“أحلامُ الأنابيب”، كتاب للمراسل الأميركي Irene banko يُفشي ضلوع «الدّبلوماسيَّة» العِراقيَّة، بوضوح نهب وتهريب الانفصاليّ اللّاشرعي برزاني للثروة النفطيَّة العِراقيَّة في إقليم شَماليّ العِراق الَّذي تمتع بحكم شِبه ذاتي.
في الصَّفحات المائة الاُولى، كشفَ الكتاب اللّثام عن تقرير شامل لجميع الصَّفقات القذرة والفساد المُزري الذي استمر، ما يُغري بمُواصلَةِ مُطالعة الكِتاب. التقديراتُ تشير إلى أن نِفط العِراق أنتج مايربو على 700$ مليار دولار من الإيرادات مُنذ عام 2003م، إذ مثل النفط نحو 80% مِن مُجمل تمويل العِراق. وقد تم استنزاف النفط وذهاب حصص الأسد في صفقات الحُجرات المُوصَدة، في إقليم شَماليّ العِراق.
يصف الكاتب إقليم شَماليّ العِراقي بأنه اُنموذج تقليدي عن “لعنة الموارد” التي يتدفق مِنها ريع النفط مع القليل من الحصص المُتاحة للناس العاديين “يتم العثور على النفط وضخه وشحنه وبيعه و(احياناً سرقته) بعلم الأنظمة والسّياسيين وزراء وشِركات، فيما يصل للشخص العادي من ريع الرّبح نزرٌ يسير. سند كتاب “أحلام الاُنبوب” على وثائق المحكمة والمُقابلات مع مصادر شِركات الطّاقة في الولايات المُتحدة والمملكة المُتحدة والمسؤولين الحكوميين العِراقيين والسَّماسِرة وفيهم مسؤولو حكومة الإقليم المحليَّة، الكمّ الكبير مِن الارباح الصّافية. الشِّركات الأجنبيَّة الأنجح شِركات صغيرة الحجم تركز حصراً على نهب النفط، مِنها “شِركة DNO النرويجيَّة وشِركة Gulfsands Petroleum في المملكة المُتحدة وشِركة Genel التركيَّة، فضلاً عن فرص لكثير مِن المُغامرين الطّامحين بالإفادة مِن الشُّروط الباذة التي قدمتها مافيا أربيل”.
لطالما تمت الاشادة بحكومة الإقليم المحلّيَّة على أنها اُنموذج فاضح يتناقض وحال عدم الاستقرار في مناطق اُخرى مِن العِراق. فكثرٌ يظنُّ أن الإقليم، أرضاً خلو مِن الهجمات الإرهابيَّة وحركات العُصاة، بيدَ أنَّ الجَّمع بين احتياطي النِّفط الباذخ والنَّمَط العشائِريّ العائلي للسّياسة في المِنطقة شجّعا الفساد سيّد التربح. كتب المُؤلِّف “السّياسة والأعمال والاُسرة لا يمكن فصلها، عائلتان مُتنافستان عائلتا برزاني وطالباني، حكمتا كُرد العِراق عبر حزبين كُرديين رئيسيين واستغلا نفوذهما في التلاعب بالنفط، فلم يثبت ان النفط نعمة لمُجتمَع الكُرد، لكنه بالتأكيد كان مربحاً للغاية لبرزاني وطالباني وأصدقائهما في السَّمسَرَة التجاريَّة”.
شِركات النفط تستمرىء اللَّعِب في الإقليم، تدفع الرُّشا للمُوظَّفين والمسؤولين وللأشخاص العاديين وعديمي الضَّمير على شَكل رسوم واستشارات وإعادة التفاوض على العقود.
يشير الكِتاب إلى انهيار جليدي مِن تُجّار الناقلات وتُجّار آخرين يهدفون الإفادة مِن ريع النِّفط.
