القسم الثاني
ولعل من غريب التداول السلمي للسلطة الذي صنعته إدارات حكومات الإحتلال الغاشم ، أن تصدر المحكمة الإتحادية العليا قرارها المرقم ( 25/ إتحادية/2010 ) في 25/3/2010 ، الخاص بتفسير عبارة ( الكتلة النيابية الأكثر عددا ) الواردة في نص المادة (76/أولا) من الدستور ، على إنها (( الكتلة التي تكونت بعد الإنتخابات من خلال قائمة إنتخابية واحدة ، دخلت الإنتخابات بإسم ورقم معينين ، وحازت على العدد الأكثر من المقاعد ، أو الكتلة التي تجمعت من قائمتين أو أكثر من القوائم الإنتخابية التي دخلت الإنتخابات بأسماء وأرقام مختلفة ، ثم تكتلت في كتلة واحدة ذات كيان الكتلة التي تجمعت من قائمتين أو أكثر من القوائم الإنتخابية التي دخلت الإنتخابات بأسماء وأرقام مختلفة ، ثم تكتلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب ، أيهما أكثر عددا ، فيتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة النيابية التي أصبحت مقاعدها النيابية في الجلسة الأولى لمجلس النواب أكثر عددا من الكتلة أو الكتل الأخرى بتشكيل مجلس الوزراء )) ، مما أفقد ثقة الشعب بمؤسساته الدستورية ، وعزز عدم ثقة القوائم الإنتخابية بعضها بالبعض الآخر ، نتيجة إمكانية سلب إستحقاقها الإنتخابي من قبل إحداها ، وخذلان مصدر السلطات وشرعيتها ، حين يضرب قراره بنعال النص الدستوري القابل للتأويل والتفسير المذكور ، دون التحسب لما سيترتب على الإحباط الديمقراطي ، المتمثل في إشاعة ثقافة عدم المشاركة في الإنتخابات ، ذلك الموقف السلبي الذي يجب مغادرته وعدم الترويج له ، لتجسيده وتأكيده على إستمرار حكم الطارئين والفاشلين والفاسدين ، وقبول إستمرار ألم ومعاناة الوقوع بين مطارق وسنادين العملاء والمرتدين وطنيا إلى حين ، إضافة إلى عدم إحترام قرارات الشعب وإجترار نتائج أصواته لصالح من لم ينتخب ولا يريد ، والذي يتطلب تعديل النص الدستوري بما يضمن تحديد الكيان أو الكتلة الأكثر عددا بالفائزة الأولى في الإنتخابات حصرا ، ما دام الموضوع متعلقا بتفسير عبارة تحمل من الأوجه في المعنى والمقصود ما يساعد على ذلك ، حيث لا نرى رقي رأي المحكمة الإتحادية العليا إلى مستوى مضمون قرارها الملزم في التنفيذ وفقا لأحكام المادة (94) من الدستور التي تنص على إن ( قرارات المحكمة الإتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة ) ، لأن ( تفسير نصوص الدستور) ليس بقوة نتائج الرقابة أو الفصل أو المصادقة الواردة ضمن إختصاصات المحكمة المنصوص عليها في المادة (93) من الدستور ، وإنما هو رأي يستعان به لحل إشكال قانوني إداري خاص بآليات التنفيذ ، قد يتم الإتفاق على تسويته سياسيا وبالتوافق ، قبل إعتماد التفسير الصادر سنة 2010 وإسقاطه على نتائج إنتخابات سنة 2018 ، إنطلاقا من مقتضيات ومتطلبات صورة الواقع الإنتخابي الحالي .
