الوقاية من الجريمة يتطلب خلق مناخ استنكار جماعي بالجريمة والمجرم، وهناك دور للاعلام وخصوصا كتاب المسلسلات في الوقاية من الجريمة لا يقل أهمية عن الاجراءات الشرطية التقليدية ، وفلسفة الوقاية من الجريمة تقوم على مبدأ المسؤلية المجتمعية ، والاعلام جزء من مهمته الوطنية هو مكافحة الجريمة، في العراق نمتلك خامات تصلح الكثير منها لكتابة مسلسلات اجتماعية ناجحة ، بسبب تواجد عصابات المافيا المحفزة للكتابة عنها، وعصابات الخطف والمخدرات وسراق المال العام، والمشكلات الاجتماعية المستعصية ، توجد عناصر الخلل كلها التي تأتي بأدوات الكتابة من دون أي عناء ، لكننا لا نملك أدوات كتابتها، نملك المادة الاساسية عن الجريمة واللصوصية، والبحث والتحري، لكننا لا نملك الخيوط التي تحول ذلك إلى مسلسل، ولطالما حدثت عندنا جرائم شبيهة بالتي تحدث في دول عربية اخرى ، وتوحي بكتابتها، لكن تقنيات الكتابة لا تلائم مجتمعنا أبدا.
عرضت قناة الرشيد مسلسل (غرامي شرطي وحرامي) من تاليف محمد خماس واخراج مهند حسين ، وقد اظهرت شخصية رجل الشرطة (الضابط المحقق) باداء الفنان حيدر منعثر، وضع فيه كل الصفات السيئة ( الجاهل بالقانون ، الامي بالمهنة ،السلبي ، السيء ، مضطرب الشخصية ،يهتم بالامور التافهه ، محدود الوعي ، الفقر المعرفي المهني ، وخائن لوظيفته، هزيل ، شغوف بالنساء ، والغير منضبط وظيفيا ) واسقط عليه كل الصفات والنعوت السيئة ، كما ان المؤلف والمخرج لم يتوضح لديهم مهام رجل الشرطة ، تارة يجعلونه ادعاء عام ، وتارة محقق ، واخرى ضابط نجدة ( الظاهر تايهه عليهم المهام ) كما لم يكن المؤلف بالنص، من المؤسف كان بالمؤلف ان يوظف قلمه بكتاباته عن الدور الايجابي لرجل الشرطة بمعركته مع داعش واستشهد اكثر من ثمانية وعشرون الف شهيد، والاجدر بالمؤلف يتناول الحياة اليومية لمعوقي الحروب مع داعش والذين يزيدون على الاربعين الف ، او بدور رجل الشرطة بكشف الجريمة اومنعها او الدور الانساني او تناول الخدمات التي تقدمها اجهزة الشرطه بحفظ الامن والنظام ، او لنصرة مظلوم ، بل عمق الصورة السلبية المتراكمة عن الهزالة بطرحه كنموذج سىء ، والنموذج السيء متوفر في كل زمان ومكان وفي جميع مجالات الحياة ابتدا من السياسي الفاسد الى التاجر الجشع …..الخ من الصور المخجلة بحياتنا اليومية.
والغريب في نهاية الحلقة هناك بوست يقدم شكرا الى (مديرية شرطة النجدة العامة والعقيد محمد نوشي والنقيب احمد سلمان وياسر السعدي ) وهذا يعني بان وزارة الداخلية تقدم العون والمساعدة لمن يقدمها بطريقة مخجلة وهذا يقع على مسوولية اعلام وعلاقات الوزارة.
خلاصة الأمر أستطيع أن أقول إنه توجد جريمة منظمة في الواقع، وما على الكاتب إلا أن ينقلها إلى الورق، ليصنع مسلسل ، ومن ثم يصنع مشاهدا هو في الأصل موجود في كل تلك الأحداث، لكنه مع ذلك لا يستطيع الكاتب كتابتها منفردين بكتابات سطحية، نصيحة للمؤلفين والمخرجين العراقيين ،استعينوا بالممارسين بالعمل الجنائي الميداني ، اوتدريسيين جنائيين وممارسيين مهنيين مما مكنتهم وظائفهم من تقديم تراكم خبرة في هذا الميدان، وضرورة اتسامها بخصائص مميزة في الرؤية لتكن الكتابة واقعية وناضجة ، كما يفعل اخوانكم في مصر وتونس ولبنان والخليج.