18 ديسمبر، 2024 11:26 م

مع إتجاه الازمة في المنطقة من مختلف النواحي و على مختلف الاصعدة الى التصعيد، فإن الاوضاع و التطورات المستجدة على الساحة، تطرح العديد من التفسيرات و الاحتمالات المتباينة و التي يبدو أن المسار العام لها يسير بإتجاه المزيد من التصعيد و التوتر، وهذا الامر بات واضحا في الاحداث التي جرت خلال الاسابيع الماضية و التي تٶکد بأن هناك رسائل عملية متبادلة بين دول المنطقة و العالم ولاسيما بين واشنطن و موسکو و الرياض و طهران بما يشير الى إنها قد تسفر عن أمور و مستجدات قد لاتکون إيجابية للسلام و الامن و الاستقرار في المنطقة.
التهديدات الامريکية لطهران و السعي العربي ـ الخليجي للوقوف بوجه التمدد الايراني الذي لم يعد بوسع المنطقة السکوت عنها و تحمل نتائجه و تداعياته و الاحداث و التطورات التي جرت عقب الضربة الصاروخية التي تم توجيهها لنظام الاسد و ماقيل و يقال عنها، تشير جميعها الى إن منطق القوة هو الذي يتکلم و في ضوء ذلك فإن خيار طاولة المفاوضات مستبعد حاليا، بل وحتى إن الاوضاع الداخلية لدول المنطقة و إيران نفسها تسير بإتجاه الاستعداد لمواجهة لامناص منها.
نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي ترى دول المنطقة بأنه يتحمل القسط الاوفر من جر المنطقة الى أجواء التوتر و التصعيد، وترى إنها السبب في نشوء و تقوية و دعم الاحزاب و الجماعات و التنظيمات الدينية المتطرفة بشقيها الشيعي و السني، وهذا الاتهام قد سبقه إتهام تم توجيهه من قبل قيادي بارز في المعارضة الايرانية التي تتخذ من باريس مقرا لها، وهو محمد محدثين، رئيس لجنة الشٶون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، حيث کان قد أصدر کتابا في عام 1993، تحت عنوان(التطرف الاسلامي..التهديد العالمي الجديد)، حذر فيه بقوة من الدور الذي يقوم به رجال الدين في إيران بهذا الخصوص ومن إن نشاطهم و تحرکاتهم تشمل الشيعة و السنة على حد سواء.
إيران التي تبذل کل جهودها للرد على هذه الاتهامات و السعي للتأکيد على إنها بنفسها ضحية للإرهاب و تشارك في مکافحته، لکن دفاعها المسميت هذا تفنده و تدحضه الکثير من الامور الموجودة و الجارية على أرض الواقع في المنطقة، خصوصا وإن التطرف الديني الذي تحاول طهران جاهدة التنصل من حقيقة کونها مصدره و بٶرته الاساسية بفعل العلاقات الوثيقة التي تربطها بالکثير من الاحزاب و التنظيمات و الميليشيات و الشخصيات الاسلامية المتطرفة سواء شيعية کانت أم سنية، کل هذا يجعل من موقفها و تأکيدتها مهزوزة و ضعيفة و غير قابلة للإعتداد بها. وإن حقيقة العلاقة المشبوهة بين إيران و بين الجماعات المتطرفة و تدخلاتها السافرة في المنطقة، قد صارت معروفة للبلدان الغربية بشکل خاص ولذلك فإنها وفي خضم تصاعد الاحتقان بينها و بين إيران على صعيد ملف الاتفاق النووي و إحتمالات إلغائه و ملف الصواريخ الباليستية و ملف التدخلات الايرانية في المنطقة، فإن على دول المنطقة أن تعلم جيدا من إن الموقف الايراني ضعيف الى أبعد حد على الرغم من کل التصريحات النارية المنطلقة من طهران وإن الاخيرة في وضع لاتحسد عليه أبدا خصوصا وإن الشعب ناقم على النظام و ينتظر مع المقاومة الايرانية اللحظة المناسبة للخلاص منه، من هنا فإن من المهم الحذر جدا من أية تطورات جديدة على صعيد الاوضاع في إيران وعدم الانسياق في أي إتجاه أو طريق من شأنه أن يخدم هذا النظام، لأنه کالواقف على الجمر و سيحترق في أية لحظة.