لم يحظ تشكيل المفوضية المستقلة للانتخابات بتاييد واسع ، مررت في مجلس النواب بصعوبة بالغة ،وذلك لتشبث الكتل ببنائها على اساس المحاصصة البغيضة ، وربما ذلك من بين الاسباب لضمان حاجة نلمسها الان ، فجني هذا الحصاد المر من التزوير والتلاعب الذي لا يمكن ان تتجرعه اي عملية سياسية سليمة وحكومة ودولة ولا اي سياسي منصف ،ولا يتقبله هذا وذاك المواطن الذي خرج من اجل التغيير والاصلاح وليس لاختيار مجلس نواب مطعون في نزاهته وحكومة وليدة عنه ستكون مسخ فاقدة لهيبتها وسيتم تعييرها بانها حكومة غير شرعية وستعاني من مشاكل جمة .
للاسف المفوضية اخفقت وفشلت فشلا ذريعا في اداء مهامها ومع ذلك لا تتجاوب مع الحلول للخروج من الورطة والازمة التي اوقعت نفسها والبلاد فيها بدفع واغراء من الفاسدين ، في تمرد من دون اي شعور بالمسؤولية وتصرعلى الخطأ ولا تقبل ان تبدد شكوك التزوير الفاقع على اكثر من صعيد الذي اصبح مسلم به لدى الناس والاحزاب الا المنتفعين من هذا التلاعب ومن سطى على اصوات غيره. وعليه اذا ما بقيت على غيها تكون اقالتها واجبا لخدمة ابناء شعبنا ومستقبلهم .
هي الى الان مستمرة بالتعاطي السيء وتضع نفسها فوق التراتيبية الادارية والتنظيمية والقانونية ولا يهمها التشكيك بشرعية مجلس النواب والحكومة التي سيصادق عنهما ، حتى انها ترفض دعوة استقدامها الى اللجنة الحكومية والتعاون مع مجلس النواب وتحاول بكل السبل كسب الوقت للوصول الى المواقيت الدستورية لتمرير ما تريده واهمال الشكاوى الجدية على العملية الانتخابية متوهمة ان هذا الضغط ينهي ما يثار عليها ويعفيها من تصحيح الكارثة التي ارتكبتها .
الواقع اشتبك الحريص والغيور الذي يطمح ان تتوفر بنتائج الانتخابات معايير الحد الادني واقل درجة من التزوير الذي لا يقبل قلب النتائج راسا على عقب ، مع الخاسر الذي وجد نفسه خارج اطار اللعبة التي تتم كل مرة ، فهناك من تغدى به قبل ان يتعشى هو بمنافسه .
يفترض هذان الطرفان يشتركان مع عموم المواطنين في قضية ضمان نزاهة الانتخابات وافراز مجلس نواب غير مطعون به ، ولكنهما ينقسمان الى طرف صادق في مسعاه ونياته بشان بناء الدولة المؤسساتية الممثلة لابناء شعبنا من دون غمط حقوق مواطنيها وسلب ارادتهم ، فيما هذه الشراكة لدى البعض ،الطرف الثاني ، لا تتعدى الكلام المنمق والنيات غير السليمة. هناك حلول يمكن الاخذ بها طبعا ليس من بينها الغاء النتائج كلها ، وانما تصحيح ومعالجة الفساد فيها ، وهذا يرضي كل عفيف التاشير بصناديق الاقتراع غير انه يغضب من زور وارتشى وهؤلاء نتمنى على الحكومة والجهات المختصة احالتهم للقضاء ليكونوا عبرة لمن يعتبر. نحن بحاجة الى قرار فيه جرعة من الجراة تحترم ارادة المواطن .
واخيرا نقول ان المفوضية خسرت مصداقيتها ، ولم تعد الثقة بها ممكنة ولابد من قرارات قانونية تعيد الامور الى نصابها قد تكون مؤلمة للبعض ولكنها ضرورية لحفظ القيم في المجتمع والمؤسسسات ويحميها من الفاسدين ايا كانت انتماءاتهم ومقاماتهم الزائفة.
من المهام ذات الاولوية اعادة تشكيل مفوضية الانتخابات على اسس ومبادىء الكفاءة والمقدرة والنزاهة والحيادية ونبذ المحاصصة وتمكين القضاء من اداء دور مباشر فيها .