غضب مُؤلِّف الكِتاب جَليّ واضحاً في تقريره؛ “الشِّركات حاولت الإفادة مِن الفوضى في العِراق، فحرصت الشِّركات الأميركيَّة على العمل مع حكومة الإقليم المحلّيَّة وفتح الباب أمام المُتسلطين الغربيين، فكانت المناصب العامَّة والوظائف الوثيرة خـَلـَل شِركات الطّاقة الناشطة في العِراق خاصَّةً شَماله”.
كتب مؤخراً كُلّ مِن وزير الخارجية الأميركيّ Rex Tillerson و Condoleezza Rice ومستشار الأمن القوميّ السّابق Stephen Hadley والسَّفير الأميركيّ الأسبق في العِراق Ryan Crocker عن شِركة ExxonMobil ودورها في العِراق.
كما حرصت تركيا على المُشاركة في هذا اللَّعب (بتهافت دُبلوماسيَّة الطّبيب إبراهيم «الجَّعفريّ» وصَغار سَفيره لدى أنقرة الطَّبيب هِشام علي أكبر إبراهيم «العلوي»). عام 2012م، دخلت أنقرة وأربيل مُفاوضات بشأن بناء خطوط أنابيب جديدة تمتدُّ مِن شَماليّ العِراق حتى تركيا، مُتجاوزين العاصمة بغداد (المفجوعة بعِلاج دبلوماسيَّة الطَّبيبين المُتهافت «الجَّعفريّ» وصَغار «العلويّ») في الحال، إذ منحت تركيا صفقة لا تحلُم بها قطّ.
إثر ذاك، تدفقت اُولى شحنات النفط الكُرديَّة إلى المصافي التركيَّة في جيهان في الرُّبع الأوَّل مِن عام 2014م، مع حيازة أنقرة فوائد بلغت 5% مِن المبلغ الصّافي من 550 ألف برميل مِن النفط الخام تم ضخه على عبر اُنبوب الوَصل. وتم ايداع المدفوعات في حساب الضَّمان الذي فتحته حكومة الانفصال الكُرديَّة بسمسرَة تركيا. ساعد ذاك الترتيب حكومة الإقليم المحليَّة على تعزيز استقلالها الذاتي عن العاصمة بغداد وساعد في تعبيد الطَّريق لبرزاني لإجراء استفتاء الانفصال كُليّاً عن بغداد.
ومن المُفارقات أن هذا التصويت عارضته أنقرة لاحقاً بشدَّة!.
الكتاب رسم صورة حيَّة للخلل الوَظيفي اليومي في حكومة الإقليم.
رُغم أن هذا الرَّيع مِن الموارد الطَّبيعيَّة لا يدفع رواتب مُوَظفي الخدمة المدنيَّة لعدَّةِ شُهور، فضلاً عن توقف المطاعم بسبب انعدام القدرة الشّرائيَّة، بيدَ أنَّ التمويل العام بلغ حال الخطر حدّ ان الخزانة التركيَّة قدَّمت قروضاً لدفع مُرتبات مُوظفي حكومة الإقليم المحلّيّ العامَّة على مَدى شُهور عام 2016م، ما أدّى إلى توتر العلاقة بين أنقرة وبغداد. ما تطرَّق الكتاب، إلى حقيقة ان في العِراق، افادت شِركات النفط أكثر مِن سِواها مُنذ عام 2003م.
ومِن المُفارقات ان ربتما كان أكبر المُستفيدين عمالقة النفط الصّينيون.
ويختلف الوضع في الإقليم، لكن تجدر الإشارة إلى أن الصّين أضحت الشَّريك التجاري الأوَّل للعِراق بفضل تجارة النفط التي اضطَلعوا بها مُنذ عام 2003م.
للرّابط مصداقيَّة وصِلة لا تُحجَب:
https://kitabat.com/2018/05/04/إذا-تزمع-أن-تكونَ-بَطَلاً،-عليكَ-اللَّ/