مما لاشك فيه إن الشيعة في ألعراق يواجهون أليوم أشرس هجمة طائفية تستهدف وجودهم وكيانهم ومعتقداتهم. ومما لاشك فيه أيضاُ إَنَ الشيعة في ألعراق يفتقرون لقيادة سياسية حكيمة ذات رؤيا واضحة تدافع عن مصالحهم ألإستراتيجية وبالأخص منذ سقوط نظام ألبعث ألدكتاتوري مماجعل منهم هدف سهل لأعدائهم من ألداخل والخارج. ولِهاذا ومن منطلق ألحرص على مستقبلنا وضمان أمننا يجب على جميع الاصوات الشريفة في الوسط الشيعي أن تشمر عن سواعدها وتبدأ بتوعية ألمواطن ألشيعي لحجم ألخطر ألمحيط بهم وأتخاذ ألتدابير أللازمة لتجنيب ألشيعة كوارث و ويلات ألمرحلة القادمة.
أن ألإطروحات ألتي نحاول أن نناقشها في هذه ألسطور تهدف في ألدرجة ألإولى لضمان حقوق أهل ألوسط وألجنوب بشكل عام وشيعة ألعراق بشكل خاص. هذه ألإطروحات قد تواجه ألكثير من ألإنتقادات وألشكوك في ألبداية وقد نُتهم بشتى ألإتهامات ونحن نقول لابئس بذلك لأننا نعتقد جازمين إنَّ إلشيعة في ألعراق سوف يصلون إلى نفس إستنتاجاتنا في نهاية ألمطاف وما نتمناه أن لايصلوا إليها بعد فوات ألأوان. على الشيعة في العراق أن يعوا حجم ألمؤامرة ألتي تحاك ضدهم في ألخارج وتنفذ في ألداخل وألآثار ألسلبية للوضع ألحالي على مستقبلهم في العراق ان لم تُتَخذ ألتدابير أللازمة مُبكراً. ولهاذا فأننا عازمون على أن نشحذ همم أبناء ألوسط وألجنوب عامةً وشيعة ألعراق خاصةً لِلَملَمَتْ شتاتِ أنفسنا وتهْيِأَت أوضاعنا لِمواجهة ما ينتظرنا في القادم من الايام.
إنَّ ألأحداث ألتي يمر بها ألعراق هذه ألأيام تُنذِر بما لايحمد عقباه وإنَّ نُذُر الشُؤم ألتي تتوافد علينا من دول ألجوار تجعلنا نصل إلى حقيقة واحدة هو إننا لايمكن أن نستمر في ألتعايش مع أُناس لايؤمنون بمبدأ ألتعايش ألسلمي. وعلينا أن ندرك إننا قد وصلنا إلى نهاية ألطريق مع ألّذينَ لايؤمنون إلّا بمبدأ ألصِدام ألدموي. إننا نرى وبوضوح لالبس فيه ان ألمشاكل ألّتي يعاني منها ألعراق أليوم متأتية من عدم إنسجام مكوناته وفشلها في ألتعايش مع بعضها ألبعض بميزان ألمساوات وأللإخوّة ألصادقة. أذا تأملنا في نوع التعايش ألّذي ساد ألعراق في ألعقود ألماضية لوجدنا إنَّهُ لم يكن مبني على حقوق ألمواطنة وألمُساواة بل مبني على أساس ألتسلط وألطبقية ألتي فرضتها ألسلطة ألتي حكمت ألبلاد وألّتي كانت محصورة في مكون واحد. إنَّ هذا ألنوع من ألتعايش عادةً مايكون هشْ وقصير ألنفس لايكاد أن يلبَثْ طويلاً وأقل مايقال عنهُ إنَّهُ مرحلي. وهو أحد أسباب عدم ألإستقرار في هذا ألبلد.
إنَّ ألباحث في تاريخ ألدولة ألعراقية ألحديثة سوف يجد إنَّ ألعراق ألّذي نعرفَهُ أليوم جغرافياً هو من تخطيط معاهدة فيرساي حالَهُ حالْ جميع دول ألمنطقة ألّتي آلت إلى دول ألحلفاء بعد نهاية ألحرب ألعالمية ألاولى. قامت ألدولة ألعراقية ألحديثة في عام 1921 كجزء من مشروع ألإنتداب ألبريطاني في ألمنطقة ومنذ قيامِها وحتى سقوط ألنظام ألدكتاتوري في 2003 سيطرعلى مقاليد ألحكم في ألعراق أبناء مكون واحد وهمّشَ ألآخرون في معظم مراحل حكم ألعراق. وكنتيجة طبيعية لِهذا ألتسّيدْ على مقاليد ألدولة أصبح هذا ألمكوِّنْ يشعُرْ بأنَّهُ هوَألمالِكْ ألحقيقي لهذا ألبلد وباقي ألمكونات وُجِدَتْ لِخدمتِهِ.
