17 نوفمبر، 2024 5:25 م
Search
Close this search box.

ما بعد الديمقراطية!!

ما بعد الديمقراطية!!

القرن الحادي والعشرون , يشهد سقوط النظريات والآيديولوجيات , بل أن هذا المسار قد إنطلق منذ بداية العقد الأخير من القرن العشرين , وكان الدليل الأول هو إنهيار الإتحاد السوفياتي , والعلامة البارزة إنهيار جدار برلين.
فالنظام السياسي ما عاد ديمقراطيا ولا إشتراكيا ولا رأسماليا ولا غير ذلك , وإنما صار وعاؤها جميعا وأكثر.
ومن المعروف أن النظام السياسي الذي مضت عليه البشرية منذ الأزل يتسم بالفردية والإستبداد والقبضة الحديدية المؤزرة بقدرات الغيب المقرون بالآلهة والأرباب , والمنطلقة فيما بعد من العقائد الدينية المنزلة على الرسل والأنبياء.
وفي واقع السلوك البشري أن ما يتحقق في مسيراته عبر العصور , إنما يؤكد صوت الغاب وإرادته وقوانينه التي يحاول البشر الإلتفاف عليها بمسميات وأقنعة ومظاهر وشعارات ورسالات ومعتقدات ومنطلقات , يسميها نظريات وبديهيات وما يتصل بها من التسميات.
والحقيقة , أن ديدن السلوك وبوصلته تتأكد بالمصلحة , فالمصلحة هي كل شيئ , ولا شيئ يعلو على المصلحة.
وفي عالم اليوم المصالح تتنتصر وتتصارع وتخوض معارك متنوعة غايتها تأكيد مطامعها وقدرتها على التحكم بمصير الآخرين من أبناء الدينا الذين إستلطفوا أدوار الضحايا , وإرتضوا بمصير الوقوع فرائس بين مخالب وأنياب الأقوياء.
ووفقا لهذا فأن ما عهدته الدنيا في القرن العشرين من تصورات صار باهتا وخاليا من طعم المصلحة , ولهذا فأن القوى المتأسدة قد إستدارت مئة وثمانين درجة , وراحت تبحث عن آليات لتحقيق مصالحها العظمى.
فالقوة الحقيقية هي القوة الإقتصادية والتمكن من الإستحواذ على الحاجات البشرية , وقد أدركت ذلك الصين قبل غيرها من الدول , فأمعنت بالإستثمار بهذا الإتجاه , حتى صارت تهيمن على أسواق الدنيا وتغدقها ببضائعها ومصنوعاتها.
وقد إنتهجت الصين ومنذ عقود نظام ما بعد الديمقراطية , فهو يخلط ما عهدته البشرية في القرن العشرين ويستنبط منه نظاما معبرا عن إرادة البشر ومحررا لطاقاتهم وقدراتهم الإبداعية الساعية للعطاء والنماء.
فالنظام الصيني , ليس شيوعيا ولا رأسماليا ولا ديمقراطيا , وإنما قد تجاوز ذلك ووضع الأسس الإنطلاقية نحو نظام حكم غير مطروق في السابق , وبهذا تمكنت الصين من إقامة نظام يكفل حياة ما يقرب من ثلث سكان الأرض ويمنحهم الفرص الكفيلة بالتفاعل الإيجابي والإنتاج المربح.
فهل سنتعلم ونبتكر نظامنا السياسي المحقق لمصالحنا وتطلعاتنا الحضارية؟!!

أحدث المقالات