البرنامج الانتخابي لمحمد توفيق علاوي هو نفسه البرنامج الانتخابي للقائمة الوطنية فيما يتعلق بتعويض عوائل الشهداء وإطلاق فرص عمل للشباب وإصلاح القضاء واستقلاله والخصخصة وتوفير الحماية الاجتماعية والتأمين الصحي والارتقاء بالتعليم وتوفير سكن ملائم لكافة العراقيين وغيرها، وفضلاً عن ذلك ففي برنامجي الانتخابي فاني أركز على الجانب الاقتصادي بشكل كبير متمثلاً بالفقرات الاضافية التالية:
إن البلد مقدم على مستقبل اقتصادي خطير جداً ان تركت الأمور على هذا الحال من دون وجود خطة وسياسية اقتصادية واضحة؛ ففي خلال السنين السابقة حتى مع عدم وجود سياسية اقتصادية ولكن مسيرة البلد العرجاء لم توقعه في مطبات خطيرة بسبب وجود موازنات انفجارية نافت على 140 مليار دولار سنوياً من تصدير النفط، فمهما كان مستوى الفساد ومهما كان مقدار السرقات ولكن استمرت عملية دفع رواتب الموظفين وجميع العاملين في الدولة بسبب الوارد الكبير المتأتي من تصدير النفط العراقي، نعم لقد مر العراق بوضع صعب بعد نزول أسعار النفط حيث بلغ معدل الوارد خلال السنين الأربعة الماضية بحدود 60 مليار دولار سنوياً وهذا المبلغ لم يكن كافياً لتغطية الموازنة التشغيلية، فاخذ العراق يستدين في كل سنة بمعدل عشرين مليار دولار سنوياً، فتراكم دين كبير يتجاوز ال 120 مليار دولار.
جميع التقارير الاقتصادية العالمية تؤكد على ان الطلب على النفط على المستوى العالمي سيكون اقل من النصف عام 2025 بسبب التوجه إلى استخدام الطاقة النظيفة اي الكهرباء وبالذات وسائل النقل من سيارات وشاحنات وغيرها ، والسعر سيهبط إلى اقل من نصف سعره اليوم بسبب ان العرض سيكون أكثر من الطلب، وفي أفضل الأحوال فوارد البلد من النفط سوف لن يتجاوز ال 15 مليار دولار سنوياً؛ فإذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن من دون وجود سياسة اقتصادية فضلاً عن استشراء الفساد وفضلاً عن عدم أقدام المستثمرين على الاستثمار بسبب الفساد والبيروقراطية فسوف لن يكون بمقدور الحكومة من دفع ربع (4/1) رواتب الموظفين والعاملين في الدولة، نعم هناك سبع سنوات لبلوغ هذا الوضع، ولكن بالتدريج سيقل الوارد وسيقل بشكل كبير لعله من عام 2022؛
ومع كون الدخل الآن من واردات النفط لا يفي بمتطلبات الموازنة التشغيلية ولكني اعتبر أن هناك فائضاً في الموارد سنفقده في السنين القادمة؛ فإذا عجزنا عن التحرك الصحيح والسريع والمدروس فإن البلد مقدم على انهيار اقتصادي كامل خلال اقل من عقد من الزمن، ولكن إن تحركنا بشكل صحيح ومدروس وسريع خلال السنوات القليلة القادمة، فهناك امكانية كبيرة للنهوض بالبلد وتقليل الاعتماد على النفط، وتوفير بديل من موارد القطاع الصناعي والزراعي وقطاع الخدمات؛
تنمية القطاع الصناعي والزراعي يعتمد بالدرجة الاولى على الاستثمار، ولكن من المستحيل ان يكون هنالك استثمار حقيقي والبلد بهذا الوضع المزري من ناحية توفير الخدمات وانتشار الفساد على كافة المستويات فضلاً عن البيروقراطية؛ لقد تم رفع شعار القضاء على الفساد في الفترات السابقة ولكن لم يتحقق إلا القليل، وتم رفع شعار القضاء على البيروقراطية ولكن لم يتحقق اي انجاز وكان هناك سعي جدي لتوفير الخدمات ولكن لا زال توفير الخدمات اقل من الحد المطلوب؛ الحل لا يتحقق بإلغاء جميع المعوقات أمام الاستثمار فحسب بل يجب تحويل العراق الى واحة استثمارية جاذبة للاستثمارات الخارجية والداخلية وهذا يتطلب وضع سياسة استثمارية جديدة متكاملة وفاعلة في جذب رؤوس الأموال الخارجية والداخلية للاستثمار والنهوض بالبلد.
