هذه الرواية الثانية التي اقرأها وأكتبُ عنها، للروائي نزار عبد الستار،الأولى (الأمريكان في بيتي) والآن (يوليانا) وهذه الرواية توفّر منافذ نقدية ثرة.. منها المنفذ التاريخي المثبّت رقميا على طول جسد الرواية،مثل الإشارة المروية على الخطوط العامة التي تعلن عن المسافات الجزئية التي تتكون منها المسافة الكاملة بين بغداد والبصرة أو بغداد والموصل، على سبيل المثال .
(*)
(لقد ظهرت القدّيسة يوليانا من أجل إنقاذ الحبّ / 240) هذا ماقالته مدام رينو، أعني شمونيا سابقا في حوارها مع الخوري سالم قهوجي ..وحين يحصي في نهاية حوارهما معجزات يوليانا وينهي حواره منفعلا وهو يقول( لن يتوقّف الأمر عند كرمليس وقضاء الحمدانية،فالعالم كله يريد أن يتحقّق من الربّ..قريبا ستقلب يوليانا الدنيا كلّها) ..هنا ستسارع مدام رينو إلى القول
:(بالحب أيها الخوري..بالحبّ)
(*)
والسارد العليم هنا برتبة مؤرخ/ روائي وليس مؤرخا تاريخيا فالأول لايشتغل التاريخ تاريخيا بل روائيا ومبأرا ً، فالحدث في غواية التروية ليس كما وقع فعلاً،بل سيتم تنضيده ضمن نظام وآلية سرد ينتقيها السارد العليم الذي يرى ويسمع ويرصد ويعلن من خلال وجهة نظره هو: في السطر الأول من الصفحة الأولى نقرأ..( منذ أن مرّ بها الإمبراطور الروماني تراجانوس سنة 116،إلى أن بدأت الحرب العالمية الأولى، وبلدة كرمليس منقطعة عن المفاخر) مابين القوسين علامة مروية شفيفة الشفرة : أن مسرح أحداث الرواية، قرية مهمشة/ مسبّتة في سبات عميق وبشهادة الخوري سالم قهوجي بخصوص كرمليس(نحن بلدة صغيرة وبسيطة.كل مانحلم به هو ألاّ تأكل الآفات مزورعاتنا، وألا تمرض مواشينا، وألا يقل الخبز عن عدد الأفواه /240)
(*)
أهمية قرية كرمليس :هو فعل المعجزة وليس شركة الأستثمار الأمريكية العراقية ..التي صنّعت سردية ميدانية أخرى من كرمليس وبشهادة القس حيدو الحّداد..(أراسيا بَنَت بالقرب من الكنيسة نافورة بهيئة وثنية من أجل النذور، واشترت الأراضي المحيطة بتّل بربارة وتنوي إنشاء أبنية سيّاحية../237) وبعد هذا الوجيز المبأر بثبوتيات عقلية القس ..يكمل كلامه مع حنّا متوسلا ليعين السلطة الكنسية بإعادة يوليانا ..(كرمليس ستفقد شفيعتها ياحنّا،وإذا لم تساعدنا فسوف نخسر سلطتنا، وتضيع مكانتنا )..إذن الكنيسة لاحبا بيوليانا بل دفاعا عن مكانتها الميدانية تناشد حنّا..وبالطريقة هذه(لن تستطيع أراسيا المتاجرة بالرب / 237) وأراسيا لاتقف طموحاتها عند هذا الحد،لأن استراتيجتها الأحتكارية هي رسملة الإيمان وهذا ما يعلنه محاميها الخاص أمام الخوري سالم قهوجي :فعائلة أبلحد(هي صاحبة الملكية الإيمانية للقديسة يوليانا،وصاحبة الأرض أيضا، وقد حصل المشروع على موافقة محافظة نينوى ../ 238) يتزامن هذا الخبر مع الإعلان أن مثلث الرحمة سيقيم القدّاس الحبري في شيرا بربارة في عصر يوم الجمعة المصادف 6/ 12/ 1987..
