16 نوفمبر، 2024 1:27 ص
Search
Close this search box.

بغداد الثقافة  وقيامة الشاعر العراقي اليهودي انور شاؤول 1904- 1984

بغداد الثقافة  وقيامة الشاعر العراقي اليهودي انور شاؤول 1904- 1984

ياجرح الجديد الفززت نوحي
بعد مالك مكان بزحمة اجروحي
شوفت عينك اني مطرز اجروح
واذا عن البجي تسألني والنوح
بقت بس دمعة وحده وضامها الروحي
ياجرح الجديد اشلون وياك
اجيت بوكت بي ما يلتكَه دواك
اطيبك بيش والكَبلك بعدهن
جديدات اشكَولن هاذه حدهن
بقت بس دمعه وحدة وضامها الـ روحي*
لاحظ  المدعوون غياب اسماء عراقية مغتربة من المبدعين العراقيين في مهرجانات  بغداد عاصمة الثقافة  2013! لكن مثل هذه الملاحظة باتت خبزا يوميا ! واذا عتبنا على المسؤولين العراقيين فعتبنا يزيد على فلذة من الشعب العراقي منتمية للثقافة !  والمبدع العراقي اليهودي المنفي قهرا عاد الى الواجهة ! فهاهي الشاعرة والناشطة الدؤوبة امل الجبوري وها هو الإعلامي والناشط المتميز اياد الزاملي يكتبان في غياب المبدع العراقي اليهودي عن مثل هذا المهرجان البغدادي ! والحق اقول ان كثيرا من المنصفين العراقيين قبل الجبوري الزاملي طالبوا بانصاف المواطن اليهودي العراقي والاعتذار له عما حاق به من صنائع الغوغاء الذين اعتدوا على حصانة المواطنة فسرقوا الاموال والنساء واحرقوا العمائر والكتب والوثائق منذ 1936  وحتى ستينات القرن العشرين ! ومن بعد ان شردوا المواطن اليهودي ونهبوه واعنصبوا حقوقه ! التفتوا الى القصور الملكية والاميرية والوزيرية فكانت سانحتهم  التاريخية هو انقلاب 14 جولاي 1958 فقتلوا واغتصبوا ونهبوا  وشردوا العائلة المالكة ومن والاها ! ثم  شجعت الحكومات السابقة هؤلاء الغوغاء ليكرروا  نسخ الجريمة مع ضحايا الحكومات والاحزاب عن شاعت فكرة الفرهود  ولعل ما حل بتجار شورجة بغداد  وسوق البصرة ما يذكرنا بهؤلاء الذين انتقلت جرائمهم من الاجداد الى الاولاد الى الاحفاد ! فاذا سقط نظام صدام نهض الاحفاد ليسرقوا ويحرقوا ويخربوا ويهربو! ومازال هؤلاء ينتظرون السوانح الجديدة فاعتبروا يا اؤلي الألباب ! وجمهور  كتابات وتحديدا الارشيف يتذكر انني كنت من المبكرين في الكتابة عن حق اليهود العراقيين في ان نعتذر لهم شعوبا وحكومات  وان نعيدهم او ندعهم حيث هم ونمنحهم الجنسية العراقية ! وتحية لمن تذكر المبدع العراقي اليهودي التاجر والشاعر والموسيقي والمطرب …. فها انا اعيد النظر في في موضوعة سابقة لتحديثها ونشرها !! نعم فقد كرَّست الدراسات اللاهوتية المقارنة ظاهرة تتمثل في أن جميع الكتب السماوية المقدسة حررت للإنسان و الوطن منـزلة عليَّة! وآية التكريس تتجلى في ذلك الذي أورده القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والكنـزاربا ( كتاب الصابئة )، وقد عززت الدراسات الناسوتية المنـزلة نفسها! فلن تجد ماركسيا أو وجوديا أو متديناً متمدينا أو علمانياً أو وثنياً ….إلخ لن تجد احدا في اي زمان واي مكان يقلل من قَدْر الإنسان اوِ الوطن أو يهوَّن شأنهما  !  !!