كما أقر مجلس النواب بتأريخ 23/1/2013 ، مشروع قانون تحديد مدة ولاية الرئاسات الثلاثة ، الذي طعن بدستوريته ( رئيس كتلة دولة القانون النيابية ) في الدعوى المرقمة (5/إتحادية/2013) ، وحيث تبين للمحكمة بأن القانون المطعون بعدم دستوريته لم ينشر في الجريدة الرسمية لحد تأريخ إقامة الدعوى في 10/2/2013 ، ولأن المحكمة الإتحادية العليا تختص بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وليس القوانين والأنظمة غير النافذة ، لذا قررت الحكم برد الدعوى من هذه الجهة ، كما تكرر تشريع مجلس النواب للقانون رقم (8) لسنة 2013 الخاص بتحديد مدة الرئاسات الثلاث ، المطعون بدستوريته من قبل رئيس مجلس الوزراء ، وإستجابة المحكمة الإتحادية العليا للطعن ، بإلغائها القانون المذكور بقرار المحكمة المرقم ( 64/ إتحادية / 2013) في 27/8/2013 ، بسبب تشريعه دون إتباع السياقات المعتمدة في التشريع ، وليس لأنه لا يجيز تولي تلك المناصب لمرتين متتاليتين أو متباعدتين حسب نصوصه ، أو لأنه يجيز حكما تبادل تولي المناصب الثلاثة لذات الأشخاص بشكل مطلق أو لمدة (24) سنة في الأقل ، حيث يمكن لرئيس أي مجلس أن يصبح رئيسا للمجلس الآخر لدورتين متتاليتين أو متباعدتين ، وكذلك الحال بالنسبة لمنصب رئيس الجمهورية ، وبذلك يكون بإمكان كل من الرؤوساء الثلاثة البقاء في السلطة ، جاثمين على صدور الشعب الغارق في نومه إلى حين صحوته أو مماته ، مثلما هو قائم حاليا في روسيا الشيوعية ، حيث تمتد ولاية الرئاسة لمدة ست سنوات ، يتبادل الأدوار فيها بين منصبي رئاسة الجمهورية والوزراء ، ثنائي الحكم فلاديمير بوتين ودميتري مدفيديف ، اللذين يشكلان صورة المشهد السياسي في روسيا منذ مطلع الألفية الثالثة وإلى حين ، ليستهوي ذلك عقول وقلوب ساسة الدول المتخلفة في العالم الجديد ومنها العراق ، وإن إختلف نوع الحكم وفكراياد عبد اللطيف سالم الحاكم ، لتكون رئاسة الجمهورية وسلطات الصدفة في العراق الإتحادي ونظامه الجمهوري النيابي الديمقراطي ؟!، مناطة وبشكل دائم وثابت ، على وفق مبدأ وشفافية وقياسات حجم التبادل السلمي للكراسي ، وفي ضوء ذلك ، نرى إعادة النظر في قرارات رد الدعاوى أو إلغاء التشريعات من قبل المحكمة الإتحادية بالإستناد إلى الناحية الشكلية ، وبما يؤمن تشخيص الأخطاء التشريعية لتلافيها بالتصحيح ، دون جعل المحكمة بديلا عن السلطة التشريعية ، أو إتهامها بالإنحياز إلى السلطة التنفيذية ، تأصيلا وتجسيدا لإستقلالية القضاء والفصل بين السلطات ، إلى حين نهاية حكم الطارئين على يد بعضهم البعض الآخر ، إن لم يحصل ذلك على يد الشعب الذي هو مصدر السلطات بالإنتخابات ، ليكتشفوا حظهم العاثر بنعش حتفهم المهين ، المتحقق بالمشين من أقوالهم أو أفعالهم ، وتلك خاتمة سوء جبروتهم وطغيانهم وظلمهم لأنفسهم ولشعبهم ، وهكذا يدور في فلك السلطة كل سلطان جائر متخبط فوضوي حائر ، لايدرك معنى المسؤولية وثقل أمانتها في ميزان الحق والعدل والإنصاف ، وتلك من مصائب التوجهات والعمل السياسي بعد الإحتلال ، حيث إزدواجية المواقف والآراء ، التي يتوجب إزالة آثارها السلبية بتعديل النص الدستوري أو تبديله ، بما يضمن معالجة الخلل في التطبيق ، لأن كل ما يفعله المشاركون في الإنتخابات ، هو تمهيد الطريق لأبنائهم وأحفادهم في تكملة بناء التنعم بالحقوق وبالتدريج ، قبل حرمانهم منها وجعلهم فريسة ولقمة سائغة في أفواه المتسلطين من غير حق أو إستحقاق رصين ، والذين ننصحهم بالإستقالة من مناصبهم ووظائفهم ، وسحب ترشحهم لعضوية مجلس النواب في إنتخابات سنة 2018 ، ولعل فيما واجهوه خلال ممارستهم للدعاية الإنتخابية ، وما سمعوه صريحا وبشكل مباشر من رفض الشعب لهم ، خلال إفتتاح ملعب النجف الرياضي بتاريخ 6/5/2018 ، ما يؤكد عدم رغبة الشعب فيهم ومطالبتهم بالرحيل الدائم والمطلق عن إدارة دفة الحكم ، بعد حصولهم على براءة ذمتهم من أموال الشعب من قبل محكمة رسمية مختصة ، ولينال من تثبت إدانته الجزاء الذي يستحق ، مما لم يتوقع تذوق طعمه من العذاب ، وقد نسوا (( إنهم كانوا لا يرجون حسابا * وكذبوا بآياتنا كذابا * وكل شيء أحصيناه كتابا )) .