بعد مرور 35 عاما على حملة الانفال يعود المشهد النضالي الكوردي الى الواجهة ليسلط الضوء حول ما حصل وما جرى في 1988 فالعالم في ذاك الوقت لم يلبي نداء الانسانية لكن بعد التحول الثوري للقضية الكوردية في 1991رفع العالم الغطاء عن تأريخ امة استباح دمها بالرصاص بالغاز السام بالتعذيب بالتهجير بالقتل على الهوية ومنها انطلقت محاولات اممية الهدف منها احياء قضية الشعب الكوردي الذي تلقى العون والمساندة والنتيجة حصول الاكراد على بعض حقوقهم المسلوبة ..
فبعد مرور اكثر من عقدين ما زال الكورد يخوضون تجربة عسيرة مع الحرية فحلم الاستقلال كانت صرخة مدوية وملايين الكورد قالوا نعم لكن العالم وقف امام المشروع سياسيا واقتصاديا لكن عزيمة واصرار القيادة الكوردية الحكيمة وعلى رأسها قائد الامة مسعود البارزاني كانت اكبر واعظم من هدم دعائم الاستقلال فالقضية ثابتة والملف ساخن لكن معايير السياسة الدولية تقتضي السير على نهج اخر انطلاقا من مصلحة المنطقة حسب معايير الدول العظمى فهي تمر بمرحلة صعبة كالحرب على الارهاب وفقدان التوازن الاقليمي لبعض البلدان المجاورة وصراع البقاء والوجود لهياكل عقائدية طائفية قومية تنتشر في كل جانب وضفة على حدود كوردستان …
لكن هذا لم يمنع الاكراد حكومة وشعبا من مواجهة التحديات والمصاعب وبما ان رحلة الحرية بحاجة الى تضحيات جسام فالثورة الكوردية بدأت بالدم والهوية والتراب ونجحت في وضع صمام امان وقاومت الازمة المالية بذات الحركة الثورية التي يتصف بها الكوردي وبين هذا الحدث وذاك المشهد يواصل الكورد احياء مراسيم تأريخهم مع الكرامة والشرف والشموخ فحملة الانفال التي نفذتها قوى البعث الظلامية بحق الاف البارزانيين الثائرين في نهاية الثمانينات اصبحت شعلة وهاجة لا يمكن ان تنطفىء او تخمد نيرانها فالاعوام تمر والتواريخ تغير جلدها لكن ذكرى الانفال وحلبجة والهجرة المليونية وغيرها حاضرة بروح ثورية وجسد فولاذي فبعد مرور 35 عاما على الابادة الجماعية للامة الكوردية يقف البارزاني على حافة الذاكرة في بارزان الثائرة …
وانا اتابع مراسيم احياء ذكرى الانفال نظرت بعمق الى ملامح البارزاني حينها تملكني شعور عظيم بالفخر والكبرياء وصرخت صامدون ونبقى ايها القائد فلاشيء يضاهي القيمة التي يحملها الثوار ولا شيء يخترق العقل والقلب سوى سطور خالدة تحكي فصول الكفاح والفداء لاسرة اسمها ال بارزان ..
حفل الذكرى الاليمة كان كبيرا فالحضور رسمي والوفود والشخصيات وممثلوا الاحزاب وذوي الضحايا جاءوا من كل حدب وصوب الصورة كانت مباشرة تنقلها وسائل الاعلام لكن جل تفكيري وتركيزي كان منصبا على الكتلة الثورية التي تشع في كاريزما البارزاني وبينما انا غارق في وصف المشهد توجه فتى الى البارزاني تحدث معه صافحه قبله احتضنه وجلس على كرسي مجاور لكرسي القائد وما هي الا لحظات وبكى القائد ظل يحيط بالفتى بيده ويذرف الدموع حينها عرفت انه احد ابناء الشهداء من بعدها قام الفتى لكن بما ان البساطة والتواضع والترفع عن الكبرياء سمات الرئيس مسعود بارزاني فرحيل الفتى لم ينهي حالته الانسانية الثورية فدموع الهوية والتراب لم تفارقه…
السؤال هو ..
هل هناك جسد تسكنه الروح يتحمل هذا المشهد
قائد ثورة وابن شهيد
لحظة انسانية تختزل معاني الحنان والنضال
فالصورة الحية تعانق الضمير والاخلاقيات فهي مؤلمة حزينة تحمل وجع امة بأكملها لكنها مليئة بالعطف بالرحمة وهذا يجعل ذات الامة واقفة على قدميها تراقص افق الحرية ..
فعندما ارى هذا الرجل العظيم على الشاشة يخطب او يلقي كلمة او انظر لصورته على احدى صفحات الجريدة او على غلاف مجلة او في اي موقع اعلامي انهار وافقد التوازن مع العالم يسقط القلم ذاكرة الحرف تضيع في دهاليز النسيان وابكي فرحا وسعادة وسرورا اشعر ان لي ابا عظيما واخا كبيرا واسرة بحجم قلب بارزان النابض بالمجد …
بينما هذا المشهد اتخذ منحى اخر تخطى الخطاب والكلمة والصورة الصحفية انه لقاء حي حر عفوي مجرد من الاضواء ملتهب بالمشاعر والاحاسيس بين القائد وابن شهيد لغة التواصل كانت دموعا ملهمة بالتضحيات والبطولات ..
رفعت يدي للسماء طلبت من سيد الكون ان يحقق امنيتي بلقاء البارزاني كي احضنه اقبله كهذا الشبل الكوردي واتلو حرفي امام كتلته الثورية المشعة في كاريزما الاباء والتحدي التي يحملها في روحه فاللقاء بثائر انساني كبير دافع عن شعبه قاوم الاعداء بعقيدته وانتصر على الفاشية ثراء لا متناهي للفكر واشباع لامحدود للقيم والمبادىء …