في الضفة الاخرى من النهر يوجد رجال اشداء مدججون بالأسلحة , كلاب بوليسية تكشف كلل شيء , اجهزة سونار لا يمكن ان تغل حتى قناني العطر الفارغة , كل الاشخاص والاشياء تهتم بتوفير الامن لمن سكن تلك المنطقة فقط , وهم الذين اختصهم الله دون الناس واصطفاهم !!
جلست على شاطئ دجلة في احدى حدائق ابي نؤاس تنتظر حبيبها الذي اعتاد ان يأتي معها او قبلها ان لم يصحبها معه .. لعل ظرفٌ حال دون وصوله بالموعد , تصفحت سجل الذكريات المليء انتظاراً للحظة التتويج , فتحت هاتفها المحمول لتنظر صورة الحبيب الذي تشتاق اليه رغم استمرار اللقاء به , قصة حب من نوع فريد , حب لم يتأثر بعصر السرعة والالكترونيات , كل شيء فيه مميز , لم تشوبه أي شائبة ولم تتعكر اجواءه اللاهبة شوقا ولم تفتر حرارة ذلك الشوق رغم السنوات الثمان , منذ اليوم الاول لذلك اللقاء الذي جمع بينهما في الجامعة وهما كيان واحد فرض عليه القدر ان يبقى كل هذه السنوات مشتت بين منزلين …
انها الفرصة التي كان ينتظرها لتحقيق حلم حبيبته التي رفضت الدنيا لأجله , استطاع ان يحصل على فرصة العمل قبل يومين بعد جهد طويل … سيكون اللقاء اجمل من الذكرى , فهو لقاء الامل المتجدد , تحقيق الامنية التي طال انتظارها .. سيكون اللقاء والحديث مختلف تماما , لمسة اليد , نكهة العطر … جلست على نفس المقعد الذي حجزوه منذ سنين , يعرفهم جيدا … بل انه تحول الى مستودع اسرارهم …
طال الجلوس والانتظار والبسمة لم تفارق شفتيها , سيأتي حتما … وفجأة تحولت البسمة الى هاجس مرعب …. تذكرت دوّيُ الانفجار الذي سمعته اثناء خروجها من المنزل , لعله ك…..لا ,لا يمكن ان يتركني بهذه الطريقة الغبية , لا يمكن ان يخلف موعده …
ارادت الاتصال به لكنها لم تستطع .. كأنها تريد ان تغير خارطة القدر …..
لم تنتظر طويلا بعد سالت دموعها , اسرعت مهرولة وهي تتجه الى حيث المجهول وقد حجبت دموعها بصرها وضاعت معالم المدينة التي ولدت فيها بسبب اختلال لبها … تمنت ان تلتقطه من احد الافرع المطلة على الشارع الرئيسي , تتصفح جميع الوجوه لكن لم تجد من تحب ..
وصلت مكان الحادث الدموي , وجدت كل شيء … رجال الامن ولافتات سيارات الاسعاف تدلُ على المكان وكأنها نار مقدسة التهمت قربانا لم يحن وقته بعد , هنا مجموعة من الجثث المقطعة …. عرفته من الوردة التي اعتاد ان يهديها لها والتي لم تزل في قبضة كفه الايسر دون ان يُحرقها لهيب الانفجار .