1 – أبو نؤاس و( الفضل) البخيل، وابن الرومي و( عيسى ) البخيل ، الخالد العتيد…!!
2 – معن بن زائدة وحلمه ( أتذكر إذ لحافك …؟!).
3 – قصة : (كلام الليل يمحوه النهارُ).
4 – قصة : ( قل للمليحة في الخمارِالأسودِ).
5 – حكاية أبي دلامة ومصيدة الخليفة المهدي وقادته ، والتخلص بهجاء نفسه .
1 – ومن ذلك ما قال أبو نواس يهجو شخصاً اسمه الفضل – ويُرمى بالبخل الشديد – قائلاً:
رأيتُ الفَضْلَ مكْتئِباً ****يناغي الخبز والسمَـكَـا
فقطّبَ حين أبصرَني ****ونَكّـسَ رأسَــهُ ، وبكى
فلمّا أن حلفتُ لــــــهُ ****بأنّـي صـــائمٌ ضحكَــا
تجدون الأبيات في الموسوعة العالمية للشعر العربي – أبو نؤاس – ، وكذلك راجع الموسوعة نفسها – ابن الرومي – وأبياته عن عيس وبخله ، والحقيقة اشتهرت في العصر العباسي ظاهرة ذم البخل بسخرية لاذعة بين شعراء ذلك العصر المزدهر .
يُقتِّر عيسى على نفسه ***وليس بباقٍ ولا خالدِ
فلو يستطيع لتقتيره ****تنفَّس من منخرٍ واحدِ
عذرناه أيام إعدامه ***فما عذرُ ذي بَخَــلٍ واجدِ
رَضيتُ لتفريق أمواله *يَدَي وارثٍ ليس بالحامدِ
2 – وفي ( المعرفة ) حكاية عن معن بن زائدة ، وفيات (152 هـ / 769 م ) :
هو أمير العرب أبو الوليد الشيباني، أحد أبطال الإسلام، وعين الأجواد ، كان من أمراء متولي العراقين يزيد بن عمر بن هبيرة ، فلما تملك آل العباس ، اختفى معن مدة، والطلب عليه حثيث ، فلما كان يوم خروج الريوندية والخراسانية على المنصور، وحمي القتال، وحار المنصور في أمره، ظهر معن، وقاتل الريوندية فكان النصر على يده، وهو مقنع في الحديد، فقال المنصور: ويحك، من تكون؟
فكشف لثامه ، وقال : أنا طلبتك معن. فسر به، وقدمه وعظمه، ثم ولاه اليمن وغيرها.
قال بعضهم : دخل معن على المنصور، فقال : كبرت سنك يا معن .
قال : في طاعتك.
قال : إنك لتتجلد.
قال : لأعدائك.
قال: وإن فيك لبقية.
قال : هي لك يا أمير المؤمنين
ولمعن أخبار في السخاء، وفي البأس والشجاعة ، وله نظم جيد. ثم ولى ، وثبت عليه خوارج وهو يحتجم، فقتلوه ، فقتلهم ابن أخيه يزيد بن مزيد الأمير في سنة اثنتين وخمسين ومائة وقيل : سنة ثمان وخمسين.
حلمه:
اشتهر الأمير معن بن زائده بالحلم وسعة الصدر ويروى أن شاعرا جلس مع قوم فذكروا واطنبوا في حلم وسعة صدر معن فقال الشاعر: ليس هناك شخص إلا ويغضب ، فقالوا: إلا معن بن زائده فإنه لا يغضب ، فكثر الجدال بينهم فقال من يراهني على ان اغضبه فراهنه احدهم على 100 من الأبل.
ذهب الشاعر ودخل على معن بن زائده في مجلسه وجلس ولم يسلم ثم قال:
أتذكر إذ لحافك جلد شاةٍ ***وإذ نعلاك من جلد البعيرِ
قال معن : نعم أذكر ذلك ولا انساه.
قال الشاعر:
فسبحان الذي أعطاك ملكاً*** وعلمك الجلوس على السرير
قال معن: سبحانه يعطي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء.
