لا أدري لماذا وجدتني اليوم أبحث عن كلمة وفكرة “عراقيون” , فأخذت أتصفح المقالات في العديد من الصحف والمواقع , وما يصلني من الرسائل الإليكترونية , وغيرها من واجهات الكتابة والخطابة والتصريح.
ومضيت أفتش وأفتش , فلم أعثر على كلمات مكتوبة ومنطوقة تشير إلى “عراقيون”!!
فالذي يتصدر المواقع الإعلامية مسميات تمزيقية تفريقية , متوالدة من أرحام السوء والبغضاء والفئوية والتحزبية , وتتخذ من الدين وسيلة لتدمير الدين وأهله وبلدانه , وكأن الدين قد أصيب بإنشطارات أميبية مسلحة بسموم فتاكة , مموّلة من أعداء الدين , لإخراج الناس من أوطانهم وقيمهم وأخلاقهم وتحويلهم إلى عصف مأكول.
وإحترت في هذا الركام البغضاوي من العبارات والمسميات والإنفعالات المسعورة والكلمات المحشوة بالسيئات , والمقالات ذات العناوين المطعمة بالكراهيات , والأقلام المترعة بالملمات !!
إحترت أين سأجد “عراقيون”؟!!
ولو بحثتم معي فأنكم ستتعبون , وتملون , بل وستقولون إنه عمل مجنون , فما عادت هذه الكلمة ذات قيمة , لأن النفوس والعقول قد تم برمجتها على أن تكون كالعهن المنفوش والفتات المنثور.
قال بعضهم: كيف بربك تستطيع أن تجمع حبات الزئبق المنتشرة على صفيح ساخن من الويلات المسطحة والمنزلقات المدهونة بالبترول الآثم الأثيم؟
وضحك أحدهم وأنا أسأله أن يشاركني البحث عن “عراقيون” , وقطّب آخر , وهز رأسه بسخرية وغادر المكان , وبقيت لوحدي , أحمل صرة جنوني وإصراري على أنني سأجدها ذات يوم قريب!!
نعم سأجدها في عقول ونفوس وأرواح وأخلاق وسلوك وتفكير وإعتقاد جميع الذين يتوطنون بلاد الرافدين!!
بلى سأجدها , رغم الهراء والهزء والمُنكرين لها , والذين تلدهم جحيمات التشظي والتناثر والإنكسارات.
قلت سأجدها , لأنها القانون الذي مضت عليه القرون وإزدهرت به العصور , ولا يمكن لوطن أن يبقى ويكون إذا فقد هويته , وتنازل أبناؤه عن ملامحهم وقيمهم وما يشدهم للمكان والزمان , وإذا تدحرجوا على سفوح الخيبات , وإستلطفوا الخراب والدمار والتداعيات.
سأجدها , لأن الأرض والأكوان لا تستغني عنها , والجغرافية تتمسك بها!!!
وسأنادي بأعلى صوتي “وجدتها , وجدتها”
فابحثوا عن “عراقيون” في أنفسكم أولا إن كنتم تريدونها عنوان عزة ووحدة وأمن وسلام , وارفضوا المسميات العدوانية المناوئة لها!!
نعم “عراقيون” , فلا تنكرون وتتنكرون فتتناكرون!!