ذات مرة حضرتُ ندوة فكرية (حسب الإعلان)، فبدأ الضيف وهو حاصل على عدة شهادات في الفلسفة والدين، كذلك هو طالب حوزة دينية يرتدي العمامة البيضاء، وقد تم تقديمهِ من قبل المشرف على الندوة للحاضرين، ليبدأ بعدها حديثهُ…
كان حديث الشيخ حول الوضع العراقي العام بعد عام 2003م، فبدأ الشيخ يُنظَّر لمفهوم الدين لا سيما الأسلام(الأصح لنظرية تؤمن بها بعض الفرق الإسلامية)، ويُبيَّن فضل الأسلام وتعاليمهُ، ثُمَّ أسهب وركز على مفهوم الحرية والتحرر، وبأن الإسلام قد حرر الناس من عبادة الأوثان، ولم يَمُر بشخص النبي سوى مرة أو مرتين، بل ذكر شخصيات معاصرة وركز على أحدها(لا أُريد ذكر أسمهُ لآنهُ سيخرجنا عن موضوع المقال)، مما أثار إمتعاضي، ليس لعدم ذكرهِ صاحب الفضل الأول والأكبر(محمد بن عبدالله _المحرر الأعظم والرسول الأكرم_)، بل لأنهُ راوغ في كلامهِ ليستغفل الحضور، فيوهمهم بما يُنظَّرُ من أجلهِ.
إنتهى كلام الشيخ، وبدأ المايكرفون يدور بين الحضور، لسماع مُداخلاتهم وتعليقاتهم على كلام الشيخ، وصل المايكرفون عندي فكانت مداخلتي، قلتُ: أعتقد أن الأسلام لم يحرر الناس من العبادة، بل أخرجهم من عبادة المُتعدد إلى عبادة الواحد، بمعنى أنهُ أخرجهم من عبادةٍ فأدخلهم في أُخرى، وأن ما حصل من تغيير في حالهم وأحوالهم إنما بعبقرية المحرر الأعظم(النبي محمد)، لا سيما أن بعد موتهِ بقي الإسلام، لكن تسلط قريش على إدارة الحكم تحت عنوان الخلافة، وعودتهم إلى ما نهو عنهُ، تدهور حال المسلمين، بالرغم من وجود الثائرين المتكلمين، العاملين المخلصين لمبادئ الأسلام التي أرساها نبيهم، أمثال أبي ذرٍ الغفاري الذي إنتهى بهِ الحال أن يموت في منفاه الربذة.
فطلب الشيخ المايكرفون بسرعة، وتصورت أن لهُ رداً قوياً على كلامي، فقال: إن الأسلام يتعرض لهجمةٍ شرسةٍ وهذا الكلام يضر ولا ينفع!
ما جعلني أذكر هذه الحادثة الآن، أن الأحزاب الحاكمة تدَّعي أنها حررتنا من حكومة الدكتاتورية أو ساهمت في تحريرنا، لكنها في نفس الوقت تسلطت علينا، فهي كما قلنا إنما أخرجتنا من حكومة الحزب الواحد إلى حكومة التعددية الحزبية! فعاد الظلمُ إلى ما كان عليهِ وأن أختلفت الصور، وهذا أمر طبيعي لأختلاف الزمان والمكان.
بقي شئ…
إن ما ينقصنا حقاً ليست الأفكار والقوانين، إنما ينقصنا مَنْ يؤمن بها وقادرٌ على تطبيقها، كما فعل المحرر الأعظم محمد بن عبدالله.