20 ديسمبر، 2024 8:49 م

صدقت نبوءة السياب دون تحقيق حلمه !!

صدقت نبوءة السياب دون تحقيق حلمه !!

الشعراء ضمير الامة المعبر عن اوجاعها وامالها وتطلعاتها نحو الرقي ورفعة الانسان وسموه , قد تكون هذه الصفة تجمع كل مثقفي الامة وعلمائها وأدباءها , لكن يبقى الشعر يترجم ما يدور في اذهان الشعب بكافة مستوياته حيث يقول ما لم يستطع قوله الكثيرون .

أ تعلمين اي حزن يبعث المطر ؟

وكيف تنشج المزاريب اذا انهمر ؟

مطر ..مطر ..مطر..

وفي العراق جوع !!!

رمز الخير الذي استخدمه السياب هو ذاته الذي يهددنا اليوم , بشرنا به , فالمستقبل سيكون ممطرا بخيرات السماء التي تضاف الى خيرات ارض العراق التي لا تحصى .. لم يخطأ السياب بل نحن من لم يُحسن التصرف , نحن من حوّل هذه النعمة الى مصدر تهديد جديد يّضاف الى قائمة تهديدات متنوعة .

لم تظلمنا السماء , بل نحن من لم يستثمر سبُل الخير ومصادره , لم نصل الى مستوى الامطار التي تهطل على دول ليس لها ما لنا من الثروات و لكنها لم تعاني مما عانيناه بزخات قليلة اذا ما قورنت بتلك الدول .

انشغلنا بأفعال واقوال جانبية وتركنا ما يجب فعله لذا غرقنا بدماء لم تنقطع بعد ودخان   خنق كل طموحاتنا , هو دخان المفخخات والاسلحة الموجهة ضد الابرياء , واليوم نتعرض لغرق اخر , ارتفاع مناسيب دجلة بسبب الامطار !! تلك المناسيب التي بقيت منخفضة طيلة تلك الفترات ووصلت الى درجة الجفاف في بعض الاحيان , وفي الحالتين سواء , لم نتحرك لدرء خطر الجفاف والان نحن عاجزون عن تلافي خطر الفيضان ….. ماذا سيكون حالنا ؟؟ وهل هذه النعمة الالهية التي وهبتها السماء جاءت لإطفاء الحرائق الوطنية الكبرى  ام لإنماء الحياة في البلد القاحل لتنعم الابصار بالخضرة المفقودة ؟؟  قد يكون هذا لزيادة المعاناة العراقية واكمال مأساة الفصول , الصيف صيفا حقيقيا والشتاء شتاء له اثر مرعب في النفوس ؟؟ .. او قد يكون الامر هو ان ارادة السماء جاءت لتغير تسميات ايام الاسبوع حسب التصنيف العراقي (السبت والاحد ….الخ ) الدامي لتتحول الى (سبت واحد ..الخ ) موحل !!

متى نفيق ؟ لا يمكن الاستفادة من نعم الله الا عندما نكون واعين لما نفعل …. لم نستثمر نعم السماء ولا الارض , فكم منا ومن بين انفسنا اناس داعون الى الخير والصلاح والاستفادة من الثروات, لكننا فضلنا الاستماع للصراخ والضجيج بنما صمت الاذان عن صوت العقل والتهدئة ,ذلك الصوت الذي في كل مرة ينتصر وتلتقي عنده الارادات رغم تناحرها لتتكسر في اعتابه الازمات …. بالضبط وكما تجاهلنا اصوات العقل وعشنا المأساة التي جلبتها حناجر السوء , نتجاهل اليوم الامطار ونعمتها لتتحول الى نقمة .

لعل السياب اخطأ او انه لم يكن مكتشف طبيعة الناس والساسة الذين يحوّلون كل شيء الى كارثة حسب مصالحهم التي اقتضت ان تغير مسار الطبيعة حيث اصبحنا نخشى الامطار بعد ان هدرت المليارات في عملية الاعمار التي خربت ولم تعمّر سوى ارصدتهم وكروشهم من الامام والخلف ..

أحدث المقالات

أحدث المقالات