روى لي أحد ألأخوة من ألّذينَ عملوا كمترجمين مع الجيش ألأمريكي في بداية ألحرب ألّتي أسقطت نظام ألبعث عام 2003 عن إجتماع حضرَهُ في قاعدة ألبكر ألجوية في مدينة بلد. كان ألإجتماع يضم قائد ألقوات ألأمريكية جون أبو زيد وشيوخ ووجهاء ألمنطقة ألغربية وتكريت. كان ألهدف من ألإجتماع هو إِيجاد حلول لتخفيف حدَّة ألمعارضة ألمتزايدة في ألمناطق ألغربية وتكريت للعملية ألسياسية ألّتي كان ألأمريكان يحاولون إطلاقها في ألعراق آنَذاك. وخِلال ألنقاشات ألّتي دارت إنبرى أحد ألشخصيات ألّتي حضرت ألإجتماع ليُعطي للقائد ألأمريكي ألتشخيص ألحقيقي و ألسبب ألأول للمعارضة. قال بالنص ” إننا لانعارض إسقاط نظام صدام حسين ولكننا نعارض أنْ تُسقِطوا نظامه وتأتون بمن كانوا يعملون خدم لدينا ليحكمونا”. من ألمثير للإستغراب إنَّهُ حينما قالها لم يرُّدْ أو يعترض عليه أحد وكان هناك جو من ألتأييد لصراحتهِ في التشخيص. إنَّ ذلك ألرجل يعتبر من أشد ألمعارضين للنظام ألسياسي في ألعراق أليوم و يتآمر عليه في ألعلن من دول ألجوار ومن أكبر ألمموليين للعمليات ألمسلحة في ألعراق منذ سقوط ألنظام. إنَّ هذا ألحدث يوضح لنا ألعقلية وألمنطق ألسائد في تلك ألمناطق. هذه هي ألعقلية ألّتي حكمت ألعراق منذ قيام حكم ألقوميين وألبعثيين في ستينيات ألقرن ألماضي وهي نفس ألعقلية ألتي نتعامل معها منذ سقوط ألنظام وإلى يومنا هذا وألّتي أدخلتنا في دوامة لانهايةَ لها. هذه هي ألعقلية ألّتي رفعت وترفع ألشعارات ألطائفية وألعنصرية و من هنا تبرز جذور ألأفكار ألّتي أتت بشعار “ما يحكمونه العتّاكة” في تظاهرات ألأنبار.
هذه ألحقيقة وحقائق أُخرى تتضح يوم بعد يوم تدفعنا لنقدم إطروحاتنا وألّتي نريد من خلالها أن نضع حد لهذهِ ألعقلية ولهذا ألمنهج من ألتفكير المريض. هذه ألعقلية ألّتي بررت إستخدام كل أنواع ألأسلحة وأساليب ألترويع ضد باقي ألمكوِّنات. إننا وفي نظر ألإخوة أبناء ألمحافظات ألغربية لسنا سوى خدم وعبيد ومن أصول أقل منهم شرفاً ورُقِيّ ومعظمنا تبعية أيرانية أو هنود جئنا إلى جنوب ألعراق مع قطعان ألجاموس، كما يعتقدون. ومن يشك في ذلك ليراجع نمط التعامل معنا لِعقود وليس فقط خلال ألسنوات ألأخيرة. كان ولازال بعض ألسنة وبألأخص أبناء ألمحافظات ألغربية ينظرون لنا بعين ألإحتقارفنحنُ كنّا ولانزال نسمى بـ “الشروكية” و”ألمِعدان” وألآنْ أُضيفتْ لها ” ألعتّاكة” وَ “وِلد متعة” و “ألصفويين” و “ألرافِضة” و قريبا سوف يضاف لها “ألخوارج وألكفّار”. وهذا ألتوغل في مصطلحات ألإهانة يدلُ على إنَّ ألعقلية تتجه نحو ألمزيد من ألعنصرية وألتطرّف وألإنتهاكات وسفك ألدِماءْ.
إنَّ محاربة ألفكر ألعنصري يتطلب عدة عوامل وظروف منها ألنضوج ألفكري للمجتمع و ألبرامج ألهادفة لإصلاح ألفكر ألإجتماعي وألقوانين ألصارِمة لمكافحة أيُّ نوعٍ من أنواع ألعنصرية. إذا نظرنا إلى ألولايات ألمتحدة ألأمريكية على سبيل ألمثال باعتبارها واحدة من ألدول ألّتي عانت من ألعنصرية ضد ألسود نجد إنَّها أسَسَتْ نظام متكامل لنبذ ألعنصرية في ألمجتمع ألأمريكي من خلال تجريم ألمصطلحات وألعبارات وألممارسات ألعنصرية وتثقيف ألمجتمع ليتقبل إنَّ ألفكر ألعنصري هو مرضٌ حالهُ حال ألأمراض ألنفسية ألأُخرى وألَّتي تتطلب علاج نفسي للذينَ يعانون منه. وبعد قرابة ألخمسون عاما من إطلاق برامج التوعية لمحاربة ألعنصرية ومحو آثارها ألسلبية تبرز بين ألفينة وألأُخرى فضائح ألتميز ألعنصري في ألمؤسسات ألأمريكية. وهنا نقول إنّهُ وعلى ألرغم من جميع ألبرامج ألأمريكية للتوعية وألتثقيف وبعد عقود من ألزمن لم تستطع أن تمحي ألفكر ألعنصري في مجتمع منفتح ومتطور مثل ألمجتمع ألأمريكي، فكيف يكون ألحال في بلد مثل ألعراق يفتقر لبرامج ألتوعية و ألرعاية ألإجتماعية ومجتمع تُغذّى فيه ألعنصرية وألتكفير ليل نهار من قبل دول ألطوق ألسُّنيْ؟! لهذا إننا لانرى بارقةَ أمل في أنَّ ألفكر ألإستعلائي ألمريض وألّذي أصبحَ جزء من ألنسيج ألفكري لهذا ألمكوِّن ألإجتماعي في ألعراق سوف يجد طريقه إلى ألشِفاء.