18 ديسمبر، 2024 10:01 م

لا تخدعونا بالانتخابات مرّة أخرى

لا تخدعونا بالانتخابات مرّة أخرى

ما جرى يوم السبت الماضي مؤلمٌ جداً ومثيرٌ للاشمئزاز ويدلّ بشكل واضح على أن العملية الانتخابية خرجت عن مسارها الديمقراطي الصحيح وتحولت الى فرض منطق ( القوي يأكلُ الضعيف ) وتم استخدام فتل العضلات فيها استخداماً مدروساً ومُبرمجاً وليس وليد الساعة أو الصدفة – كما يتصور البعض – وليس وفق اجتهادات فردية – كما يُبرّرُ البعض – والمشاهدُ الفوضوية الكثيرة التي عمّت مدن العراق كافة تكشفُ للرأي العام أن الكثير من الأحزاب والكتل السياسية ما تزالُ تميلُ الى الأساليب الدكتاتورية ولم يكن لديها قناعة بالديمقراطية وبحيثياتها وتفاصيلها . والعجيبُ الغريبُ في الأمر أن بعض المتحدثين يحاولُون اقناع المواطنين بنزاهة ونظافة العملية الانتخابية وهم على علم يقين ودراية تامة بما حصل . ولا حاجة ليْ في هذا المقال من سرد الأمثلة على الخروقات التي كانت السمة الأبرز في جميع مدن العراق يوم الانتخابات لأن الجميع قد شاهدوها  وشهدوا عليها . ومن هنا فان نتائج الانتخابات مهما كان شكلها وحجمها فهي لا تمثلُ أدنى مقدار من التصرف والسلوك الديمقراطي . بل أراها مشابهة لأي انقلاب من الانقلابات العسكرية التي كانت تحصلُ في العراق . ولا أرى أي فرق بين الانقلاب العسكري والانقلاب الانتخابي ، فكلاهما يخضعان لمنطق القوة واللجوء الى فرض الوجود على الأمر الواقع بعيداً عن آراء المواطنين الحقيقية . ونحن كعراقيين تعودنا منذ زمن طويل على ايقاع الديكتاتوريات واستهوتنا  رقصاتُ وارهاصات الزعماء والقادة العظام ( حفظهم الله ) ومنذ أيامنا الأولى ونحن مجبرون لتقديم الولاء والطاعة لمن يقودنا كما يُقادُ قطيعُ الأغنام ، والديمقراطية لا تصلحُ لنا ولا يمكن أن تنسجمَ مع طبائعنا وعاداتنا وتقاليدنا . وعليه فنحن لسنا بحاجة الى انتخاباتكم التي خدعتمونا بها . افعلوا ما تشاؤون ولن نقول لكم كفى . وهنيئا لكم ( الجمل بما حَمَل ) ، واعلموا أننا عراقيون بالهوية فقط  ، ولوْ كنا في نظركم عراقيين ( كما تدّعون ) لاحترمتم أصواتنا وآراءنا وحقوقنا التي دستم وبصقتم عليها يوم الانتخابات . وكم تمنينا أن نجدَ وطنا آخر غير هذا الوطن المُبتلى ( بالسارق والمارق والمنافق ) وكم تمنيا أن تنطبق السماءُ على الأرض ولا نرى مهازلكم التي تجاوزت الخطوط الحمراء . تسنموا المناصبَ الرفيعة واختاروا لأنفسكم الألقابَ العظيمة ، واكلوا واشربوا ما لذ وطاب ودعونا نبحثُ عن أحلامنا المنسية في فناجين القهوة ، فلعلّ قارئة فنجان ستخبرنا بأخبار سارة حتى لو بعدَ ألف عام . فنحن نرفعُ لكم راية الاستسلام ، ولا نريد منكم سوى مطلب واحد فقط : لا تخدعونا بشعاراتكم المزيفة ولا تخدعونا بالانتخابات مرة أخرى ، فنحن من كثرة الآلام لا نتحملُ مرارة الصدمات .