خاص: قراءة- سماح عادل
علاقة الزواج علاقة معقدة، وتحتاج من الشريكين بذل الجهد والعمل على إنجاحها، كثير منا يعتقد أن إنجاح الزواج أمر سهل، لكنه تبين أنه أمر على نسبة كبيرة من الأهمية، وليس كافيا “الوقوع في الحب” كبداية لضمان استمرار نجاح الزواج بين الشريكين، وإنما إنجاح الزواج هو طريق طويل من الفهم والتفهم لاحتياجات ورغبات الشريك، وفهم طريقته الخاصة في الحب وما هي الطريقة المثلى لإشباع احتياجاته.
كتاب “لغات الحب الخمس” ل”جاري تشابمان” الذي يعمل استشاري علاقات زوجية، ويدير حلقات نقاش حول كيفية إثراء الحياة الزوجية، يعد دليلا هاما لفهم علاقة الزواج وطرق إنجاحها لذا سنقدم قراءه له.
الحب بعد الزواج..
إن الرغبة في حياة زوجية رومانسية هي جزء أصيل من تركيبتنا النفسية، ورغم ذلك القليل من الأزواج والزوجات هم من يبدو أنهم وجدوا سر الحفاظ على الحب بعد الزواج، وعلينا أن نعي أن البشر يتحدثون لغات مختلفة للحب، فلغة الحب العاطفية الخاصة بك يمكن أن تكون مختلفة عن لغة شريكك في الحياة، كاختلاف اللغة الصينية عن اللغة الانجليزية، يجب على الشخص أن يتعلم لغة الحب الأساسية لشريكه في الحياة، إذا كان راغبا في أن يكون موصلا فعالا للحب.
هناك خمس لغات للحب أساسية، خمس طرق يستطيع من خلالها الأشخاص أن يتحدثوا ويتفهموا الحب العاطفي، في مرحلة التطور الطفولي يطور كل طفل أنماطا عاطفية خاصة به، فبعض الأطفال مثلا يشعرون أنهم محبوبون وأن من حولهم يقدرهم، بينما آخرون يراودهم شعور أنهم غير محبوبين. بالنسبة للأطفال المحبوبين فإنهم يطورون لغة أساسية للحب العاطفي، وتعتمد هذه اللغة بالأساس على تركيبتهم النفسية وعلى الطريقة التي يعبر بها آباؤهم عن الحب، أما الأطفال الذين يشعرون أنهم غير محبوبين فإنهم يطورون لغة حب أساسية، لكنها مشوهه إلى حد ما، بنفس الطريقة التي يمكن أن يتعلم بها الأطفال قواعد لغوية ضعيفة، مما يعني أنهم ينبغي أن يبذلوا جدها أكبر في تعلمها، أكثر من هؤلاء الأشخاص الذين لديهم نموذج أكثر إيجابية.
خزان الحب..
توصل علماء النفس إلى أن حاجة الإنسان إلى الشعور بأنه محبوب تعد ضرورة عاطفية بشرية أساسية، ففي داخل كل طفل خزان للعاطفة في انتظار أن يملأ بالحب، فعندما يشعر الطفل بأنه محبوب فإنه سينمو بشكل طبيعي، والحاجة إلى الإحساس بالحب ليست ظاهرة خاصة بالأطفال فهي تظل معنا حتى مرحلة البلوغ وخلال الزواج، إن تلك الحاجة في أولويات رغباتنا العاطفية، فنحن نحتاج إلى الحب طالما كنا على قيد الحياة، إن فهم اللغات الخمس للحب، وتعلم كيفية التحدث باللغة الأساسية للحب لشريك حياتك، من الممكن أن يؤثر بشكل كبير على سلوك الزوج أو الزوجة، فالناس يتصرفون بشكل مختلف عندما يكون خزان الحب لديهم ممتلئا.
الوقوع في الحب..
