19 ديسمبر، 2024 12:54 ص

أضواء على كتاب الاجتهاد والتقليد(41)

أضواء على كتاب الاجتهاد والتقليد(41)

مسألة (8): يصح التقليد من الصبي الممِيز. فإذا مات المجتهد الذي قلّده الصبي قبل بلوغه جاز له البقاء على تقليده
فيما سبق قد تطرقتُ إلى بيان سنّ التكليف للذكر والأنثى، ولا حاجة للإعادة والتكرار، ولكن رأيت أنَّ من المناسب أن أتطرق إلى البلوغ والتمييز والرشد لكي تتم الفائدة وتكتمل الصورة.
أمّا البلوغ فالمُراد منه البلوغ الجنسي وهو واضح ووجداني ومعروف لدى الجميع..
إنَّ البلوغ الجنسي هو أحد أسباب وعلامات التكليف عند الذكر إذا حصل قبل إكمال خمسة عشر عام هلالي، والبلوغ الجنسي للأنثى يحصل يقيناً بعد بلوغها سن التكليف.
قد عرفنا فيما سبق أن أحد أهم أركان التكليف هو العقل، أي اتصاف الفرد بالعقل بمعنى أن يكون عاقلاً وليس مجنوناً؛ لأن المجنون غير مكلّف, وعليه فإن التمييز والرشد هو من لوازم العقل وآثاره، فالمجنون غير مميز وغير رشيد.
ما هو التمييز؟
وجواباً على هذا السؤال المهم أترك الحديث للسيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره) حيث قال ما نصه:
(( الجهة الثانية: في الطفل المميز وغير المميز.
قسّم الفقهاء الطفل إلى هذين القسمين: على اعتبار أن الطفل من حين مولده إلى عدّة سنوات لا تقل عن سبعٍ يبقى غير مميز، بمعنى أنه لا يُدرِك، بوضوح معنى التشريع أو الوجوب أو التحريم، لا بمعنى مفاهيم هذه الالفاظ بل بمعنى واقعها وما هو وجوب وتحريم بالحمل الشايع.
ثم ينفتح ذهنه بالتدريج وبواسطة التعليم والتلقين أيضاً، يصبح مُدركاً لهذه الأمور ويصبح مميزاً. وهو في نفس الوقت يُصبِح مدركاً بدرجةٍ كافية الواجبات والمحرمات الاجتماعية، لو صح التعبير. ويفرّق بين ما هو اجتماعي وبين ما هو شرعي. أو يدرك الفرق بين المذاهب الإسلامية. وهكذا ولو بفكرة كافية مختصرة.
وقال الفقهاء: أن الطفل غير المميز لا تكليف ولا مسؤولية عليه بالضرورة، لأنه ليس محلاً لها، وهذا صحيح.
وإنما اختلفوا في المميز، فمنهم ولعله المشهور منع شمول التكاليف له إطلاقاً. ومنهم ولعله مشهور المتأخرين جعل هذا الصبي مشمولاً للمستحبات والمكروهات. وقال أيضاً: بأن الواجبات شاملة له على شكل مستحبات. والمحرمات شاملة له على شكل مكروهات. ولكلٍ من هذين الفريقين دليله.))( ما وراء الفقه ج2 ق1) .
وللحديث بقية اذا بقيت الحياة….