22 نوفمبر، 2024 10:29 م
Search
Close this search box.

المرجعية مؤسسة مستقلة

المرجعية مؤسسة مستقلة

قال عزّ من قائل” ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ, بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ, لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ_ الآية 41 سورة الروم.

الفساد تلك الآفة القاتلة, التي لا تبقي ولا تذر, إنما هي من صنع الناس, وقد حذر منها الخالق جَلَّ شأنه, للمحافظة على كل القيم الإنسانية.

حَددَ الباري جَلَ شأنه, ضوابط لكل أمرٍ, وأرسل الأنبياء والرُسُل, لشرح كل صغيرة وكبيرة, لتنظيم حياة بني البَشَر, لحماية أنفسهم ومن معهم, من الموبقات, وقد قال رسولنا الكريم, عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم” من استخف بصغائر الأمور, هانت عليه كبائرها”.

العراق هذه البقعة الغنية بثرواتها, وما تحويه من كنوز إلهية, يسيل لها لعاب الطامعين, فما بين الاِحتلالات الخارجية, شرقية وغربية شمالية وجنوبية, إضافة لضعفاء النفوس من الذين, سيطروا على ثروات البلد, فحكموه بالنار والحديد, للسيطرة على ما تصل له أيديهم الآثمة, تحت سقف قوانين يقومون بسنها, لا تخدم سوى مصالحهم الشخصية.

بعد المعاناة المريرة, التي مرت على المواطن العراقي, لأكثر من أربعة عقود, تحت حكم فردي وانقلابات عسكرية, سقط أعظم طاغية وتهاوى عرشة, من قبل أعتى جبروت عالمي, ليخرج شعب العراق, وكأنه خارجٌ من مقبرة قديمة للحياة, متأملاً الحصول على الحرية, والعيش الكريم, وبدلا من أن يتم تنصيب البديل, من قبل قوى الاستكبار العالمي, فقد تفاجأ العالم, باستفتاء من قبل المرجعية, في النجف الأشرف باستفتاء شعبي؛ ليحدد نوع النظام الجديد أبناء البلد, كي لا يكون استبدالاً شكلياً, ولا يصار لحكمٍ دكتاتوري جديد.

ظهرت على السطح فجأة, فئة معارضة لم تُشارك بالحكومة الجديدة, بحجة أنها شُكلت تحت الإحتلال, وفئة أخرى حاربت النظام الجديد, لاتهامه بالطائفية فساد العراق, فترة من القتل على الهوية, في ظل غياب القانون, وضعف القوى الأمنية, ليصار بعد قناعات متعددة المشارب, بمشاركة الجميع في تشكيل الحكومات, إلا أن أغلب من شاركوا, لم يكونوا مشاركين لخدمة المواطن, بل للاستحواذ على أكبر قدر من الثروة؛ من خلال الهيمنة على المناصب.

ألمرجعية الدينية منذ ذلك الوقت ولا زالت, تُصدر وصاياها العامة التي بدأتها, بالحكام من الساسة العراقيين, لتقديم ما هو مطلوب منهم, من خدمةِ المواطن, وعدم سن قوانين يثرى من خلالها, من تسلق سدة المسؤولية, بينما يعاني الأغلبية من الشعب, شظف العيش وانعدام الخدمات, في واحد من أغنى الدول, إلا أنَّ المتصدين من الانتهازيين, لم يرعوى لتلك النصائح, بل تمادوا بغيهم.

عقد ونصف مضت, دون تقديم ما هو مطلوب, فلا السياسي عَدَّل من مساره, ولا المواطن أحسن اختياره, رغم ان المؤسسة الدينية أوصت الشعب, بعدم انتخاب الفاسد والفاشل, وأن تُحسن الاِختيار, وقالت مقولتها” المُجرب لا يُجرب” وتقصد به المجرب الذي لم يقم بواجبه, وقالت أيضا” كيفما تكونوا يول عليكم”, بكلمة تحذيرية, لما سيكون بعد الانتخابات.

لم يلتزم أغلبية الساسة والشعب, بما توصي به المرجعية الدينية, فحملة التشويه التي قادها الفاسدون كبيرة, تحت أيديهم المال السحت, الذي استعملوه دون رادع, رغم ما نرى من مظاهر الإيمان الزائف, وأكبر دليل على ذلك, الإعلام التهكمي على المؤسسة الدينية, ناكرا لجميل وصاياها.

خلال خطبة الجمعة 27/7/2018, أصدرت المرجعية وصاياها للمرحلة القادمة, ولتثبت لجميع المشككين باستقلاليتها, ووقوفها مع الشعب العراقي, من خلال تأييدها للتظاهرات السلمية, وتحذي الساسة من عدم تقديم الخدمة المطلوبة, وسن القوانين المنصفة, لجميع أفراد الشعب العراقي.

خلق المُدبر للكون الإنسان, ووضع في رأسه جوهرة, يحاسبه عليها يوم الدين, فهل سيعمل الساسة والشعب, بما أراده الخالق؟ فالمرجعية الدينية واجبها التوجيه والتوصية.

قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا, كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ, كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ_ الآية 42 من سورة الروم.

أحدث المقالات