(*)
السارد العليم الذي أخبرنا عن عام 116 ميلادية فسوف ينتقل نقلة ً كبرى عابرة للعصور (لم يتحرك فيها الأمل، إلاّ حين توقفت في عام 1925،بالقرب من كنيسة القديسة بربارة، سيارة رئيس وزراء المجر السابق ..) وبعد صفحة يتوقف السرد عند 1929 وفي ص13 يتوقف السرد عند 1940 وفي ص35 نكون بتوقيت الأحد المصادف الثالث من كانون الثاني عام 1965، وهنا بداية الأجتياح الأمريكي تحت غطاء ممثل شركة ساس الزراعية الأمريكية: إسماعيل دنحا وبشهادة السارد العليم )قوّاد أكثر منه رجل َ أعمال ../36)..وابنته أراسيا، المتزامن دمويا مع محاولة أغتيال ججو، إذ تنطلق رصاصة وتشق السكون بدويّ مفزع وتستقر بكتف ججو. وبشهادة السارد العليم(في العام الذي ظهرت فيه أراسيا، كانت كرمليس تشعر بأنها ليست طيّبة كما تعتقد، مادام أحدهم قد فكّر في اغتيال ججو../41)…أما الأجتياح الأمريكي الأول الذي لم يرد في الرواية فهو القطار الأمريكي في 8 شباط 1963…
(*)
أحيانا تكون سيرورة التاريخ في الرواية رجوعيةً كما هو الحال حين يصف السارد ثورة 41تموز 1958(لأن الحكومة، منذ انقلاب عام 1958../37) أو في تناوله وجيز سيرة السيء السمعة أبلحد حيث يعود السرد إلى سنة 1914، ثم يعود إلى سنة 1959 من خلال سيارة بهنام البيك آب. في ص64، يتوقف عند سنة 1966حيث الطبخة الثلاثية (بدت العلاقة بين الشركاء الثلاثة..(أبلحد،والأميركي ساس، والوجيه بطرس كنّي / 64).. وتستمر سيرورة السرد بتدفقها وسخرياتها وجهوياتها المتعددة، وسرعان مايخبرنا السارد برقم تاريخي جديد : (في تموز من عام 1987 كثرت ملاحظات ياسمين وأوامرها، وبات حنّا يقضي وقتا طويلا في المطبخ../ 145) الحدث عادي جدا، وذريعة سردية ضعيفة،لكن في الهامش ملاحظة إنسانية تستحق الأعتبار(كثرت ملاحظات ياسمين)لأخبار القارىء بالزمن الروائي .ثم يتراجع الزمن في ص193( رغم مرور خمسة أشهر على تاريخ 31 آثرت كليّة الآداب في جامعة الموصل عدم ترك 1987 يمضي دون الاحتفاء بمرور قرن على ولادة الشاعر الفرنسي سان جان بيرس/ 193) ..مايحدث من ضجة حول ظهور القديسة يوليانا، يوجزه الفاضل نوئيل يلدا..بقوله (إنّ الأمر أخطر من نكبة طاعون 1830/ ص236).. نلاحظ هنا أنّ الرواية مشروطة بتثبيت التاريخ رقما ومابين القوسين حول الطاعون يحيل القارىء النوعي إلى خارج النص وتحديدا للتاريخ المحلي لمدينة الموصل حصريا.. وبهذه الإحالة ثمة إيماءة لطيفة / ثمة فاصلة بين الأنا اليومية والأنا المبدعة التي أنتجت رواية يوليانا.فهي رواية تتغذى تغذية تاريخية ثم تبتدع جهوية أدبية جديدة.. لكن الوثائق التاريخية ليست بمرتبة الأمالي، فهذه الوثائق تم (شطفها) بمياه السرد الروائي الفكه والشيّق .
(*)
المنفذ النقدي الثاني هو الفصل الأخير..(رسالة حنّا إلى شعب كرمليس) وفي هذا المفصل يدخل سارد ثان في الرواية، هي محاولة جوانية من داخل الرواية لتفكيك الخلية الموقوتة في الرواية ووجيز هذا التفكيك وبشهادة حنّا هو التالي( تستكثرون على البسيط هذه الهبة الكبيرة..وتريدون استردادها../ 249) وما يفعله الكهنوت هو بأختصار(المتاجرة بالرب../237)..
(*)
قرية خاملة ووعي متخلف واستعمار/ استثمار أمريكي ووعي حريص لكنه ثبوتي ، فقد (انكسرت قطعة كبيرة في قلب القس يوسف كوماني. لم يتمكن من التصدي لرغبة الخورنة في ترميم كنيسة القدّيسة بربارة من إحسان الأميركي ساس../49)..فقد فشلت محاولاته الدؤوبة عام 1963 مع محسنين أثرياء في بغداد(من أجل خطة تجديد كنيسة القديسة بربارة /26) فقد توجهت الأنظار والرعاية لكنيسة مارا أدي في الجهة الشمالية من البلدة وأصبحت مقراً لكل الاحتفالات، ومنذ عام 199 وهذه الكنسية تستحوذ على التبرعات القادمة من بغداد ..
