ما جرى يوم السبت الماضي مؤلمٌ جداً ومثيرٌ للاشمئزاز ويدلّ بشكل واضح على أن العملية الانتخابية خرجت عن مسارها الديمقراطي الصحيح وتحولت الى فرض منطق ( القوي يأكلُ الضعيف ) وتم استخدام فتل العضلات فيها استخداماً مدروساً ومُبرمجاً وليس وليد الساعة أو الصدفة – كما يتصور البعض – وليس وفق اجتهادات فردية – كما يُبرّرُ البعض – والمشاهدُ الفوضوية الكثيرة التي عمّت مدن العراق كافة تكشفُ للرأي العام أن الكثير من الأحزاب والكتل السياسية ما تزالُ تميلُ الى الأساليب الدكتاتورية ولم يكن لديها قناعة بالديمقراطية وبحيثياتها وتفاصيلها . والعجيبُ الغريبُ في الأمر أن بعض المتحدثين يحاولُون اقناع المواطنين بنزاهة ونظافة العملية الانتخابية وهم على علم يقين ودراية تامة بما حصل . ولا حاجة ليْ في هذا المقال من سرد الأمثلة على الخروقات التي كانت السمة الأبرز في جميع مدن العراق يوم الانتخابات لأن الجميع قد شاهدوها وشهدوا عليها . ومن هنا فان نتائج الانتخابات مهما كان شكلها وحجمها فهي لا تمثلُ أدنى مقدار من التصرف والسلوك الديمقراطي . بل أراها مشابهة لأي انقلاب من الانقلابات العسكرية التي كانت تحصلُ في العراق . ولا أرى أي فرق بين الانقلاب العسكري والانقلاب الانتخابي ، فكلاهما يخضعان لمنطق القوة واللجوء الى فرض الوجود على الأمر الواقع بعيداً عن آراء المواطنين الحقيقية . ونحن كعراقيين تعودنا منذ زمن طويل على ايقاع الديكتاتوريات واستهوتنا رقصاتُ وارهاصات الزعماء والقادة العظام ( حفظهم الله ) ومنذ أيامنا الأولى ونحن مجبرون لتقديم الولاء والطاعة لمن يقودنا كما يُقادُ قطيعُ الأغنام ، والديمقراطية لا تصلحُ لنا ولا يمكن أن تنسجمَ مع طبائعنا وعاداتنا وتقاليدنا . وعليه فنحن لسنا بحاجة الى انتخاباتكم التي خدعتمونا بها . افعلوا ما تشاؤون ولن نقول لكم كفى . وهنيئا لكم ( الجمل بما حَمَل ) ، واعلموا أننا عراقيون بالهوية فقط ، ولوْ كنا في نظركم عراقيين ( كما تدّعون ) لاحترمتم أصواتنا وآراءنا وحقوقنا التي دستم وبصقتم عليها يوم الانتخابات . وكم تمنينا أن نجدَ وطنا آخر غير هذا الوطن المُبتلى ( بالسارق والمارق والمنافق ) وكم تمنيا أن تنطبق السماءُ على الأرض ولا نرى مهازلكم التي تجاوزت الخطوط الحمراء . تسنموا المناصبَ الرفيعة واختاروا لأنفسكم الألقابَ العظيمة ، واكلوا واشربوا ما لذ وطاب ودعونا نبحثُ عن أحلامنا المنسية في فناجين القهوة ، فلعلّ قارئة فنجان ستخبرنا بأخبار سارة حتى لو بعدَ ألف عام . فنحن نرفعُ لكم راية الاستسلام ، ولا نريد منكم سوى مطلب واحد فقط : لا تخدعونا بشعاراتكم المزيفة ولا تخدعونا بالانتخابات مرة أخرى ، فنحن من كثرة الآلام لا نتحملُ مرارة الصدمات .