معظمنا يمر بتجربة الوقوع في الحب، نقابل شخصا ما تكون صفاته الجسدية وسماته الشخصية كافية لأن تسبب لنا الصدمة الكهربية، التي تثير إنذار الحب في داخلنا، فتبدأ الأجراس في الحركة، ونبدأ في عملية التعرف على هذا الشخص، ونتوقع أن هذا الإحساس هو الحب الحقيقي، ونخبر الطرف الآخر آملين أن يكون هذا الإحساس متبادلا، وإذا لم يكن متبادلا، إما أن تقل مشاعرنا، أو نضاعف جهودنا حتى نؤثر عليه، وفي تجربة “الوقوع في الحب” نصل إلى الشعور بالسعادة البالغة، ونكون في مرحلة هوس عاطفي، حيث يذهب أحدنا إلى النوم وهو يفكر بالآخر، وعندما نستيقظ يكون هذا الشخص أول ما نفكر فيه، ويكون قضاء الوقت معه أروع شيء في الوجود، إن الشخص الواقع في الحب يكون لديه إحساس مخادع بأن محبوبه مثالي، وبمجرد أن تأخذ تجربة “الوقوع في الحب” دورتها الطبيعية، عامان فقط، يعود شريك الحياة إلى أرض الواقع، ويبدأ كل منهما في إثبات قوته، والتعبير عن رغباته التي تكون مختلفة عن رغبات الشريك.
لغة الحب الأولى:
كلمات التشجيع..
أن الإطراءات اللفظية وكلمات التقدير موصلات جيدة للحب، وأفضل طريقة أن تصاغ بعبارات تشجيعية بسيطة ومباشرة، الحب هو الرقة فإذا كنا سنوصل الحب عن طريق الكلمات، فينبغي لنا أن نستخدم كلمات رقيقة، إن الأسلوب الذي نتكلم به مهم لدرجة كبيرة.
أن أفضل شيء نستطيع فعله مع إخفاقات الماضي أن نتركه حتى يصير جزءا من التاريخ، إن الصفح ليس شعورا بل التزام، إنه اختيار لإظهار الرحمة، إن الصفح تعبير عن الحب.
لغة الحب الثانية:
تكريس الوقت..
تعني أن تعطي اهتمامك كاملا لشريكك لبعض الوقت، أهم ما في تكريس الوقت المحادثات الخاصة بين الشريكين، وتعني الحوار العاطفي، حيث يتبادل شخصان تجاربهما وأفكارهما ومشاعرهما ورغباتهما في سياق حميمي مستمر.
لغة الحب الثالثة:
تبادل الهدايا..
إن الهدايا رموز مرئية للحب، فمعظم مراسم الزواج تتضمن إعطاء الخاتم وأخذه، بالنسبة للشخص الذي تكون لغته الأساسية في الحب هي أخذ الهدايا فإن ثمن الهدية لا يهم كثيرا، لذا يمكن أن نشتري الهدية أو نكتشفها أو نصنعها.
لغة الحب الرابعة:
أعمال خدمية..
هناك ثلاث حقائق: إن ما يفعله كل منا للآخر قبل الزواج لا يعطي إشارة لما سنفعل بعد الزواج، فقبل الزواج نحلق بعيدا نتيجة سيطرة وهم الوقوع في الحب علينا، أما بعد الزواج فإننا نفيق من هذا الوهم ونعود كما كنا قبل أن نقع في الحب، وتتأثر أفعالنا بنموذج الحياة الزوجية الذي رأيناه في حياة آباءنا وأمهاتنا، كما تتأثر بشخصيتنا ومفهومنا عن الحب، وبمشاعرنا واحتياجاتنا ورغباتنا، والحقيقة الثانية أن الحب اختيار، إن لغة الانتقادات والأوامر تسبب الانقسام والفرقة، في حين أنه يمكن أن توجه الحب من خلال الطلب، والحقيقة الثالثة أن النقد الذي يوجه إلى الشريك يعطي فكرة واضحة عن لغة الحب الأساسية للشريك المنتقد، إن النقد وسيلة غير فعالة في إظهار الحاجة إلى الحب.
لغة الحب الخامسة:
الاتصال البدني..
إن الاتصال البدني أيضا وسيلة فعالة في توصيل الحب بين الزوجين، فالأيدي المتشابكة والقبلات والأحضان والعلاقة الحميمة، كلها طرق لتوصيل الحب، ويعتبر الاتصال البدني لغة الحب الأساسية لبعض الأشخاص، وبدونها يشعرون أنهم غير محبوبين، وبها يمتلئ خزان الحب لديهم، ويشعرون بالثقة في حب شريكهم في الحياة.