(*)
تتمفصل (يوليانا) للروائي نزار عبد الستار في ثلاثة فصول، في كل فصل يستقبلنا عنوان، بمثابة خلية موقوتة للفصل كله :
(1) (يفشل ججو في الهجرة إلى أمريكا ولكنه ينجب حنّا وروارينا ويرى يوليانا مجددا في الموصل) ..يتمدد الفصل من ص10 إلى ص97
(2) يتعذب حنّا كثيراً ويفقد طريقه، لكنّه يرى يوليانا أخيرا…/ ص102- 179
(3)يوليانا المملؤة رجاءً / ص 183- 252
وعنوانات الفصول، تعيدني إلى عنوانات سرفانتس في روايته (دون كيخوته).
(*)
الهامش المجتمعي يجسده ججو الإنسان غير السويّ صحيا وعقليا وجسديا، أما الهامش الديني فهو يوليانا،وحده ججّو من كان يواسي يوليانا من خلال تقبيله لرخام قبرها الكاذب وهذا القبر من سرديات الكذب الروحي المبثوث في معظم المؤسسات الدينية بوعيها التجاري /الجماهيري (أهالي كرمليس يتوهمون امتلاكهم عظام القدّيسة بربارة وخادمتها يوليانا../ 9) مابين القوسين ليس من السرد الجمعي للأهالي، بل من أمالي السرد الكنسي في أنظمة الوعي لأهالي كرمليس ثم يأتي السرد الغبي / العفن /المتعالي الكولونيالي بمنطقه الأرسطي المستنبط جغرافياً، ليؤكد عائدية الموصل لتركيا !! وهذه عينة / عفنة ..(وبما أنّ هذا يتعارض مع وثائق خط بروكسل، والقديسة وخادمتها، وفق مانؤمن، ولدتا ودفنتا في منطقة أزمير في الأناضول،أوائل القرن الثالث الميلادي، فأن اعتقادهم يُعد جنوحا خرافيّا،وميلا عاطفيا مؤثراً يرجّح عائدية الموصل والبلدات التابعة لها إلى تركيا لا العراق ../9) ..والتعالي الثاني سيكون حين تصل من روما
مع حارس الذخائر المقدسة( عظمة حقيقية بطول ثلاثة سنتمترات تعود لجسد القدّيسة بربارة مأخوذة من الأماكن الصحيحة ومرفقة بشهادة ضمان وعليها ختم الكاردينال باسيليوس النائب العام لقداسة البابا ) حتى الإستشهاد يخضع للتراتبية الطبقية، وسيكون الإنصاف على يد المعاق ججّو الذائد عنها في قوله إلى شمونيا، حين تسأله لماذا لايقبل قبر يوليانا ولايقبل قبر القديسة بربارة ( أنا أواسيها،فقد نسيها البابا،ولم يرسل إليها عظمة من جسدها كما فعل مع القدّيسة بربارة.لقد جلبوا عظمة من جسد بربارة من الأماكن الصحيحة، ولكن لاأحد انتبه إلى أن قبر يوليانا بلا ذخائر مقدسة. لا أحد فكّر بأن يعيد إليها شيئا من جسدها الجميل المقدّس رغم أنها هي أيضا آمنت بالمسيح،وقتلوها لأنها رفضت العودة إلى وثنيتها. لاأريدها أن تحزن بسبب هذا /32)
(*)
الضعفاء : جسرٌ : يوصل المنافقين لأطماع مخيالهم الجمعي الشره، وبشهادة حنّا غير المجروحة (الجميع يكسبون حسناتهم وأفعالهم الحميدة من ذلّي أمامهم /249)..الأمريكان يهبطون مقنعين في بداية الشهر الثالث من 1965 بقناع شركة ساس الزراعية الأمريكية العراقية،يمثلها إسماعيل دنحا يتكلم اللهجة البغدادية ومعه ابنته، الشركة تختار قرية ً منعزلة لعمالتهم هي قرية كرمليس، يبشرون وجهاء القرية بطبعة أميركية من الرخاء .يجري ذلك في ص35 من الرواية. لكن في رواية نزار عبد الستار(الأمريكان في بيتي) نقرأ في الصفحة الأولى من النص الروائي(الأمريكان غادروا فجر../ ص9) يقصد السارد غادروا بيته وفي ص37 نعرف من السارد المشارك بتصنيع الحدث..(أقتحموا البيت للمرة الأولى في تموز عام 2005)..وفي (الأمريكان في بيتي) هناك الموفود الأب الأيطالي فرنسي توريانتي وهو(أبرز شخصية ضمن بعثة الآباء الدومنيكان التي ارسلها البابا بندكت الرابع عشر عام 1750 لنشر الكثلكة بين نصارى الموصل/ 69- الأمريكان في بيتي)
(*)
والأمريكان : مستعمرون/ مستثمرون في كل أرض ٍ ينثرون الهمبركر والعولمة ..والمواطن العادي لايميز بين عمل وعمل وبشهادة صويلح (العمل هو العمل، سواء في هدم البيت أو باستخراج أو في أي مجال آخر../ 176- عبد الرحمن منيف/ التيه – مدن الملح) كان ذلك في أوئل القرن العشرين لكن في القرن الحادي والعشرين صارت بلاد الحضارات فريستهم ..من جراء بطل الحروب والمقابر الجماعية والمقاتل نيابة عن أمة الرسالة الواحدة ..
