18 ديسمبر، 2024 10:52 م

حديثٌ جمهوريّ .!

حديثٌ جمهوريّ .!

هذا الحديثُ الحديث لا علاقة له بجمهورية العراق , ولا بسواها من الجمهورياتِ الأخريات , ولا حتى جمهوريات الأتحاد السوفيتي السابق .! , إنّه حديثٌ مرتبطٌ بالجمهور , لكنه ليس بعموم الجمهور الكريم , إنّما بالجمهور النوعي .

يوم امس الأول حضرتُ ندوةً أدبيةً – شِعرية في الأتحاد العام للأدباء والكُتّاب العراقيين , لفتَ نظري حضورٌ متميّز لسيّداتٍ كبيرات في السّن وكذلك من الرجال , حتى أنّ العدد من الجنسين ربما كان ينافس الحضور من متوسّط العُمر , وشبه إنعدامٍ لمن في سنّ الشباب . وأثارَ ذلك اعجابي الكبير لهذه النخبة التي تركت الهموم اليومية من كلّ زواياها لتحضر وتستمع وتستمتع بأحاديثٍ وآراءٍ وطروحاتٍ عن الشِعرِ والأدب , وحقّاً ومئةَ حقٍّ وحقٍّ إنّ المرءَ ليفتخر بهذا الجمهور العراقي القدير الذي يتجاوز كلّ التحديات بتفاعلاته الشاعرية .

محور الندوة تمحوَرَ حولَ مواضيعٍ تتعلّق ” بالنّص المفتوح ” في القصيدة وما يقابله , وعن تداخلات وإشكاليات الرؤى حول قصيدة التفعيلة والقصيدة العمودية والتطورات التي طرأت على الشعر العربي منذ عصر الجاهلية وما بعد ظهور الأسلام والعصور التي تلته والى وقتنا الحاضر .

شخصيّاً , طرحتُ من على المنبر أنّ قراءةَ قصيدةٍ ما تختلف عن قراءتها قبلَ خمسين عاماً , وعن قراءة ذات القصيدة قبلَ مئةِ سنةٍ , وحتى بعد الخمسين سنةٍ القادمة , وذلك مؤدّاه الى المتغيرات والتطورات الفكرية والثقافية بما فيها ” الزمكانية ” , واضفتْ :

ينبغي أن لا تنحصر نظرتنا او رؤيتنا التقيمية لأية قصيدةٍ في الإطار القطري ” العراقي ” ولا حتى في الإطار العربي , بل أنّ العولمة جعلت تناول القصيدة عبرَ زاويةٍ جماهيريةٍ – شاعريةٍ مفتوحة .

المفارقة الإيجابية كانت في النقطة الأخيرة التي طرحتها , إذ ذكَرتْ : انّ النظرة الحديثة للحكم على اية قصيدةٍ تُلقى , يكون عبر ملاحظة الأنطباعات الأولية للجمهور – المتلقي وانعكاساتها على القسمات والأوجه < وبعض ذلك ضمن قراءة لغة الجسد > , ومدى تفاعل الجمهور بصمتٍ عند القاء القصيدة , أمّا المفارقة فأني كنت الاحظ علائم الأرتياح والتقبّل والتوافق من عددٍ من الحضور في الصفوف الأولى , عبرَ نصف ابتسامةٍ او إيماءةٍ وحركة الرأس بالإضافةِ الى الملامح والقسمات المُعبّرة .

النقطة الأخرى التي اضيفها هنا , أنّ الجمهور العراقي هو الأوّل في تناول الشعر بين كلّ الدول العربية وبأعتراف العرب .

واقول : ماذا او كيف وبأيّ مرتبةٍ ستغدو وترتقي الثقافة الأدبية العراقية لو كانت البلاد بغير ما هي عليه منذ الأحتلال , ولربما الى اجلٍ غيرِ مسمّى .!