فقال الشاعر:
فلست مسلما ان عشت دهراً*** على معنٍ بتسليم الاميرِ
قال معن : السلام خير.. وليس في تركه ضير.
قال الشاعر:
سأرحل عن بلادٍ أنت فيها ***ولو جار الزمان على الفقيرِ
قال معن : إن جاورتنا فمرحبا بالإقامة، وإن جاوزتنا فمصحوبا بالسلامة.
قال الشاعر:
فجد لي يابن ( ناقصةٍ) بمالٍ*** فإني قد عزمت على المسير
قال معن : أعطوه ألف دينار تخفف عنه مشاق الأسفار.
قال الشاعر:
قليلٌ ما اتيت به وإنّي*** لأطمع منك بالمال الكثير
قال معن : أعطوه ألفا ثانيا كي يكون عنا راضيا.
قال الشاعر:
فثن .. فقد أتاك الملك عفواً*** بلا عقلٍ ولا رأيٍ منيرِ
فقال معن: أعطوه ألفين آخرين.
فتقدم الأعرابي إليه وقال:
سألت الله أن يبقيك دهراً*** فما لك في البرية من نظير
فمنك الجود والإفضال حقاً ***وفيض يديك كالبحر الغزير
فقال معن: أعطيناه أربعة على هجونا فأعطوه أربعة على مدحنا. فقال الأعرابي: بأبي أيها الأمير ونفسي فأنت نسيج وحدك في الحلم، ونادرة دهرك في الجود، ولقد كنت في صفاتك بين مصدق ومكذب فلما بلوتك صغر الخبر الخبر ، وأذهب ضعف الشك قوة اليقين، وما بعثني على ما فعلت إلا مائة بعير جعلت لي على إغضابك. فقال له الأمير: لا تثريب عليك، ووصله بمائتي بعير، نصفا للرهان والنصف الآخر له، فانصرف الأعرابي داعيا له. شاكرا لهباته. معجبا بأناته.
لك أن تحكم على الرواية مدى صدقيتها ، أو المبالغة فيها ، ولله في خلقه شؤون ، والحديث شجون …!!
3 – كلام الليل يمحوه النهارُ …!!
وفي كتاب (العقد الفريد) لمؤلفه ابن عبد ربه الأندلسي:
حدث أبو جعفر قال: بينا محمد بن زبيدة الأمين يطوف في قصر له، إذ مر بجارية له سكرى، وعليها كساء خز تسحب أذياله، فراودها عن نفسها، فقالت: يا أمير المؤمنين، أنا على حال ما ترى، ولكن إذا كان من غد إن شاء الله. فلما كان من الغد مضى إليها، فقال لها: الوعد. فقالت له: يا أمير المؤمنين: أما علمت أن كلام الليل يمحوه النهار؟ فضحك، وخرج إلى مجلسه، فقال: من بالباب من شعراء الكوفة؟ فقيل له: مصعب والرقاشي وأبو نواس. فأمر بهم فأدخلوا عليه، فلما جلسوا بين يديه قال: ليقل كل واحد منكم شعراً يكون آخره:
كلام الليل يمحوه النهار
فأنشأ الرقاشي يقول:
متى تصحو وقلبك مستطار***وقد منع القرار فلا قـــرارُ
وقد تركتك صباً مستهامـــاً **** فتاة لا تزور ولا تــــزارُ
إذا استنجزت منها الوعد قالت ** كلام الليل يمحوه النهار
وقال مصعب:
أتعذلني وقلبك مســــتطارُ *** كئيب لا يقر له قـرارُ
بحب مليحة صادت فؤادي**بألحاظ يخالطها احورارُ
ولما أن مددت يدي إليها **** لألمسها بدا منها نفارُ
فقلت لها عديني منك وعداً**فقالت في غد منك المزار
فلما جئت مقتضياً أجابت **** كلام الليل يمحوه النهارُ
وقال أبو نواس:
وخود أقبلت في القصر سكرى***ولكن زين السكر الوقار
وهز المشي أردافاً ثقــــــالاً**وغصنا فيه رمــــان صغـار
وقد سقط الردا عن منكبيها … من التخميش وانحل الإزارُ
فقلت : الوعد سيدتي. فقالت: *** كلام الليل يمحوه النهارُ
فقال له: أخزاك الله، أكنت معنا ومطلعاً علينا؟ فقال: يا أمير المؤمنين عرفت ما في نفسك فأعربت عما في ضميرك. فأمر له بأربعة آلاف درهم، ولصاحبيه بمثلها.
