المجتمع العربي تعبّدي , بمعنى أنه ميال لممارسات تعبدية قد لا تتصل بالدين او يجعلها ذات صلة به , وقد تكون تعبيرات عن طقوسات دينية شكلية فارغة خالية من المحتوى الديني الحقيقي وفاقدة لجوهر ومعاني الدين.
فالإسلام على سبيل المثال , عبارة عن صلاة وصيام وحج , أما الزكاة فلها شأن آخر.
وعندما نتساءل عن الإسلام كسلوك ونظام أخلاقي وقيمي وعمل صالح للبشرية وقوة للمجتمع وقيمة الإنسان ودوره في الحياة , لن نجد جوابا واضحا , ولهذا قال النهضويون العرب وعلى رأسهم محمد عبدة , بأنهم وجدوا الإسلام في الغرب وما وجدوا المسلمين , ووجدوا المسلمين في بلاد الشرق وما وجدوا إسلاما.
فالمسلم مسلم ما دام يصلي ويصوم ويحج إن إستطاع وحسب , أما أعماله المنافية لأبسط التعاليم المنصوص عليها في الدين , فهذا لا يعنيه وأنه يلقيها على رب العالمين.
فالنفاق والكذب والظلم وإغتصاب حقوق الآخرين , والفساد والخيانة والرشوة والإستئثار , والعدوان على المسلم وتدميره وتهجيره وقتله , فهذا فعل يومي يمارسه المسلم , بل وأن قتله لأخيه المسلم صار طقسا جديدا مضافا إلى طقوسه الني يؤديها ليحسب على الإسلام.
والواقع السلوكي العربي كأنه لا يمت بصلة لأبسط المعايير الأخلاقية التي يدعو إليها الدين.
فأين المحبة والألفة والتعاون والتكامل والشعور بالمسؤولية والتفاؤل والوحدة , والعمل الجماعي الذي يحقق مصلحة الأمة والمجتمع , أين العزة والكرامة والعدل والإحسان والرأفة والصدق والتقى.
بل أين الخوف من الله فيما يجري بديار العرب والمسلمين؟
والأنكى , أن كل شيئ صار يلقى على الله , فتستل آية أو يؤلف حديث لتسويغه والإمعان بالفحشاء والمنكر بإسم الله.
كما أن الدين أضحى تجارة خيالية الأرباح يمارسها ذوي العمائم واللحى من أدعياء الدين , الذين يراؤون ويملأون بطونهم وجيوبهم , ويُشبعون رغباتهم المسعورة على حساب المساكين المغرر بهم وبإسم الدين , والناس من حولهم يتبعون ويقبعون , بل ويعبدون هذا وذاك من ذوي العاهات النفسية والسلوكية المتظاهرين بزي الدين.
فإلى متى يتعبّدون في محاريب هواهم , وكل يرى الدين على شاكلته وهواه , وربه رب ولا رب سواه؟!!