بدأت ردة الفعل المقابلة لتظاهرات الانبار ، بمثلها في بغداد وبعض المحافظات ودخلنا عمليا بالمشكلة ، وبات الشعب العراقي رهينة لرغبات السياسيين الذين استطاعوا بكل امتياز ان يجروه الى مشاكلهم ويكون الوقود الذي يغذي الازمة فيما بينهم .
رغم السقوف العالية وبعض المطالب الغير منطقية التي اطلقتها تظاهرات الانبار وبعض المحافظات ، الا انه كان من الواجب امتصاص هذه التظاهرات والتعامل معها بروية ، وليس استخدام ردة الفعل المشابهة بالفعل .
واذا استخدم بعض السياسيين ابناء محافظة الانبار ، ليكونوا منطلقا لتحقيق بعض الاغراض السياسية ، كان على السياسيين القريبين على رئيس الوزراء نوري المالكي ، ان لا يستخدموا نفس الطريقة ، اذ ان هذه الطريقة تذكرنا بما حصل في الثورات العربية التي اندلعت في بعض الدول ، اي ان المسالة بحد ذاتها هي تصعيدية وليست نوع من الحل .
ان الذين نظروا ، لتظاهرة ساحة التحرير امس ، كانوا يريدون توجيه رسالة الى الطرف الاخر بانه مثلما هناك مطالب لمتظاهري الانبار ، فان هذه المطالب مرفوضة من قبل متظاهرين اخرين ، وهذا من وجهة نظري لن يجدي نفعا ، لانني على ثقة ان التظاهرات في الانبار هي اكبر من كونها مطالب ، وهذا واضح من خلال المطالبات الغير منطقية ، والشعارات الاستفزازية التي اطلقت .
لا اشك بنية بعض متظاهري الانبار الوطنية ، لكني لا يمكن ان احسن الظن بالذين رفعوا الشعارات الطائفية وصور الرئيس المخلوع صدام حسين او رئيس وزراء تركيا اوردغان .
كما لا يمكن ان احسن الظن بالسياسيين الذين ارادوا تبرير رفع هذه الصور والشعارات ، بتبريرات اسوء من الفعل نفسه ، كما في تبرير ظافر العاني الذي اراد ان يجعل من رفع صور اوردغان طبيعية وقال انا اعلق صورته في منزلي !!!
ان الاخطر من هذا كله ، بان مجلس النواب هو الاخر دخل كطرف في الازمة بشكل واضح وصريح وبمنطلقات طائفية للاسف الشديد ، فالاغلب تخلى عن التمثيل الوطني للشعب ، وفضل التمثيل الطائفي ، وهذه الصورة هي نفسها التي سادت المشهد قبل الحرب الطائفية الماضية التي اكلت الحرث والنسل .
انا اجزم ان الحكومة غير قادرة على انهاء هذه الازمة ، ولا مجلس النواب ولا رئاسة الجمهورية ، فكما قلت ان المسألة غير مرتبطة بقوانين تشرع او اخرى تلغى ، انما مرتبطة باجندات خارجية ، تريد جر العراق الى الصراع الطائفي الذي يحصل خارج حدوده ، وخاصة سوريا .
لذا على سياسينا ان يكونوا اكثر حكمة في التعامل مع هذه الازمة ، وان لا يصغوا الى الدعوات الخارجية التي فيما يبدوا انها تمكنت لحد الان من زج الشارع العراقي في ازمة لا يحمد عقباها .