والحديث عن أوروك ( الوركاء ) أو عروق أو عراق : يكتسب لهبا مقدسا مختلفا على نحو ما!! فثمة و حدة بين الانسان والوطن والخلود ! كل يعود الى بلاده : جلجامش الى اوروك والسموأل بن عادياء الى العراق وامرؤ القيس الى كندة ! هل قلت السموأل ؟؟ هو يهودي جاهلي !! قال في الوطن وحبه وقداسته مالم يقله لقيط الإيادي وهو شاعر عربي جاهلي ذاب في عشق العراق فوضع روحه في موقد الوطن! وما زلنا نردد شعر السموأل اليهودي بإعتزاز تام كما نردد شعر ابراهيم طوقان ( الفلسطيني الذي كتب النشيد العظيم : موطني موطني العراقي !!) وقد حالفني الحظ بأن أكون عام 1969 ضمن الوفد العراقي لإتحاد الأدباء العرب برياسة شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري وكان ضمن وفدنا الشاعر العراقي اليهودي الكبير أنور شاؤول إبن الحلة البار!الذي  ربطتني به صداقة حميمة فكنا نجلس معا ونخرج معا وقد علق احد الخبثاء حين رآنا معا ( جاء اليهوديان ! فقال له انور شاؤول بل قل جاء العراقيان ! ) ولن أبالغ إذا زعمت أن هذا الشاعر كان متصوفا في حب وطنه العراق وقرأ قصيدة في حب العراق استدرت دموع الوفود العربية !! ثم ضايقته السلطة الغاشمة  وكانت تتمثل في أحمد حسن البكر و صدام حسين مما اضطره الى مغادرة العراق 1971 ولبث الحنين الى الوطن يعتصر عمره حتى قضى رحمه الله في 14 كانون اول ديسمبر1984 ولعل من باب الوفاء لهذا المثال المشرق في حب العراق أن نتذكر شيئا من قصيدته القافية التي انشدها1969 في قاعة الخلد بحضور الجواهري ونزار قباني واعلام الأدب المدعووين عهدذاك ! انشدها وكأنه ينشج!!:
قلبي بحب بني العروبة يخفقُ وفمي بضادهمو يشيد وينطق
أولستُ منهم منبتاً وأرومةً قد ضمنا الماضي البعيد الأوثق
إذ خطَّ في سفر الوفاء سموأل أمثولة عربيةٌ والأبلق
واليوم نحو المجد نقطع دربنا وإلى الغد الهاني معا نتشوَّق
فعلى الفرات طفولتي قد ازهرت وبدجلة نهل الشباب الريق
حييت ياوطن العروبة من حمى الحسن في أرجائه يترقرق
كم قد هفا قلبي لمطلع شمسه ولكم هداني نجمه المتألق
فنظمت من وجدي به وتعلُّقي شعرا على جيد الزمان يعلق!
وفي أرشيفي (  الذي تركته في العراق وانتظرت اللحظة لمشاركتي غربتي لكن عراقيا اضاعه فاضاعني )  صور تجمعني بهذا العراقي النبيل منها كما اذكر واحدة تضم عبدالله سلوم السامرائي وكان وزيرا للإعلام وسلافة حجاوي وكاظم جواد وانور شاؤول وعبدالإله الصائغ وآخرين!! ولبثت المراسلات بيننا فترة اقامته في لندن ثم انقطعت بعد ان لمح لي انه يدنو من شبح الموت ولكن شبح الموت خجول معه ! !! وكنت أحدس أن حبه للعراق وحنينه سوف يقتلانه وقد صدق حدسي!!
مارس الحكم البائد  ضده صنوف الاهانة والترويع وتعرض للاغتيال مرتين واسقطت عنه الجنسية العراقية مما اضطره الى ترك العراق فاقام في بريطانيا ردحا من الزمن وحيدا فريدا ! ثم هاجر الى اسرائيل حيث لم يمهله الموت فمات في 14 ديسمبر 1984 اي بعد تاريخ ميلاده بيوم واحد فكأن المعنى ان عمره كان يوما واحدا طويلا !!! واريد ان يلاحظ معي القاريء الكريم هذه القطعة الوجدانية وهي تبوح وجد الصلة بين نبض اليهودي العراقي المظلوم وبين الوطن الذي طرده وروعه ! كيف عبر انور شاؤول عن عميق احترامه للاسلام !
إن كنتُ من موسى قبستُ عقيدتي فأنا المُقيمُ بظل دين محمد
وسماحة الإسلام كانت موئلي وبلاغة القرآن كانت موردي
مانال من حبي لأمة أحمد كونى على دين الكليم تعبُّدي
سأظل ذياك السموأل في الوفا أسَعُدْتُ في بغداد أم لم أسعد
وقد لاحظ الشاعر الجواهري الكبير : مذكرات محمد مهدي الجواهري طبعة دار المنتظر /بيروت 1999 ج2 ص85 وهو يتحدث عن حكم الإعدام الذي نفذ بقادة شيوعيين في اربعينات القرن العشرين ( كما كانت أخشاب المشانق الأربعة واليابسة على اطراف بغداد شاخصة وخزيانة في وقت واحد لا لمجرد انها حملت أوزار الأنفاس الأخيرة لشهداء اربعة بل لأنها كانت تحمل الى ذلك رمزا آخر، فواحد منهم كان شيعيا وآخر كان سنيا وثالث مسيحيا ورابع يهوديا) كانت المحاصصة في التضحية للوطن فغدت في التضحية بالوطن . 
