عجبا لهذه الخطابات المبدعة والتي ظهرت على الساحة السياسية العراقية وكذلك السورية في آن واحد فهذا السيد رئيس الوزراء المالكي قالها عن المتظاهرين سلميا في جزء مهم وطيف متميز ومكون اساسي من الشعب العراقي ، حينما قال ( هذه فقاعة ستنتهي، ونحن نقول لهم انتهوا قبل أن تُنهوا ) وها هو اليوم يقولها حليف اليوم عدو الماضي السيد بشار الاسد في المعارضة السورية فيصفها بنفس وصف الزميل العدو الصديق ( صاحب السيارات المفخخة كما وصف ذلك السيد المالكي سوريا واعدادها للارهابين في هجمات مبرمجة من اجل هدم العملية الديمقراطية في العراق ) فيقول في خطابه التاريخي في دار الاسد للثقافة والفنون في وسط دمشق، اليوم، الأحد، ( إن الربيع المزعوم عبارة عن فقاعة صابون ستختفي .. فكله طائفية وارهاب وتقسيم ) ، ان المتامل في الخطابين يخلص من بين السطور انهما ينهلان من منهل واحد ، وتوجه واحد ينبع عن اتهام الاخرين بشيئ قد ارتكبه الرئيسان ، انهما تحدثوا بعبارة موحدة وكأن الذي كتب الخطاب شخص واحد تميز بلون معين وطائفة محددة .
عجبا لمن يضرب العملية الديقراطية في العراق يصبح صديقا ويدافع عنه السيد الماكي بكل مااوتي من امكانيات ويصف ائتلاف المعارضة السورية بانه غير ممثل للشعب السوري في حين ان معظم دول العالم قد اعترفت بهذا الائتلاف ، كل هذا من اجل سواد عيون الاسد حليف ايران وروسيا.
ان الناظر الى المشهد والحراك السياسي في العراق يجد ان التحالفات لن تتغير وان مايسمى بالتحالف الوطني والذي يمثل الشيعة فقط ، لن يتغير شكله وتوحده مهما كانت الظروف والمتغيرات ، وأحد اللاعبين الاساسيين فيه السيد مقتدى الصدر والذي يستطيع ان يلعب بقوة على الحبل السني الكردي ، ( علما انه لايمتلك المهارات والامكانيات كما هو معروف عليه من خلال مقابلاته ولقاءاته سوى الدعم الايراني واستشاراتهم ) ، فمن الملاحظ عليه انه يدخل بقوة مع السنة والاكراد لافشال خططهم ولايتعظون مما فعله سابقا ولاكثر من مرة ( وآخرها مسرحية سحب الثقة للسيد رئيس الوزراء ) ينسحب في آخر لحظة ، وهاهو السيد بهاء الاعرجي مسؤول كتلة مقتدى الصدر في البرلمان العراقي حيث حذر الاعرجي في المؤتمر “بعض الكتل السياسية من تبني اجندات خارجية”، لافتا الى ان “كتلة الاحرار شعرت بوجود بعض الاجندات الاجنبية داخل التظاهرات” ، وأعتقد انها بداية التحذير للانسحاب من التكتل الداعم لسحب الثقة والرجوع الى جسم التحالف الوطني الشيعي .
ان المشاهد للحراك السياسي على مدى السنوات الماضية يجد ان التحالف الشيعي له سند قوي من دولة اقليمية مهمة تدفع بكل ثقلها من اجل استتباب حكمها في العراق ، وقد نجحت و سوف تبقى نجاحاتها في اجندتها وذلك للتوافق الكبير بين السياسة الاميركية الايرانية في دعم السيد المالكي وعدم تغييره مهما كانت الظروف ، ويبقى البعبع الايراني وامتداده الاقليمي مخيفا للعرب وبالذات دول الخليج العربي والذين يسعون دائما ان يبعدوا عنهم شبح الحرب مع ايران باتخاذ مصد مهيئ للحروب ممثلا بالعراق ومواجهاته لايران في ثمانينيات القرن الماضي ، والان بوادر لحرب طائفية تبدو نذرها في الافق والتي تظهر فيها المصالح المشتركة لدول الخليج وابران والولايات المتحدة الاميريكية في نفس الوقت ، انها معادلة معقدة ولكن المتأمل يجد ذلك ، أمان لدول الخليج مصالح اقتصادية لاميريكا وابعاد أي تأثير داخلي عن ايران فاي شيئ يحدث في غير ساحتها ونجاح تجريتها في العراق على الرغم من الخسائر التي تتعرض لها نجاح للثورة الاسلامية في ايران.
ان المسكين في هذه المعادلة هو الحراك السني الذي لانصير له حتى من العرب وقد أخطا حتى الاتراك بالتعامل مع القضية العراقية ( ويظن الشيعة ان الاتراك سند للسنة وقد توهموا ذلك لان الاتراك أخطأوا التعامل مع الحقيقة العراقية ).
لابد للتحاف السني ان يبدأ بتحالف جديد ينظر اليه بجدية ممتدا الى عمقه السني متمثلا بالاكراد ويبدأ من جديد بعملية سياسية حقيقية متمثلة بتبادل للمصالح وتنازلات لكي يعودوا بقوة للساحة العراقية وينجحوا بابراز كتلة قوية في البرلمان العراقي من خلالها يحصلوا على المصالح ويخططوا بهدوء ويكسبون الارباح لجمهورهم. كما اقول للسيد المالكي ان لغة الدكتاتوريات يجب ان تهمل من قاموسك ، فان جمهور السنة لم يخرجوا في مظاهرات لكي ياخذوا العرش الذي تملكه فهم اناس مساكين لايطلبون أكثر من خدمة وأمان ، وهما خدمتان لو قدمتها لهم سوف يرفعوك بأكفهم على كتوفهم ويفدونك بارواحهم ولكنك لم تقدم لهم شيئا بالرغم من هذه الميزانيات الهائلة التي تعدونها سنويا ، وأعلم انك لو استمريت بهذا المنهج الاقصائي سوف ياتيك يوم تتذكر فيه لو دامت لغيرك ماوصلت اليك.