23 نوفمبر، 2024 4:59 ص
Search
Close this search box.

أضواء على كتاب الإجتهاد والتقليد(13)

أضواء على كتاب الإجتهاد والتقليد(13)

مسألة (3) الأحوط ترك طريق الاحتياط في عموم المسائل والاختصاص بطريقي الاجتهاد والتقليد، لكن الاحتياط في بعض المسائل جائز سواء اقتضى التكرار أم لا لكن يلزم المكلف معرفة ما هو الأحوط شرعاً.
—————————————————————-
هنا وفي هذه المسألة لابد أن نطرح هذا السؤال المهم:ـ
ما هو طريق الاحتياط؟
ج/ هو العمل الذي يتيقن معه ببرائة الذمّة من الواقع المجهول.(المصدر:المسائل المنتخبة للمحقق الخوئي”قدس سره” )
أو هو إيجاد العمل أو التطبيق الذي ينتج اليقين بفراغ الذمّة والخروج عن العهدة.( المصدر:ماوراء الفقه ج1 ق1)
ومن خلال هذين التعريفينِ فإن طريق الأحتياط لابد أن يكون منتجاً لليقين!

لأن الاحتياط قد ينتج الظن وقد ينتج اليقين, وطريق الإحتياط هو إحتياط مطلق,وهناك فرق بين الإحتياط المطلق ومطلق الإحتياط!
وسوف يتضح الفرق بينهما من خلال بيان المحاور التالية:

المحور الأول: طريق الإحتياط هو إحتياط كلي

الإحتياط الكلي والإحتياط الجزئي
——————————
الإحتياط الكلي هوالإحتياط المستوعب لكل الإحتمالات الواردة في محل الإبتلاء قلتْ أو كثُرتْ.وهو موجب مع إنجازه لليقين بفراغ الذمة.
أما الإحتياط الجزئي هو الإحتياط المقتصر على بعض الإحتمالات دون بعض,كما لو كانت هي الأهم أو هي التي قامت عليها الحجة أو نحو ذلك,
والإحتياط الجزئي غير منتج لليقين وإن كان في بعض الأحيان حجة!
وعلى ضوء التعريف فإن طريق الإحتياط هو إحتياط كلي لأنه منتج لليقين وليس إحتياط جزئي.

المحور الثاني: طريق الإحتياط هو إحتياط في كل المسائل والأحكام

إن الاحتياط إمّا أن يكون في جميع المسائل والأحكام ، أو يكون في بعضها ، وطريق الاحتياط حيث إنه طريق بديل عن طريقي الاجتهاد والتقليد؛
وحيث أن طريقي الإجتهاد والتقليد يكونان في جميع الأحكام النظرية فهذا يعني أن طريق الإحتياط يكون في جميع المسائل والأحكام .
المحور الثالث: طريق الإحتياط هو إحتياط تجاه المسائل والأحكام الواقعية
إن الاحتياط إمّا أن يكون تجاه المسائل والأحكام الواقعية، أو يكون احتياط تجاه المسائل والأحكام التي قامت عليها الحجّة.
إن طريق الاحتياط وحسب التعريف والاصطلاح: هو إحتياط تجاه المسائل والأحكام الواقعية، لأنه بديل عن طريقي الاجتهاد والتقليد؛ بمعنى أنه مستقل عنهما وليس في طولهما.
وكذلك فإن الإحتياط تجاه المسائل والأحكام التي قامت عليها الحجة سوف لا يُنتِج اليقين وبالتالي فهو خارج عن تعريف طريق الإحتياط الذي ذكره الفقهاء والمحققون.
ومن خلال ما تقدّم يمكن تحديد طريق الاحتياط ، وهو احتياط كلي في جميع المسائل والأحكام الواقعية، وهذه الصورة تمثّل الدرجة الأعلى للاحتياط، وهي تمثل طريق الاحتياط؛
أما الصور الأخرى للأحتياط فهي لا تمثل طريق الأحتياط لأنها لا يشملها تعريف طريق الاحتياط,
والمحصّلة النهائية بناءاً على المحاور الثلاثة السابقة فإن هناك ثمانية صور للاحتياط ، صورة واحدة هي التي تمثّل طريق الاحتياط، وسأذكرها جميعاً وعلى الله التوكّل.
صور الاحتياط:ـ
1ـ الاحتياط الكلي في جميع المسائل والأحكام الواقعية.
2ـ الاحتياط الجزئي في جميع المسائل والأحكام الواقعية.
3ـ الاحتياط الكلي في بعض المسائل والأحكام الواقعية.
4ـ الاحتياط الجزئي في بعض المسائل والأحكام الواقعية.
5ـ الاحتياط الكلي في جميع المسائل والأحكام الحجّة.
6ـ الاحتياط الجزئي في جميع المسائل والأحكام الحجّة.
7ـ الاحتياط الكلي في بعض المسائل والأحكام الحجة.
8ـ الاحتياط الجزئي في بعض المسائل والاحكام الحجة.