على عكس الحواس الأخرى فإن اللمس وهو إحدى الحواس ليس محصورا في منطقة واحدة في الجسد، فإن المتقبلات الحسية الدقيقة منتشرة في الجسد كله، وعندما تلمس هذه المتقبلات أو يتم الضغط عليها تقوم الناقلات العصبية بنقل هذه النبضات الحسية إلى المخ، ويقوم المخ بترجمة تلك النبضات، وبذلك ندرك أن الشيء الذي لمسناه دافئ أو بارد أو صلب أو لين، وهذا يشعرنا إما بالألم أو بالسعادة، ويمكننا أن نترجمه أيضا على أنها علامة للحب أو العداوة، وبعض أجزاء الجسم أكثر حساسية من الأخرى، ويعزو السبب في هذا إلى أن المتقبلات الحسية الدقيقة لا توجد في كل أجزاء الجسد بشكل متساو، ولكنها توجد في شكل مجموعات، ولذلك نجد مقدمة اللسان أكثر أجزاء الجسد إحساسا، بينما نجد أن منطقة أعلى الكتفين أقلها إحساسا، ونجد أن أطراف الأصابع وطرف الأنف هي مناطق يكون الإحساس فيها عاليا جدا. في الزواج يمكن أن تأخذ لمسة الحب أشكالا مختلفة، وحيث أن متقبلات اللمس منتشرة في الجسد ككل فغالبا ما تكون لمسة الحب من ناحيتك، لشريكك في الحياة، في أي موضع، تعبيرا عن الحب، ولا يعني هذا أن كل اللمسات لها نفس التأثير، فبعضها يشعر بسعادة أكثر من بعض، وأفضل من يخبرك عن ذلك بالطبع هو الشريك، فيجب عليك ألا تلمسه بالطريقة التي ترغب بها أنت، والوقت الذي ترغب فيه، بل تعلم أن تتكلم بلهجته في الحب، لأن شريكك في الحياة يمكن أن يشعر بعدم الراحة أو الغضب تجاه بعض اللمسات، فعندما تصر على هذه اللمسات فإنك توصل له معنى عكس معنى الحب.
فهي توصل إليه أنك لا تحس باحتياجاته، وأنك لا تهتم بالأشياء التي تسعده، ولا تخطيء بأن تعتقد أن اللمسة التي تشعرك بالسعادة ستجعل الطرف الآخر يشعر بالسعادة، جرب لمسات جديدة في مواضع جديدة، ودع شريكك في الحياة يخبرك برأيه فيما إذا كان يجدها ممتعة أم لا، وتذكر أن له الكلمة الأخيرة في هذا، لأنك ما زلت تتعلم كيف تتحدث لغته.
الجسد مخلوق للمس..
كل ما هو مني يكمن في جسدي، فعندما تلمس جسدي فإنك تلمسني، وعندما تعرض عن جسدي فإنك تبعد عني من الناحية العاطفية، وفي مجتمعنا تعتبر المصافحة وسيلة لتوصيل الصراحة والعلاقة الاجتماعية للآخرين.
كيفية اكتشاف لغتك الأساسية في الحب..
ما لغتك الأساسية للحب؟، ما الذي جعلك تشعر بأن الطرف الآخر يحبك جدا؟، ما الذي ترغب فيه أكثر من شيء آخر؟، إذا لم تعرف الإجابات فربما سيساعدك أن تفحص الاستخدام السلبي للغة الحب، وما يفعله شريكك أو يقوله، أو يخفق في فعله أو قوله ويؤلمك بشكل كبير، فإذا كان يزعجك أن شريكك لا يكرس لك وقتا، إذن فهذه لغتك الأساسية في الحب، وهناك طريقة أخرى لاكتشاف لغتك الأساسية للحب، وهي أن تستعرض ما مضى من حياتك الزوجية وتسأل نفسك، ما الذي كنت أطلبه دوما من شريكي في الحياة؟، فمن المرجح أن ما كنت تطلبه يتوافق مع لغتك الأساسية في الحب.
الكاتب..
“جاري تشابمان” مؤلف سلسلة كتب لغات الحب الخمس، ومدير مؤسسة استشاريي الحياة الزوجية والحياة العائلية، ويسافر حول العالم لتقديم ندواته وبرامجه الإذاعية التي تبث في أكثر من مائة محطة.