في الآونة الأخيرة بدأت الدوائر الرسمية السعودية تخشى من محدّدات عامل الوقت وفاتورة التكاليف من جهة، ومن جهة أخرى حجم الرهانات والمكاسب التي يتوقع أن يحصل عليها كلّ طرف، كمقابل لمشاركته في تحالف العدوان على اليمن، فالهدف السعودي مثلاً، يختلف بالمطلق عن الهدف الإماراتي، مع أنهم جميعاً متفقون على بعض الرؤى للتفاهمات ، لكنهم يختلفون حول الطريقة والأسلوب والبديل الأنسب لهذه التفاهمات، في حال تعثرها، وهذا ما بدأت تظهر معالمه في الفترة الأخيرة.
مؤخراً، أبدى بعض حلفاء الرياض المشاركين في هذا التحالف تحفظات كثيرة، من خلف الكواليس، حول الهجمات على أهداف مدنية،وبعض البنى التحتية التي ضربتها المقاتلات السعودية في شكل مقصود أو غير مقصود، في مناطق شمال اليمن، وقد بات واضحاً أنّ هناك حالة من التمزق والخروج عن بعض الخطوط الحمراء التي وضعت، حين تقرّر تشكيل هذا التحالف في شكل مفاجئ ودراماتيكي.
ورغم أنّ هناك حكومات منضوية في صفوف هذا التحالف ما زالت حتى الآن تفتح خزائنها المالية له، إلا أنّ بعضها تراجع في الفترة الأخيرة عن وعود قطعها سابقاً بتمويل كبير وسخي لهذه العمليات، بعد أن أثبتت العمليات أنّ ما يجري اليوم على الأرض اليمنية هو أشبه بالتدمير الشامل، وخصوصاً بعد ثبوت ضعف التنسيق الاستخباراتي وطبيعة الأهداف والمواقع المستهدفة بهذه الضربات وسقوط الكثير من المدنيين وضرب بنى تحتية يمنية في شكل واسع، كمحصّلة أولية لهذه العمليات، ما سيعرض هذه القوى في المستقبل القريب إلى مساءلات قضائية دولية حول طبيعة الأهداف والعمليات فوق الأراضي اليمنية.
والمثير للاستغراب هنا، هو أن هذه العمليات العسكرية السعودية تقوم بضرب أهداف مدنية وبنى تحتية ومخيمات نزوح ومصانع ومستشفيات وغيرها، ما يشير إلى أنّ حجم الدعم الاستخباراتي الأميركي السعودي على الأرض محدود بل ضعيف جداً، أو أنّ هناك مخططاً أميركياً يهدف إلى إطالة عمر المعركة في اليمن.
من ناحية أخرى، يمكن للمتابع لمسار عدوان «ناتو العرب» الشامل على الأراضي اليمنية أن يقرأ بسهولة حجم مساهمة الدول العربية في هذا التحالف، وخصوصاً إذا تمّ الحديث عن عامل القوات البرية كطرف في هذا العدوان، وبالإضافة إلى كلّ العوامل السابقة، هناك أيضاً عامل ومحدّد الوقت، الذي تحدثت عنه دوائر صنع قرار هذا التحالف.
إنّ الكلفة الباهظة لهذه العمليات وحجم الرهانات والأهداف والمكاسب التي يتوقع أن يحصل عليها كلّ طرف من الأطراف، كمحصلة لمشاركته في هذه الحرب مع هذا التحالف، بدأت تلقي بظلالها في شكل واسع على مسار العمليات العسكرية، فهذه المحدّدات جميعها تعتبر من أهمّ نقاط الضعف الموجودة لدى التحالف المشارك في العدوان، ومن المتوقع أن تكون من أهمّ العوامل التي ستطيح بهذا التحالف آجلاً أم عاجلاً، فإطالة أمد الحملة من دون الوصول إلى نتائج فعلية، مع ارتفاع كلفتها والتي يتوقع أن تتحمّل السعودية نسبة كبيرة منها، في ظلّ عدم حصول أيّ اختراق رغم طول المدة، ينبئ بأنّ هناك معادلات جديدة بدأت تدخل إلى طبيعة هذا التحالف، ما سيعطي نتائج أكثر سلبية على المدى القصير المنظور للقوى العربية الرسمية التي تشارك في هذا التحالف أمام شعوبها.
ختاماً، إنّ عوامل الوقت وفاتورة التكاليف وحجم الرهانات لكلّ طرف مشارك في هذا التحالف، بالإضافة إلى حجم الدمار والخسائر المتوقعة في اليمن، ستكون سبباً واقعياً ومنطقياً لانهيار هذا التحالف، والسؤال هنا: في حال انهيار هذا التحالف، ما هي الخطة السعودية لتعويض هذا الانهيار؟ بانتظار الأيام المقبلة لتعطينا جواباً واضحاً وقاطعاً