قبل ان يطل الاسلام على ارض الجزيرة العربية لينير الظلمات ويقضي على الانحراف والاستبداد والاضطهاد ليحرر الانسان من عبودية الفرد الى عبودية الله،كان المبدأ السائد في المجتمع( انصر اخاك ظالما او مظلوما)،وهذا المبدأ قمة الاستعباد للانسان حيث تصادر انسانيته ويغيب عقلة،ويتحول الى دمية تحركها رغبات ومزاجات الاخر،لكن عندما جاء الاسلام غيرمفهوم هذا المبدء،فالنصرة تكون مرة على النفس واخرى على الاخر،فحينما يكون عمل وفعل الاخ تجاوز يوجب على اخاه حسب هذا مبدأ ان يرشدة الى خطأ موقفه ويشير علية بالموقف الصحيح،وبعد ان يتخذ الموقف الصائب ولم يرتدع الاخر هنا تكون النصرة للاخ ضد الاخر،وهذا المبدأ بحد ذاته يشير الى الكثير من الدروس والعبر فهو من جانب يدعوا للمشاورة ومشاركة الاخرين،وكذا يحصن الانسان ضد الانفلات والعشوائية والتصرف الارعن،خوفا من ان موقفه هذا يؤدي الى انعزالة وقلة ناصرية بما فيهم اخوته المقربين،ولو عكسنا هذا الامر على القيادة والحكم والتصدي نجده فاعل ويؤشر الى نهج صائب يؤدي الى نجاح القائد والحاكم والمتصدي،ومن نتائجة الوحدة والاستقرار وقوة الموقف وصواب القرار،وعلى هذا اسس العراق الجديد بعد انهيار الصنم،حيث شكلت الاغلبية قطب الرحى في العملية السياسية واشركت الاخرين معها وخاصة الكورد حلفاء التاريخ والتضحية للاغلبية سواء في مواجهة العبث البعثي او حتى في دفاع بعضهم على الاخر في المواقف،ونجحت هذه الشراكة في وضع الاسس الصحيحة لتشكيل الحكومة،حيث كانت القرارات تطبخ في مطبخ الائتلاف الوطني، ومن ثم تناقش مع الشركاء الاخرين، وبعدها تنتقل الى الفضاء الوطني لتقر في مجلس النواب،واما قرارات الحكومة وبالتحديد القرارات المصيرية فهي الاخرى يتم تداولها داخل الائتلاف وتناقش،ومن ثم تعلن ليكون الموقف ازائها موحد ويدافع عنها الائتلاف بكل مكوناته،لذا شهد البلد استقرار سياسي نسبي في حكومة السيد الجعفري،وفي السنوات الاول لحكم السيد المالكي،هذا الاستقرار اثمر عن كتابة الدستور وصدور قرارات لتعويض ضحايا النظام البائد،وغيرها من القرارات التي تخدم الوطن والمواطن،لكن للاسف في نهاية دورة حكومة السيد المالكي الاولى وبالتحديد في السنتين الاخيرتين تغير هذا النهج واصبحت القرارات تتخذ بصورة فردية،وتم تهديم الائتلاف الوطني الذي وصفه السيد المالكي(بان سفينة نجاة للعراق والعراقيين)،ومنها بدأ مسلسل الازمات واخذ التراجع يصيب الدولة بأجمعها،فمجلس النواب اصبح مشلول ولم يشرع اي قانون خدمي،بسبب سيطرة الحكومة عليه وتبعية التحالف الوطني للحكومة وليس العكس،والقضاء وصم بالتسييس واتخذ قرارات عجيبة غريبة لصالح الحكومة،والسلطة التنفيذية تدار بأكثرها بالوكالة وخاصة الهيئات التي يفترض ان تكون كما في الدستور مستقلة،واصبحت الشراكة شراكة غنائم لاشراكة قرار وغدى كل شي في الدولة خاضع للمساومة والصفقات،ولعل تشكيل حكومة من اكثر من خمسين منصب نصفها زائد دليل واضح على العشوائية والتخبط وقلة الشعور بالمسئولية اتجاه الوطن والمواطن،وتوالي الازمات من سحب الثقة الى دجلة وحمرين الى العيساوي وحمايته كلها مؤشرات على الانفراد والمزاجية في ادارة الدولة،وايضا الفساد الذي طال نواب ووزراء حتى وصل للمكتب الخاص لرئيس الحكومة،كلها تؤكد وبوضوح ان المواقف ينبغي ان لاتكون مع طرف ضد اخر،لعدم وجود شراكة في هذه القرارات والاتحولت الى جاهلية وتبعية للفرد،وقليل من يرضى بذلك لنفسه حزب او كتلة او شخص،وعلى هذا فأن مطالبة البعض للكتل والكيانات بأتخاذ موقف لجانب الحكومة في ازماتها مع الاخرين وتبرير ذلك بالخطر على المذهب او القومية هو جهل مركب يدعو الاخرين لمساندة فرد تصرف بأسم المذهب والوطن بمايضرهما والوقوف الى جانبة يعني عزل المذهب وتقسيم الوطن،كما توقع دولته في تحليلة لما سيجري!!!