التصريح الذي أطلقه رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، من إنه لن يترشح لرئاسة الحكومة المقبلة “إذا كانت مبنية على أساس المحاصصة الطائفية”، تصريح يدعو للتأمل و التفکير بشأن هل إن هناك إمکانية أو قدرة في ظل الاوضاع السائدة في العراق أن تکون هناك حکومة بعيدة عن المحاصصة الطائفية، کأن يتم تشکيل حکومة تکنوقراط مثلا؟
التأمل في الاطراف و القوى السياسية المتباينة المشارکة في الانتخابات العراقية حيث هناك 7376 مرشحا يمثلون 320 حزبا وائتلافا وقائمة للحصول على 328 مقعدا في البرلمان العراقي المقبل، والذي سيتولى انتخاب رئيسي الوزراء والجمهورية، نجد إن أغلبيتها ذات طابع و إتجاه طائفي أو عرقي أو فئوي في أفضل الاحوال، وفي ظل هيمنة تيارات شيعية نافذة مقربة من نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و قدرتها التي تستمدها من النفوذ الايراني، فإن الحديث عن حکومة لاتشکل المحاصصة الطائفية حجر الزاوية فيها، هو حديث عبثي ولاطائل من ورائه إطلاقا.
الملفت للنظر دائما، إن أي جهد أو إجراء إيجابي يخدم العراق و شعبه و مستقبل الاجيال الآتية، يصطدم و يتعارض دائما مع الدور و النفوذ الايراني في المنطقة و الذي يعتمد بالاساس على زرع و بث کل أسباب الفرقة و الانقسام و الاختلاف ليس بين أطياف و مکونات الشعب العراقي فقط وانما حتى بين الشيعة أنفسهم، فقد کانت ولازالت أهم أسلحة نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية المستخدمة في العراق من أجل إحکام نفوذه، هو عامل التفريق و بث روح الاختلاف و الانقسام.
حيدر العبادي عندما يصرح بأنه لن يترشح لرئاسة الوزراء إذا کان الحکومة قائمة على أساس المحاصصة الطائفية، فإنه يعلم جيدا إستحالة ذلك و نفوذ النظام الايراني متربص بالعراق، وإن المحاصصة الطائفية و العرقية في العراق ليست خيارا مطروحا من بين عدة خيارات أخرى وانما هو فرض و أمر واقع بموجب إستمرار النفوذ الايراني في العراق و الدور غير العادي للسفارة الايرانية في العراق و التي تلعب دور الموجه و المشرف على الامور و الاوضاع في العراق، وإنه ومن دون أن يتم تحديد الدور الايراني و تحجيمه وصولا الى إنهاء نفوذه المشبوه، فإنه من المستحيل أن نرى تجسيدا للإرادة الحرة للشعب العراقي و فرضها على القرار السياسي العراقي، وإن الايام القادمة سوف تثبت هذه الحقيقة المرة التي آن الاوان لکي يواجهها الشعب العراقي و يضع حدا نهائيا لها، وهو أمر ليس بالمستحيل خصوصا وإن النظام الايراني يواجه حاليا أضعف حالاته و الوقت مناسب لهکذا تحرك.