17 نوفمبر، 2024 6:50 م
Search
Close this search box.

الخيانة تقود إلى الهاوية

الخيانة تقود إلى الهاوية

بعد أن إنتهى أبرهة الحبشي من بناء القليس أراد أن يحول قبلة العرب من الكعبة في مكة المكرمة إلى القليس في صنعاء ليحجوا إليه ، فجهز جيشاً جراراً فيه فيلة كبيرة ليغزو مكة المكرمة ويهدم الكعبة وكان أبو رغال هو دليل أبرهة الحبشي إلى مكة المكرمة , وكان ذلك في نفس العام الذي ولد فيه النبي محمد (ص) وسمي عام الفيل ، ويشار إلى أبي رغال في كتب التاريخ العربي بإحتقار وإزدراء لأنه لم يعرف عن العرب في ذلك الحين من يخون قومه مقابل أجر معلوم ، ويطلق لقب أبو رغال اليوم على كل من خان قومه لمصلحته الخاصة وفي مقدمتهم الساسة المزورين والفاسدين .

وأخيرا إنكشف المستور وظهرت أوراق الساسة بعد إن سقطت ورقة التوت وبانت النوايا الحقيقية لتدمير العراق بدعم غربي وعربي وبعض دول الجوار ، وليس من الغريب إن ينحرف هذا السياسي أو تلك الكتلة عن مسارها الوطني وشعاراتها المعلنة وتقع أسيرة لأجندات خارجية وحسابات داخلية ضيقة فكل شخص أو جماعة تحاسب بحجم أهدافها وحجمها وموقعها في العملية السياسية ومعنى ذلك بأن هناك مستويات معينة في المناصب والمواقع وجماعات وكتل بعينها يجب إن تكون في المكان الأمين البعيد عن الشبهات مهما كان مصدرها حيث تعد هذه النخب بمثابة الميزان الذي تقاس من خلاله وطنية الآخرين وبالإقتراب منهم يجد الناس بأنهم اقتربوا من كل الثوابت الوطنية والأخلاقية وابتعدوا عن الصفقات السياسية والمليارية لأنهم يمثلون مثالية المبادئ وعظمة الإلتزام بميثاق الشرف مع الوطن والمواطن وأساسه النضال من أجل وحدة العراق وسلامة أراضيه وكل محرماته الأخرى والسعي لرفاهية الشعب وسعادته في ظل وطن آمن ومستقر .

هذه هي الفرضيات ولكن المعادلات السياسية التي إنكشفت مؤخرا بعد الإنتخابات حيث أكدت لنا بما لا يقبل الشك بأن عددا كبيرا من الشخصيات القيادية في هذه البلاد قد خانوا الأمانة وباعوا العراق وإشتروا الطائفية وفضلوا مصالحهم الشخصية على مصالح العباد ولهذا لم يعد غريبا أو عجيبا إن نرى شخصية إئتمنها الشعب العراقي ليكون رجلا أصيلا في خدمة العراق وليس عرابا لطائفة معينة مدفوعة الثمن من أجل نهب و تدمير العراق .

حين سمعنا تصريحات بعض النواب في أول جلسة للبرلمان بعد سقوط النظام وهم يعلنون إنتمائهم للعراق وليس لأحزاب البلاد ومعنى ذلك إنهم يمثلون الوطن وليس القائمة السياسية حينها إنبرت كل الأقلام لإمتداح وطنيتهم وكنت أنا واحدا من الذين إنطلت عليهم اللعبة فدبجت مقالا طويلا يشيد بهذه الوطنية الكبيرة ولم نكن نعلم أو نسيء الضن في الآخرين ونتوقع إن يسقط البعض في هذا المستنقع الطائفي وهذه الخيانة التأريخية التي لا تنظفها كل مياه الأرض وأمطار السماء .

ولعل البعض من بين هؤلاء المتبجحين مجموعة كبيرة ضمتهم بعض الأحزاب والكتل التي تعمل ضد وحدة العراق وظهر إن البعض منهم كان يتاجر بالوزارات ويشتري ويبيع فيها بعشرات المليارات وكأن الوطن قد تحول إلى مزاد بيد تجار من صنيعة الأوغاد والمخربين والفاسدين .

لا نحتاج لعبقرية حين نعلن بأن الأيام المقبلة ستشهد المزيد من الفضائح لساسة باعوا العراق وتاجروا بتأريخه وأراضيه وسيادته وثرواته لدول تعمل على تخريب البلاد ، وهذا الأمر للأسف الشديد مازال يمر مرور الكرام دون إن تخرج الملايين إلى الشوارع منددة ومستنكرة ومطالبة بوضع هؤلاء الخونة في أقفاص الإتهام لمحاكمتهم تحت نصب الحرية بتهمة الخيانة العظمى .

أقولها وبمرارة نحن لا نعرف سر هذا الصمت على ما يجري الآن فهل هو هذا الصمت الذي يسبق العاصفة وإندلاع البركان أم أنه لا سامح الله إن غيرة العراقيين ووطنيتهم قد تلاشت أمام فعل الجبناء ومؤامرات الأعداء .

[email protected]

أحدث المقالات