هذه هي القصة والحوار…
4 – قصة ( قل للمليحة في الخمار الأسودِ)…!!
هذه قصة وردت في كتاب ( ثمرات الأوراق ) لابن حجة الحموي ويقال بسببها انتشر الخمار الأسود في المدينة المنورة ، ومنها انتقل إلى العالم الإسلامي ، ولا كأنما الخمار الأسود يبرز الوجه الأبيض للفاتن الكاعبة مع هيبة الوقار ، أو لأن الأسود كان شعاراً للعباسيين طيلة أكثر من خمسة قرون …:
كان رجل يسمى ” الدرامي ” يبيع الخمر ” جمع خمار ” في المدينة المنورة ، وكان هذا الرجل متديناً وجميل الشكل.
وأثناء تجارته باع جميع ألوان الخمر إلا أنه لم يوفق في بيع خمار واحد من اللون الأسود
فحزن حزناً شديداً إذا أنه اعتبر أن هذه بضاعة كاسدة
وأنها ستعود على تجارته بالخسارة
فرآه أحد الشعراء فسأله ما بالك حزينًا؟!!
فشرح قصته أن بيعه لم يربح منه بسبب عدم بيع الخٌمُر السود
فقال له سأعطيك هذه الأبيات وأنشد بها فى السوق
وسترى ما يحدث وكانت الأبيات على النحو التالي
قل للمليحة في الخمار الأسود ** ماذا صـنـعت بزاهـدٍ مـتـعـبـد
قد كان شمر للصلاة ثيابــــه *** حتى وقفت لـــه بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامـــــه **** لا تقتيله بحــق دين محمدِ
فأنشدها فسمعها الرجال وأخبروا نساءهم فى البيوت بتلك الأغنية التي تردد
فتعجب النساء أن العابد قد فتن بالمرأة ذات الخمار الأسود
لشدة تأثير الخمار الأسود فبيعت جميع تلك الخٌمُر
فلما تيقن ( الدارمي) أن جميع الخمر السوداء قد نفذت من عند صديقه ترك
الغناء و رجع إلى زهده وتنسكه ولزم المسجد، فمنذ ذلك التاريخ حتى وقتنا
الحاضر والنساء يرتدين أغطية الرأس السوداء ولم يقتصر هذا على نساء المدينة
وحدهن بل قلدهن جميع النساء في العالمين العربي والإسلامي
وهكذا يكون أول إعلان تجارى في العالم أجمع قد انطلق من المدينة المنورة
5 – في كتاب (المستطرف في كل فن مستظرف) لمؤلفه شهاب الدين محمد بن أحمد أبي الفتح الأبشيهي :
دخل أبو دلامة على المهدي وعنده إسماعيل بن علي وعيسى بن موسى والعباس بن محمد وجماعة من بني هاشم فقال له المهدي والله لئن لم تهج واحدا ممن في هذا البيت لأقطعن لسانك
فنظر إلى القوم وتحير في أمره وجعل ينظر إلى كل واحد فيغمزه بأن عليه رضاه قال
أبو دلامة فازددت حيرة فما رأيت أسلم لي من أن أهجو نفسي فقلت:
ألا أبلغ لديك أبا دلامة *** فلست من الكرام ولا كرامه
جمعت دمامة وجمعت لؤماً ** كذاك اللؤم تتبعه الدمامه
إذا لبس العمامة قلت قردا *** وخنزيرا إذا نزع العمامه
فضحك القوم ولم يبق منهم أحدا إلا أجازه.
والسلام على أهل الذوق والجمال والسلام ..!!!