22 نوفمبر، 2024 11:18 م
Search
Close this search box.

اقتلوا الحشد الشعبي فما عادت لنا به حاجة

اقتلوا الحشد الشعبي فما عادت لنا به حاجة

جميع من يهتم بالشأن العراقي، فِي كافة ارجاء العالم، يعلم جيداً ما هو الحشد الشعبي, وكيف تأسس, وماهي الغاية والدوافع الاساسية وراء تشكيلة, وما هو حجم المهمة التي أنيطت به, وماهي النجاحات والانتصارات التي تحققت على يديه، حتى الاعلام الذي حاول تشويه وتزيفها حقيقته، يدرك الأمر جيداً.

أنجز الحشد الشعبي مهمته على اكمل وجه، بمساعدة القوات الامنية بكافة صنوفها، حققوا ما عجزت عن تحقيقه قوات التحالف، مع هذا فهناك جهات سياسية معينة وقفت الى جانبه وقفة حقيقية، وجلست في مبنى البرلمان الى ان أقر القانون الخاص بهم، الذي اعتبرهم جزءً من القوات الامنية، ولهم مِنْ الحقوق ما لنظرائهم وعليهم من الواجبات ما على غيرهم.
مع هذا فهناك بعض القيادات تسيطر على عدد من فصائل الحشد، وتحركها وفقاً لأجندات سياسيّة، متغافلين عن كونها أصبحت تحت امرة القائد العام للقوات المسلحة، معرضةً بدورها تلك الفصائل الى خطر والموت المحتوم، غايتها الاولى والأخيرة مصالح تلك الاجندات، والا كيف يفسر الامر بقصف مقر للحشد الشعبي في منطقة البو كمال السورية، التي تبعد قرابة ١٥٠٠ متر عن الحدود العراقية، اذا كانت تلك القوات فعلاً تابعة للحشد فبأمر من تحركت الى خارج الحدود؟ هل ضاقت بهم الارض العراقية كي يتخذوا من الاراضي السورية مقراً لهم؟ أم ان القرارات أقوى من ارادتهم؟.

نعم كل شيء لدينا رخيص في العراق، وارخص شيء هو الدم العراقي، وهذا واقع مرير، عشناه منذ ولادتنا الى يومنا هذا، حروب مستمرة, واعدامات بالجملة, وصراع مع الارهاب، استنزفت كثيراً من الدماء، وما قتل من العراقيين من جراءها منذ ثمانينيات القرن الماضي الى يومنا هذا، يعادل سكان دول الكويت وقطر والبحرين مجتمعةً، اَي في الحسابات العددية يعني قتل سكان ثلاث دول عن بكرة ابيها.

ما يدعوا للدهشة والغرابة ان العمليات المشتركة بين النفي والتأكيد للحادث المؤلم، حيث قالت في بيانها انه لا توجد لدينا قوات أمنية على بعد ٧٠٠ متر، لتأتي بعدها لتؤكد مصرع عدد من القوات الامنية على بعد ١٥٠٠ متر من الحدود العراقية، ثم تقول بعدم وجود اَي تنسيق بينها وبين تلك القوّات! تعود مرة اخرى لترحب بأي جهد تقوم به القوات الامنية على الحدود السورية ضد داعش الإرهابي، حقيقةً لا نعلم أسباب هذا التشويش الإعلامي، فبيان القوات المشتركة بين النفي والاعتراف، وهذا يعزى لأمرين:

الاول/ الحقيقة من قتل في البو كمال قوات عراقية، فاذا اعترفت الحكومة بأنها جزء من قوات الحشد، سيدخلها في سين وجيم، اَي كيف تسمح الحكومة بتواجد قوات تابعة لها في دولة اخرى بدون علم تلك الدولة؟ او بدون علم قوات التحالف التي تقوم بقصف معسكرات الإرهابيين حسب قولها؟، وعدم وجود تنسيق بين تلك القوات والحكومة العراقية.
الثاني/ اذا اعترفت الحكومة بذلك هذا يعني ان القائد العام للقوات المسلحة يفقد سيطرته على القوات الامنية التي هي تحت قيادته، وهذا يوحي الى ضعف القيادة العامة وعدم سيطرتها على القرارات العسكرية المتخذة حيال حركة القوات الامنية.

وفِي كلا الحالتين لا يمكن للحكومة الاعتراف بوجود هكذا قوات أمنية تابعة لها خارج حدود الدولة العراقية، وان تلك القوات ليست جزء من المنظومة الأمنية.

نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أكد بعدم اطلاعه على بيان هيئة الحشد، كما نفى وجود اَي قوات تابعة للهيئة خارج الحدود العراقية السورية، بينما بيان الحشد الشعبي، أكّد على قصف القوات الامريكية مقر ثابت لقطعات الحشد الشعبي، من لوائي ٤٥ و٤٦، على الشريط الحدودي مع سوريا، بصاروخين مسيرين راح ضحيتها ٢٢ مقاتل وإصابة ١٢ بجروح.
كما طالب البيان من القوات الامريكية بإصدار توضيح بذلك الشأن وان تلك الضربات تكررت كثيراً، وان الهيئة شكلت لجنة فور حصول الحادث للتحقيق في ذلك لترفع تقريرها الى القائد العام للقوات المسلحة.

الواضح ان الذي جرى هو بعلم العمليات المشتركة، لكن ليس بموافقتها ورضاها, كما ان هناك تصرفات فردية لبعض قادة الحشد, ضعف واضح في السيطرة على القوات الامنية، من قبل القائد العام للقوات المسلحة، اذا كان على علم بما يجري.

يبقى السؤال الأهم من هو صاحب القرار العسكري والسياسي الحقيقي؟ متى ينتهي هذا التناقض في التصريحات المستمر؟ متى تغلب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة؟ ومتى تكون المكاسب الوطنية اعلى من المكاسب الشخصية والحزبية؟ متى يستشعر دعاة الوطنية بوطنيتهم الحقيقية؟ أسئلة واقعية بلا اجابات حقيقية، تبقينا في دوامة الصراعات الداخلية والخارجية.

 

أحدث المقالات