انور شاؤول ابصر النور في محلة الكَلج بمدينة الحلة 13 كانون الاول 1904 ونشط في الحلة واشتغل معلما ! ثم انتقل الى بغداد واشتغل معلما في المدارس الاهلية ودخل كلية الحقوق العراقية وتخرج فيها سنة 1931 وكان وطنيا غيورا اسهم في التظاهرات والقى شعره الوطني بين جماهير كلية الحقوق ! وحين صدر قانون الدفاع الوطني سنة 1934 وادخل خريجو المدارس العالية في دورات ضباط الاحتياط سنة 1939 كان الشاعر المحامي انور شاؤول في دفعة تلك السنة وقد كان فخورا بملابسه العسكرية العراقية بحيث التقط عشرات الصور الفوتوغرافية
ولم تكن اسهامات انور شاؤول الوطنية والادبية محدودة فقد شارك في تكريم العلامة عبد العزيز الثعالبي وكذلك دعا في بغداد الى تكريم عاشق بغداد الاستاذ زكي مبارك و كتب قصيدة جميلة في تكريمه عنوانها ورود من ليلى المريضة في العراق وفي العنوان مس بالحكومة العراقية ورثى الزعيم سعد زغلول بقصيدة كما رثى اصدقاءه بقصائد وفاء منهم على سبيل المثال عبد المحسن السعدون وجميل صدقي الزهاوي ومعروف الرصافي كما رثى ابراهيم هنانو كما كتب شعرا في الحرية وفي استقلال افريقيا وحينما نشبت الحرب العالمية الثانية كتب هجاء لهتلر وموساليني ! قال فيه الأديب العربي الكبير احمد حسن الزيات هذا القول ( انور شاؤول ثاني اثنين مهدا لكتابة القصة وعدا رائدين ! الأول محمود احمد السيد ) وقال رائد القصة القصيرة العراقية والقصة الريبورتاج الاستاذ جعفر الخليلي ( انه من اوائل كتاب القصة الحديثة واشهد ان مجلته الحاصد كان لها ابلغ الأثر في تشجيع كتابة القصة الحديثة والفنون الإبداعية والأدبية ) ! نشر انور شاؤول مجموعة مهمة من قصصه التي لبث حتى الآن قسم منها مخطوط وفي رحمة النسيان والعدم ! الحصاد الأول 1930 اربع قصص صحية 1935 قصص من الغرب 1937 في زحام المدينة 1955 ولديه كتاب مخطوط يتضمن( ذكريات بين الوطن والمنفى ) *!! اما  اعماله الشعرية: همسات الزمن 1956 فجرجديد 1983
* اعماله داخل العراق  فهي : مسرحية مترجمة تأليف وليم تل 1932
قصة عليا وعصام 1948 وعملت فلما سينمائيا فيما بعد .
الطباعة وفنونها 1967
قصة حياتي في وادي الرافدين 1980
________________________________________
المصادر وفق اهميتها في الحلقة الرابعة من النص والهامش
* الحطاب . جواد : هل يتذكر حبيبنا جواد الحطاب الليلة الاخيرة التي امضيتها في العراق وانت ياولدي  ورفيقي رتبت حفلة بهذه المناسبة لوداعي  في شقة خالك الشاعر اسماعيل الكاطع وكان المغني  الجديد وقتها كريم منصور ( المغني الكبير فيما بعد )  يغني بس تعالوا وثمة شاب مهذب اسمه قاسم ماجد وكان الراحل الكبير والشاعر الكبير  اسماعيل الكَاطع مقبلا على السهرة سعيدا بزيارتي له قبل مغادرة العراق  ؟؟
 هل تتذكر يا ابو الجود ليل 5 سبتمبر 1919 انني اتذكر الشاب قاسم قرا لي مقطعين  عظيمين  للشاعر طالب عاصي
1 – *غنيمة . يوسف رزق الله . نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق
2 – *بصري .مير . اعلام اليهود في العراق الحديث
3 – *اعلام الادب العراقي الحديث
*انظر الجبوري امل http://www.kitabat.com/ar/page/25/03/2013/10267/ احتفالات بغدادالثقافيةغاب-عنهااهلها-العراقيون-اليهود
*وانظر الزاملي :  إيادhttp://kitabat.com/ar/page/26/03/2013/10306/يهود-العراق-وحنينهم-لوطنهم-الأول.html
4 – *الخليلي . جعفر. القصة العراقية قديما وحديثا
الصائغ . ارشيف الشاعر *

أحدث المقالات

أحدث المقالات