المجتمعات المحظوظة تولي أمر قيادتها لأذكيائها , والمغضوب عليها يتولاها الأغبياء من أبنائها .
والذكاء والغباء يمكن تقديرهما من القول والسلوك , ومن تقييم الخطابات والأفعال المتصلة بهما , والمتقاطعة معهما , ويمكن الجزم بأن مجتمعاتنا ترزخ تحت إرادة أغبيائها , ولهذا يتم معاداة الأذكياء ومطاردتهم وتهجيرهم لكي تكون الساحة حرة لسلوك الأغبياء.
وهذه العلة السلوكية تسببت بتداعيات وخيمة وتفاعلات رجيمة ذات توجهات خسرانية فادحة ومدمرة وخطيرة.
ولو تأملنا الواقع في عدد من الدول العربية كالعراق وسوريا وليبيا واليمن , لظهر جليا أن الأغبياء هم سادة الحالات فيها , وأنهم لتماديهم في الغباء أخذوا بلدانهم إلى قيعان الذل والهوان , فحولوها إلى ميادين مفتوحة للآخرين الطامعين فيها والساعين للإستحواذ على مقدراتها , فحوّلوا دولهم من كونها قوية وذات سيادة , إلى موجودات متناثرة مرهونة المصير بالقوى التي إستثمرت بغبائهم وحققت أعظم النتائج المتفقة مع مصالحها المتنوعة.
بل أنهم لشدة الغباء صارت دولهم ركاما وأنقاضا!!
فلا يمكن لمجتمعات ترهن مصيرها بالأغبياء أن تكون ذات قدرة على الحياة المعاصرة , وإنما سيسودها الخراب والدمار ويعتريها الفساد والقهر بالحاجات , وسيطبق على أيامها الحرمان والإمتهان السافر الذي يتعارض مع حقوق الإنسان.
وعليه فأن هذه المجتمعات لكي تمارس حياتها وتؤكد وجودها الواضح المعبر عن جوهرها وكينونتها الحقيقية , عليها أن تستعين بأذكيائها وتبعد أغبياءها عن مراكز القرار.
قد يقول قائل هذا إتهام غير مشروع , لكن الواقع الأليم السقيم يؤكد قطعا أنه من نتاج الإغبياء , ولا يمكن للأذكياء أن يأخذوا مجتمعاتهم إلى المصارات التي أوصلوها إليها أغبياء الكراسي , الذين يتفاعلون بعواطفهم وإنفعالاتهم وضيق أفق رؤاهم , ومحدودية عقولهم المعممة بالضلال والبهتان والمفعمة بالجهل المرير الذي يتسبب بسوء المصير , فالقرارات لها نتائج وتداعيات وكلما إزداد أصحاب القرار غباءً تفاقمت النتائج الوخيمة السوء والبلاء.
ولهذا فأن ما يتحقق في واقعنا ما هو إلا شهادة إعتراف بسيادة الغباء وتسلطه على المصير!!
فهل من عودة إلى مواطن الذكاء لكي نكون؟!!