كثيراً ما سمعنا من الشهيد الحبيب شهيد الدين والوطن السيد محمد الصدر قدست نفسه الطاهرة إن السياسة لا قلب لها وهو بهذا الوصف أعطاها حقها في الواقع والحقيقة إذ هي الرائدة في تطبيق المذهب المكيافيلي القائل ( الغاية تبرر الوسيلة) فهي تستخدم أي وسيلة حتى لو كانت قبيحة عقلاً وشرعاً في سبيل الوصول إلى أهدافها السياسية ولا تعدوا أن تكون كل وسيلة عبارة عن سلاح فتاك يقطع الخصوم السياسيين أشلائاً فمرة بالإشاعة التي تسري في السياسيين والناس مسرى النار في الهشيم ومرةٍ بالتصريحات الفارغة المضمون والمحتوى والتي تربك الخصم السياسي الآخر لتشغله عن الوصول إلى أهدافه السياسية عن طريق الدفاع عن نفسه بالمثل أي بالتصريحات كذلك وأخرى سلاح الملفات الجاهزة بحق أوريد لها باطل أو باطل صرف. وهذه الملفات قد تأجل ريثما تنضج لتأتي أكلها مكراً وخداعاً لا حباً بالشعب بل بمصالحهم السياسية وحباً بالدنيا ومناصبها التي يسعون لها سعيها مستعينين بشعارات براقة توهم الشعب وتجعل السراب بعينيه حقيقة . وهذه الأسلحة معتادة يستعملها السياسيين للحرب على بعضهم واستعمال مثل هكذا أسلحة لدليل قسوة وأنانية وبرهان واضح على طلب المصالح الدنيوية .
ولكن لم اتخيل في يوم أن يبلغوا السياسيين من القسوة بحيث يستعملوا الشعب كسلاح في حربهم الدائرة فيما بينهم وجعل الشعب خادم لسياستهم وأنانيتهم الدنيوية بدل أن يجعلوا أنفسهم وسياساتهم في خدمة الشعب ، وجعلهم حطباً لنار لا تبقي ولا تذر.
ولنا على هذه تجربة عشنها بالحس والوجدان ولا زلنا هو ما جرى بين سياسيين بارزين في العملية السياسية العراقية وهما كلٌ من وزير المالية والمرشح عن كتلة العراقية رافع العيساوي ورئيس الوزراء نوري المالكي وبصرف النظر عما جرى بينهما أو سبب نشوب الخلاف فلنا من هذه التجربة المريرة هو العبرة هي الحرب السياسية الدائرة بين هذين الشخصين والسلاح الذي يستخدماه حالياً هو الشعب مستعيناً كلٌ منهما بالانتماء الطائفي وأعطوا للخلاف الحاصل بينهما صبغة طائفية فالمالكي وكأنه يمثل التشيع والعيساوي يمثل التسنن وبدأ كل منهما يحشد طائفته لأهدافه السياسية اللامشروعة فمن جهة المالكي عدّه نصرة للحق ورفعة للتشيع واجتثاث ظالمي أمس ومن جهة العيساوي هو دفع الظلم والتهميش الذي يتعرض له أهل السنة ونويا كلٌ منهما متوقعة ومعروفة وهي يقيناً ليست مصلحة الشعب بل ضمان كل منهما على التكافئ في المواجهة وفي نفس الوقت دعاية انتخابية ناجحة جداً وضمان وجودهما السياسي فهذا أعني المالكي منذ الآن سمي المختار وذاك العيساوي منذ الآن سمي نعم المدافع عن أهل السنة وليس لهم هناك أي ضمان لانتخابهم الا الضمان الطائفي بل قل المراهنة وأقولها بصراحة بما يصنعوه من كره الشيعة للسنة ومن كره السنة للشيعة وجعلوا كلٌ منهما ينظر أعني الشيعة والسنة للآخر على أنه بعبع المرحلة الحالية والآتية والشواهد كثيرة لا مجال لسردها فهذا الكره المصطنع من قبلهما ومن قبل الكثير على شاكلتهما فهذا السلاح أعني الطائفية هو الضمان لبقاء كرسيهما والدعاية الانتخابية الآتية لهما وليس هناك أي انجاز لهما يذكر للشعب والوطن وإذا كان من إنجار فأين هو يا ترى وأعدّ كلٌ منهما متكأ يتفرجون عن كثب كيف جعلوا شعباً يواجه شعباً.
وهنا أريد أن أسأل شعبي( آسف إني مضطر من أن أتكلم بهذه اللغة) سنة وشيعة أولاد جلدتي أين كانت صرخاتهم حميتهم للحق وأحقاقه للباطل وإزهاقه لما انبرى(المختار أعني من يحسبه المالكي) وعذراً لسيدي المختار سلام الله عليه عندما أعطى قراراً الغى فيه مفردات الحصة التموينية مع العلم إنها شبه معدومة أين كنتم يا شعبي الكرام أين؟! بل أين كنتم عندما الغي قوتكم حقكم فرصتكم من فائض ثرواتكم النفطية ومنعكم من العيش حياة تسودها كرامة الإنسان العراقي والذي بات يعيش أغلب أبنائه تحت خط الفقر والعجيب وصل بكم الأمر أن ينعدم الإنكار والاعتراض حتى بينكم وبين أنفسكم.
ثم إني أسألكم يا شعبي لماذا تكون دائماً الطائفية والاقتتال الطائفي هو المحفز الوحيد لأن تثوروا لأن تضجوا لأن تصحوا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه العراقي ميتاً فكرهتموه ؟
لماذا تصموا آذنكم من أن تستمعوا لنصح من أراد لكم خيراً بحقن دمائكم من نصح أمثال الشيخ عبد الملك السعدي حفظه الله وأمثال السيد مقتدى الصدر أعزه الله تركتم وآسفاه نصحهما وراء ظهوركم واستبدلتم نصحهما بتحريض من هو أدنى . لماذا تقضون على أمنكم واستقراركم بأيدكم وتنفعون عدوكم من حيث تعلمون أو لا تعلمون .
أسألكم يا شعبي يامن يفترض بأن يحمى العراق بكم . لو حصل ما يتمناه بعضكم بل وآحسرتاه يتلهف إليه وحصلت الحرب الطائفية فمن برأيكم سيستفيد؟ أنتم ؟ كيف؟ والمقابر سوف تمتلئ بأجسادكم. من المستفيد أنتم ؟ والسياسيين الظالمين الدكتاتوريين سيبقون وتزيلون وجودكم بأيدكم, واطمئنوا فلن يكون النصر حليفكم بل حليف أعداء الله وأعداء دينكم وقرائنكم ونبيكم وقبلتكم أمريكا وبريطانيا وأسرائيل فبي قتل بعضكم بعضاً سوف ينتصر أعدائكم وما يغيظهم إلا وحدتكم وحبكم لدينكم ووطنكم .
ويجب أن نكون كما قال رسولنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وآله وصحبه المنتجبين ) بما مضمونه (إن مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عضو تدعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )
جعلنا الله خير أمة أخرجت للناس بوحدتنا آمين رب العالمين