إن الصورة الأولى فقط هي التي تمثّل طريق الاحتياط؛ ويتضح أن طريق الاحتياط هو حالة خاصة من الاحتياط, فليس طريق الاحتياط هو مطلق الاحتياط؛ لأن مطلق الاحتياط يشمل جميع الصور المتغايرة فيما بينها، بل أن تغايرها هو سبب تعددها إلى أكثر من صورة, وعليه يمكن القول إن كل طريق الاحتياط هو احتياط، ولكن ليس كل احتياط هو طريق احتياط, ولو دققنا جيداً في الصور المختلفة للاحتياط (الثمانية) نجد أن ستة صور منها لا تُنتِج اليقين، وهي بحسب الترقيم (2، 4، 5، 6، 7، 8) وتبقى فقط صورتان من الاحتياط تنتجان اليقين ، وهي صورة رقم (1) والصورة رقم (3).
وطريق الاحتياط يُمثّل الصورة التي هي احتياط كلي في جميع المسائل والأحكام الواقعية.
وأمّا الصورة الثالثة فهي بالرغم من انتاجها لليقين، ولكنها لا تُمثل طريق الاحتياط؛ لأنها تكون في بعض المسائل وليس في جميعها ولكن في حالات خاصة تمثل طريق إحتياط متجزئ وسيأتي بيان تلك الحالات في شرح نفس هذه المسألة.
وقد ذكرتُ في ما سبق إن طريق الاحتياط هو طريق مستقل، وبديل عن طريقي الاجتهاد والتقليد.
إنَّ هذا كافٍ في بيان المُراد من طريق الاحتياط، والذي تحصّل منه إن طريق الإحتياط هو حالة خاصة من الاحتياط، بل يُمثل الدرجة الأرقى والأعلى، ولذلك عبّر السيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره) بالاحتياط المطلق (المصدر:ماوراء الفقه ج1ق1).
والجدير بالذكر أن السيد محمد الصدر (قدس سره) في كثير من كتبه ومؤلفاته يُشير إلى أنَّ هناك فرق بين مطلق الشيء والشيء المطلق،
فإن مطلق الشئ يشمل جميع أفراده ومصاديقه أما الشئ المطلق فإنه لايشمل سوى الفرد الأرقى والمصداق الأعلى.
ولِنُطَبّق هذا الكلام على الاحتياط.
فإنَّ مطلق الاحتياط معناه ما يشمل جميع حصص وصور الاحتياط التي ذكرتُ ثمانية صور منها. أمّا الاحتياط المطلق فإنَّ معناه الصورة الأكمل للاحتياط وبطبيعة الحال فإنَّ طريق الاحتياط يُمثّل الدرجة الأرقى,
فطريق الاحتياط هو: احتياط مطلق وليس مطلق الاحتياط.
***************************************
وللحديث بقية إذا بقيت الحياة….

أحدث المقالات

أحدث المقالات