خلف جدران اسمنتية، وبحماية قوات من الشرطة، شارك نحو 200 عراقي مساء امس في قداس لمناسبة عيد الميلاد في كنيسة سيدة النجاة في بغداد التي اعيد افتتاحها رسميا قبل ايام بعد سنتين من الهجوم الدامي عليها. وفوق المقاعد الخشبية التي وضع خلفها مجسم كبير لبابا نويل وشجرة ميلاد، احتضن المشاركون ابناءهم خلال القداس فيما كان عدد من الشبان يلهون في الحديقة الخلفية للكنيسة.
وانتشر عدد من عناصر الامن فوق سطح الكنيسة بينما خضع المشاركون في القداس لتفتيش دقيق لدى دخولهم الكنيسة التي تلفها جدران اسمنتية بطول نحو اربعة امتار تحميها من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة.
وقال نصرت (40 عاما) “هذا اول عيد للميلاد نحييه في هذه الكنيسة منذ الهجوم”، مضيفا “نشعر بالفرح لاعادة افتتاح الكنيسة”. وتابع “على الرغم من الهجوم المؤلم، تبدو الكنيسة اليوم اجمل مما كانت عليه من قبل”.
وفي 31 تشرين الاول/اكتوبر 2010 اقتحم عدد من المسلحين كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك الواقعة في منطقة الكرادة وسط بغداد وقتلوا 44 من المصلين بالاضافة الى كاهنين وستة من عناصر الامن.
وتبنى تنظيم “دولة العراق الاسلامية”، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، الهجوم الذي نفذ خلال القداس، قبل ان يحكم على ثلاثة اشخاص بالاعدام اثر ادانتهم بالتورط في الهجوم.
ووضعت صورتان للكاهنين اللذين قتيلا في الهجوم عند جهتي القاعة الرئيسية، في حين استبدلت النوافذ التي تحطمت خلال الهجوم بنوافذ جديدة تتوسطها لوحات خشبية حفرت عليها اسماء. ورغم ان الكنيسة احتضنت منذ الهجوم مراسم دينية عدة، الا انها افتتحت رسميا في 14 كانون الاول/ديسمبر الحالي.
وقال غسان ادمون شمعون “عندما وقع الهجوم شعر كل العراقيين بالالم، لان الاعتداء على كنيسة عمل كفر، واليوم اشعر بفرح كبير للعودة الى هنا”. واضاف “الاوضاع تتحسن بالنسبة الى المسيحيين العراقيين، والناس يأتون الى هنا، ويشاركون في القداس، فيما يعم الامان”. وتابع “كنت افكر من قبل بمغادرة العراق، لكن اليوم وبما ان الوضع تحسن، لم اعد افكر بالرحيل”.
وبلغت اعداد المسيحيين في العراق حوالى مليون نسمة قبيل 2003، الا انها تراجعت اليوم وتدنت الى حوالى 400 الف نسمة يتوزعون خصوصا على المحافظات الشمالية والعاصمة بغداد، وفقا لارقام الكنائس ومراكز الابحاث.
وتشير هذه الارقام الى ان 57 من بين نحو 170 كنيسة ودار عبادة استهدفت في العراق منذ 2003، وادت هذه الهجمات الى مقتل نحو 900 مسيحي واصابة اكثر من ستة آلاف بجروح.
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قال خلال حفل افتتاح الكنيسة بحضور رجال دين مسيحيين ومسلمين ان “رسالتنا للعالم اليوم هي ان المسلمين والمسيحيين في بلدنا موحدون تحت خيمة العراق والجرح الذي يصيب المسيحيين العراقيين او اي مكون آخر يصيب العراقيين جميعا”.
واضاف “لقد صمد المسيحيون في العراق بوجه الهجمة الشرسة وها هي كنيسة سيدة النجاة تشمخ من جديد وتحتضن المصلين مرة أخرى”، معتبرا ان “هدف هؤلاء المجرمين كان النيل من وحدة وطننا واخلاء العراق من المسيحيين”.