يمكن للعراق ان يستدين بقروض ميسرة لمشاريع استراتيجية منتجة بحيث ان هذه المشاريع تكون قادرة على ارجاع الديون بفوائدها وتحقيق فائض كبير للبلد وتشغيل ملايين الأيادي العاملة؛ ففي مجال القطاع الصناعي يمكن أنشاء المشاريع الصناعية الاستراتيجية بالمشاركة مع القطاع الخاص وجعل العاملين شركاء في هذه المصانع، كمشاريع الصناعات البتروكيمياوية من النفط وصناعة الألمنيوم من أملاح البوكسايت المتوفرة بكميات كبيرة في المناطق الغربية وتعدين النحاس والرصاص والحديد الموجودة بكميات كبيرة في غرب وشمال العراق فضلاً عن استخراج الفلسبار الموجود في وسط العراق الذي يستخدم لصناعة السيراميك والأصباغ، واستخراج كبريتات الصوديوم الموجودة في وسط العراق وتستخدم في صناعة الورق والمنظفات والأقمشة، واستخراج الكبريت والفوسفات للصناعات الكيمياوية والأسمدة؛ فضلاً عن صناعات الصلب وصناعات السيارات والالكترونيات وصناعات الأسلحة والعتاد وغيرها وذلك للاستهلاك الداخلي فضلاً عن التصدير، وذكر هذه الصناعات على سبيل المثال لا الحصر؛ يمكن البدء بإنشاء الآلاف من المصانع في آن واحد حيث يمكن بكل سهولة الحصول على قروض عالمية لمشاريع انتاجية، فالكادر الهندسي والكادر الإنتاجي والكادر الاقتصادي من الشباب متوفر وبفائض كبير وسوق الاستهلاك الداخلي متوفر بشكل كبير ايضاً فضلاً عن الأسواق الخارجية. والمصارف العالمية مستعدة لتقديم أي مقدار من القروض المطلوبة إذا كانت هناك دراسة جدوى واضحة تبين ان الوارد يمكن ان يسدد القرض وفائدة القرض ويحقق ربحاً اضافياً للبلد.
وفي المجال الزراعي يمكن ربط العراق باتفاقيات اقتصادية مع ايران وتركيا لزيادة الحصة المائية للعراق من هذين البلدين؛ للأسف الاتفاقيات مع هذين البلدين حتى الآن هي من اجل الحصول على تأييد سياسي من قبل بعض الأطراف السياسية، كما ان وجدت اتفاقيات اقتصادية مع هذين البلدين فإنها للأسف الشديد خلال فترات الحكم السابقة لم تأخذ بنظر الاعتبار الاتفاق على الحصة المائية للعراق، إن أحياء القطاع الصناعي والزراعي سيوفر فرص عمل لملايين الشباب العاطل عن العمل اليوم.
فضلاً عن ذلك فهناك مشاريع استراتيجية تحقق ارباحاً مهولة للبلد، فالعراق ذو موقع جغرافي مميز حيث يمكن تحويل مطار بغداد إلى محطة وصل بين الشرق والغرب وتوسيع أسطول الخطوط الجوية العراقية وتوسيع مطار بغداد الدولي، إن استطاع العراق يكسب خمس السوق العالمي في هذا المجال كمطارات دبي او اسطنبول فإن ذلك يمكن ان يحقق وارداً اضافياً للبلد يقدر بحوالي خمسة عشر مليار دولار سنوياً، وهذا المورد سيفوق دخل النفط بعد عام 2025.
مشروع القناة الجافة ومشروع طريق الحرير (خطوط سكك حديد ثنائية) وهما مشروعان متداخلان، فالقناة الجافة هي بديل عن قناة السويس، وطريق الحرير يمكن ان يربط العراق من جهة الشرق بأغلب دول شرق آسيا من الصين والهند والباكستان وماليزيا وغيرها فضلاً عن كافة الدول الأوربية من جهة الغرب، هذين المشروعين يمكن ان يدرا ارباحاً كبيرة لصالح البلد يبلغ حوالي عشرة مليارات دولار سنوياً.
فضلاً عن ذلك فمن خلال خطوط السكك الحديدية يمكن للعراق من تصدير كميات ضخمة من الغاز الطبيعي إلى أوربا وإلى الشرق كالهند والصين وغيرها، فالطلب على الغاز سيزداد في المستقبل كطاقة نظيفة إذا قل الطلب على النفط، وهناك خزين كبير من الغاز الطبيعي في المناطق الغربية وفي المناطق الشمالية والجنوبية.
أستطيع ان أقول وبكل ثقة ان نزول أسعار النفط في المستقبل سيكون نعمة على العراق وليس نقمة حيث يمكن للبلد ان يتحول نظامه الاقتصادي الريعي إلى نظام اقتصادي منتج يعتمد على انتاجية الفرد كما هو حاصل في اغلب دول العالم الآن التي لا تمتلك موارد نفطية؛ أما إذا بقي الوضع كما هو عليه الآن من دون وجود سياسة اقتصادية واضحة ومن دون وجود سعي جدي لتحقيق نهضة اقتصادية حقيقية فإن البلد مقدم على مستقبل خطير ومجهول، حيث سيأتي اليوم الذي لا تكفي فيه الموارد النفطية تغطية ربع معاشات الموظفين والعاملين في الدولة بمختلف قطاعاتها فضلاً زيادة نسبة العاطلين عن العمل وبالذات من فئة الشباب من الخريجين وغير الخريجين. ولكن ذلك لن يكون ان شاء الله بهمة المخلصين لبلدهم والنزيهين والكفوئين من المواطنين الشرفاء.