغسيل هو من مستلزمات العمل “الديمقراطي”، فيما تجربة العراق السياسية وطبيعة تفكير شعبه ليست الأرضية المناسبة لهذا المنطق، بوصفه تقليد أعمى لتجارب مختلفة في النوايا والنضوج، فما ينطبق على باريس أو واشنطن لن يجد قبولا في بغداد أو البصرة، لاعتبارت كثيرة جدا.
  والأخطر أن فرقاء السياسة عندنا يقولون أنهم يريدون عراقا قويا متماسكا ، ويحملون معول هدم ، يلقون على عاتق الأخرين مسؤولية فشلهم، فيما المشكلة بين ظهرانيهم، سياسيون يجيدون خلط الأوراق ، و اثارة المشاكل مع الجميع وكأنهم يديرون متجرا للخردة، يعلنون شيئا وينفذون غيره، لذلك تتكدر النفوس ويزداد المشهد سوداوية، فما يهمهم هو جاه مكتسب بسوء الطالع، وصراع ديكة لم يتعلموا فيه مباديء اللعبة، مقابل تغييب متعمد حد العظم للمشروع الوطني الحقيقي، مقابل مغامرات سياسية هي أضعف بكثير من مهمة النهوض بوطن!!
هل من المعقول أن يتحول الاتهام  والتخوين والفساد الى مفردة حكم يومية؟ وكيف ننتظر انفراجا من سياسيين يكرهون بعضهم، ويبتكرون كل مبررات وأساليب التسقيط الشخصي والفئوي، يلهثون وراء مهمة تحويل العراق الى بلد للمكونات الفئوية، التي تزيد الفرقة وتعمق الاحتقان، ومع ذلك يحملون غيرهم مسؤولية انصهار الذاكرة!!
نحن نعرف جيدا سعادة بعض الأشقاء والأصدقاء بتدهور الأوضاع في العراق، و وقوفهم وراء المزيد من الفوضى وشراء ذمم الفتنة، مثلما نعرف جيدا أن الهاء العراق بمشاكل داخلية من بين مخططات خطيرة ينفذها لاعبون من الداخل والخارج، وفي المقابل فان كل هذا ما كان ليحدث لو أن السياسيين في العراق نضجوا بما يكفي، و توحدوا في أنفسهم بلا عصا خارجية، واجتمعوا على حب العراق لا على ذبحه ليل نهار، وتفرقوا احتراما لهيبة وطن وأمة، بدلا من التناخي لزيادة الخناجر في النفوس، و بناء مقصلة ذبح العراق و أهله!!
ينشرون على واجهات العراق كل أنواع الزجاج ، و يطلبون من المهووسين بجمع الحصى 
عدم تصويبه، وكأنهم يجهلون أن مهمة هؤلاء كانت وستبقى مخصصة لسرقة ابتسامة العراق، وخلخلة وحدته ونسيج شعبه، فماذا فعلتم ايها السادة لاجهاض هذا المخطط؟ سؤال لن يجيب عنه السياسيون في العراق لانهم مشغولون بما هو أهم ،   ” غطرسة” شخصية في غير محلها، وعلاقات متشنجة لا تليق برجال على عاتقهم شرف قيادة العراق وتخفيف هموم شعبه، بينما يعزفون على وتر الشحن الطائفي للتغطية على الفشل و ” عبادة ” الكرسي، مثلما  هو الحال بالنسبة لمهمة تغييب هيبة الدولة العراقية من خلال مؤسسات عبثية مهمتها خلط الأوراق و ذبح  مشاعر الناس على الهوية!!
ولكي يعرف كل ذي حق حقه، ولكي لا تخذلنا مفردات ألسنتهم مرة أخرى، ولكي نحافظ على عهد الوفاء لأخوتنا، ولكي ولكي، فان العراقيين مدعوون أكثر من أي وقت مضى لمقاطعة كل السياسيين، على خلفية خروقاتهم و تمسكهم المزمن بمواقع مسؤولية لجمع الأموال دون غيرها، ومجاملة الغريب على حساب أبن الدار، والتفنن في ايقاض الطائفية والتخويف بها ومنها في وقت واحد، فاغسلوا أيدكم منهم يا شعب العراق، وعاقبوهم في انتخابات محافظاتكم، كي لا يحلمون بغيرها، طالما أثبتوا عدم الخوف على العراق وأهله!!و اذا لن تفعلوا ذلك فانكم تضفون عليهم شرعية في غير محلها، تغطي على مشاريعهم المذهبية والشخصية، التي ستدفع العراق الى مفترق طريق المتاهات!!
رئيس تحرير” الفرات اليوم”
[email protected]