لا يلتقي العالم في مكان واحد ولا تجتمع الامم والشعوب الا في المسابقات الرياضية الكبرى التي تقام في بقعة ما على الكرة الارضية كل أربع سنوات وهو التوقيت الزمني الذي يعلن انطلاق كأس العالم والاولمبياد والبطولات القارية ككأس أمم اوروبا وافريقيا واسيا والسبب يكمن في هيمنة السياسة على البشرية فلقد صنعت الدم القهر والدم والدمار وخلفت ورائها الطائفية والعنصرية والظواهر اللاطبيعية التي تنشر الحقد والكراهية والتعصب لكن الرياضة تصلح ويلات وكوارث السياسة فهي تغلق ابواب الخبائث وتوصد نوافذ الفتن لكن مع تطور الحضارة وتغلغل السياسة ورأس المال فيها اصبحت التظاهرات الرياضية الضخمة عرضة للهجمات واحدى المنافذ التي يتم استغلالها بشكل شرعي لنهب قيم ومبادىء السلام العالمي .
فكأس العالم وغيرها من التجمعات الرياضية التي تحظى بصفة العالمية اصبحت حلبة مفتوحة للاحتكار فالجهات الكروية والاولمبية العالمية الرسمية تسيطر وتهيمن على حقوق نقل مباريات ومنافسات اي بطولة تخرج من جلبابها وتعقد صفقات مع عدة شركات ومؤسسات محددة لبث وقائعها وبهذا تفقد الرياضة بريقها الانساني وتقع مفاهيم الخير والسلام في مستنقع المال والسياسة .
فمن يملك المال يمكنه الاشتراك في القنوات المخصصة لبث مشاهد الاعراس الرياضية العالمية ومن لا يملك ثمن الخبز سيكون ضربا من الجنون ان يفكر او يحلم في متابعة ما يحصل على الجانب الاخر من الكرة الارضية .
وهذا تضارب واضح في مفاهيم دستور الاتحاد الدولي لكرة القدم واللجنة الدولية الاولمبية وشعاراتها الداعية الى نشر المحبة والوئام بين جميع اطياف المكون البشري فبينما تنقل شاشات المحطات الفضائية احداث مؤتمرات مكافحة الارهاب والبيئة والمناخ ومظاهرات الاحتجاج في بقاع الارض على سوء الخدمات الاجتماعية والاقتصادية والصحية وارهاق عقل وقلب المواطن العالمي بصور القتل والحرق والمجاعة والمرض بشكل مجاني دون اشتراك مدفوع الثمن وبلا مقابل مالي تكون حصة الترفيه والمتعة والتسلية مشفرة ومحصورة بنطاق ضيق من البيانات الالكترونية التي لا يمكن تفكيكها الا بدفع المال .
فالاحتكار انتشر في كل مجالات الحياة بداية بالسياسة وصولا الى لقمة العيش باستثناء المجال الرياضي الذي كان يقدم خدماته عبر شبكات العالم المفتوحة في العقود المنصرمة لكن الحاضر المؤلم الذي تعيشه الحضارة البشرية قضى على هذه الفسحة الانسانية القصيرة وجعلها تعيش مرحلتها اللونية المشبعة بفسيفساء الاحترام والأمل والحلم داخل دائرة الرأسمالية العالمية .