خاص : ترجمة – محمد بناية :
شارك المخرج، “أصغر فرهادي”، مؤخراً في “مهرجان كان السينمائي”، وإن لم يحصل هذا العام، (خلافاً للعادة)، على جائزة؛ بينما حصل الوفد المرافق له، نيابةً عن “جعفر پناهي”، (الممنوع تقريباً من الإخراج)، على جائزة أفضل فيلم.
وفى العام الماضي حصل فيلم (البائع)؛ للمخرج، “أصغر فرهادي”، على جائزتين من “مهرجان كان السينمائي”، وكذلك جائزة “أوسكار” لأفضل فليم غير أنكليزي من أكاديمية العلوم والفنون السينمائية الأميركية، استلمها نيابةً عنه، “فيروز نادري” و”أنوشه أنصاري”، المعروف عنهما التهكم والسخرية من الرئيس الأميركي.
استغلال المهرجانات السينمائية إيديولوجيًا..
من خلال هذه المقدمة يحاول، “رضا پرچی زاده”، الكاتب بصحيفة (كيهان) اللندنية – المعارضة، كيف يسيء “نظام ولاية الفقيه” استغلال “المهرجانات السينمائية” في تلبية أهدافه الإيديولوجية.
والحقيقة تنطوي هذه الجوائز، بالنسبة للجمهورية الإيرانية، على وظيفة سياسية بالكامل. فالنظام كي يحصل على جوائز من هذه المهرجانات، يتحسس الوتر الحساس لقطاع عريض؛ وهذا غير موجود في السينما الإيرانية. فالرقابة والسيطرة المستمرة وصناعة الإيديولوجية وتفريغ السينما من مضمونها لم يتسبب فقط في إنعدام الأفلام الصحيحة، وإنما أثر بشكل سلبي على نسبة الإقبال الجماهير على دور العرض السينمائي. ومن ثم ركن السينمائيون إلى النوم والبطالة.
الآن يخرج من رحم هذه الأوضاع أفلام تحصل على جوائز من المهرجانات الدولية الشهيرة.. والسؤال هو: كيف ذلك ؟!.. الإجابة بسيطة: النظام يضخم بالخطط والانفاق وإصطناع اللوبيهات والدعاية المستمرة من هذه الأفلام ويبيعها للعالم. فلا يستطيع أحد، بدءً من “كيار ستمي” وحتى “أصغر فرهادي”؛ رفع قدم عن الآخر دون رضا ومساعدة الأجهزة “الثقافية-الأمنية” للنظام، ناهيك عن فرضهم على الصعيد الدولي.
على سبيل المثال؛ فيلم (طلاق نادر وسيمين)؛ للمخرج “أصغر فرهادي”، هو في حد ذاته دعاية ودعم لـ”أحمدي نجاد”.
وفي الخارج إصطنعوا اللوبيهات الداعمة للفيلم وعرضه هنا وهناك؛ حتى لفت الإنتباه ومن ثم حصل على الجائزة بالنهاية.
إخضاع الأفكار الفنية الإبداعية..
لكن النظام الإيراني يعجز دون تعاون بعض العناصر الأجنبية وطريقة تفكيرهم الخاصة وقولبة هذه الأفلام والحصول على جوائز. على غرار أوروبا وأميركا، حيث يوجد منهج سياسي يدافع عن الحكومة الإصلاحية بشكل خاص والجمهورية الإيرانية بشكل عام ويعيدون لهم المنابر، وهناك تيار مشابه في المجال السينمائي. إذ يسيطر تيار اليسار بشكل عام على المهرجات السينمائية، (لاسميا في أوروبا)، التي تؤسس للعداء مع الغرب. وهم على عكس أولئك “المستنيرون”، الذين رأوا صورة “الخميني” في القمر وحلموا بإقتراب “الثورة المعنوية” ضد “المادية” الغربية.
هذا النوع الفكري محبب، فالإيرانيون دائماً ما يرون كائناً باسم “الوجودية” و”العالم الثالث”. وهذا الكائن يعاني سوء الحظ باستمرار. فالاستعمار يضرب عليه من جهة والإستبداد من الجهة الأخرى. وهذا الكائن يعيش الوجودية بكل هذه الصراعات.
لكن لا تتعجب أن تثير هذه الأفلام سعادة بعض الإيرانيين بالخارج. فالفكر “الرسوبي” لا يرتفع بهذه البساطة. لكن ثمة ملمح “إعتراضي” في الفيلم للفت الإنتباه، ولكن بالقدر الذي يمكن السيطرة عليه. والجمهورية الإيرانية تتغاضى بذكاءً عن مصطلح الاعتراض في مثل هذه الأفلام.
مع هذا تحوز هذه الأفلام الأهمية باعبتارها ظاهرة خطيرة بشكل أساس، لكن قلما تُعرف، وهذا في حد ذاته يؤسس للرقابة والقمع.
وقد بدأ المخرج “كيار ستمي” هذه العملية. فهو يلجأ إلى نوع من الخيال هرباً من الواقع السياسي، ومن ثم يحظر أي نوع من القراءة السياسية. وهو في الحقيقة يضرب شرنقة حول نفسه ومشاهديه حتى لا يرون الجريمة، ومن ثم لا يعزف فقط عن التفكير في حل؛ ولكن أيضاً عن الفعل.
لقد أحال “كيار ستمي” الرقابة الذاتية أسلوباً. في حين أسس “أصغر فرهادي” للرقابة الذاتية في المسار الاجتماعي. فالاعتراض موجود في أعمال “فرهادي”، والأجواء أيضاً واقعية، لكن الهدف من الاعتراض هو الحيرة. فالشخصيات تتشاجر بحيث يخيم الصراع على الأجواء، لكنك لا ترى إطلاقاً “نظاماً سياسياً” يثير التساؤلات بشأن هذه المشكلات.
أخيراً تحوز الجوائز الدولية ثقلاً من الدرجة الدولى بالنسبة للجمهورية الإيرانية لأسباب كثيرة. أحدها سيقولون لدينا في “إيران” سينما تحت “نظام ولاية الفقيه” هي بمثابة الزهرة على سلة أفلام المهرجان الدولية.
الآخر كتمان صوت المعارضة والمناهضين للنظام. وحين يُصنع فيلم في “إيران” ويصل لمستوى “المعايير العالمية”؛ فلماذا يثرثر هؤلاء المعارضون حين يقولون: لا توجد حرية رأي في إيران ؟”.