(*)
يوليانا : تعويضا عن المفتقد في حياتنا الراهنة ونحن مغمورون ب(المراقبة السائلة ) وبشهادة الفيلسوف زيجمونت باومان أن المجالين الافتراضي والاتصالي تحت رقابات مجهولة يجسدها ثقب تقني قادرُ على شفطنا قبل أن يرتد إلينا بصرنا .يوليانا تريدنا أن نرى السماء بعيون الطيور..تريد شعرنة حياتنا وصيانة الطفولة التي في أعماقنا..وبشهادة يوليانا وهي تخاطب ججّو(الصادق ينال الحب /97)..
(*)
شركة الأستثمار/ الأستعمار..الزراعية الأمريكية العراقية، عرفت كيف تغوي قرية منسية مثل كرمليس المهمشة :(فقد سلب الكازينو عقول الرجال الذين أخذ الكسل يظهر عليهم صباحاً بسبب السهر وشعوذة الحداثة التي يبثها متجر شركة ساس،وعادت الكنيسة تشكو من قلة المؤمنين وعسر التبرعات ../70)..
(*)
أثناء قراءتي للرواية رأيت ُ تعايشا سلميا مع روايات أخرى .فحين يخبرنا السارد المتحكم بسيرورة الرواية أنّ عائلة بنيامين(..مرّت بحقبة كانت العاهات فيها تتكرّر في العائلة مخلوطة بالجنون، والفضائح الساخرة../20)هذا المقبوس الروائي زجنّي في(دربونة الشوادي)، أعني (آل عبد المولى) في رواية فؤاد التكرلي(المسرّات والأوجاع)..فعبد المولى مؤسس العائلة(كان معروفا بجسده القصير المتين وبخلقته الغريبة،فهوأقرب الى القرد منه الى الإنسان..كان قصيراً طويل الذراعين بأنف أفطس وعينين واسعتين جاحظتين وكان فمه مشقوقا بغير براعة، بحيث تبرز أسنانه الكبيرة الصفراء عند أول محاولة منه لتحريك شفتيه،لذلك كان صموتا، وكان أبناؤه من بعده وأبناء أبنائه صوراً مشوهة ً أو محسّنة قليلاً من هذا النموذج الباهرة/ 9)
(*)
هذه ثانية رواية عراقية للفكاهة فيها فاعلية عالية الدلالة للمتابعة .الرواية الأولى هي رباعية (أبوكاطع) شمران الياسري.قرأتها أثناء صدورها الأول وفي سنوات الضنك العراقي عدت لها مرتين..في (يوليانا) للفكاهة مذاق لذيذ خصوصا ونحن نعاني ضنكا عراقيا يرفض التقاعد وهذا هو المنفذ الثالث في الرواية وسأقتطف عينات منه :
*(أنّ مواقيت السماء ليست على هوى ساعات الناس، والمعجزات لاتتحرّك بسرعة ٍ مثل أفلام شارلي شابلن ./13)
*(كانت ملامح القسّ يوسف مركّبة لتوحي بالامتعاض الدائم،وكأنّه عاد للتو مهزوماً من معركة مع الأسكندر المقدوني/16)
*(في الحرب تتغيّر الكثير من الأمور.. لا أمان في هذا الزمن الأغبر، فحتّى الأشجار يمكنها العمل في الغستابو,,/18)
*(كان ججّو ينام منطوي الأطراف مثل لقلق أخطأ في قياسات بناء عشه/ 29) في هذه الصورة السردية شحنة عالية من الكاريكتير البليغ.
*(ألا تساعدنا ملابسنا الكهنوتية على تغطية الكثير؟ مهما حاولنا تسلّق سماء الحقيقة،إلا أن الإيمان في الواقع يشبه إعلانات الكوكا كولا../ 33)
*(أوّل مرتبة ينالها القدّيس هي الجنون/42)
*(لاتعجبني الكنائس لأنّها باردة، ولكنني أحبّ الله)
*(سألها ججّو : هل تعرفين ماهوالروك أند رول؟
ردّت بقلق : لم أسمع به.
قال بذهن مشتت : القس يوسف يخاف منه كثيرا، ويقول إنّه انتشر / 50)
وقبل أن يغادر ججّو الكنيسة،سيقول لشمونيا (كوني قريبة منه..يبدو أنّ القسّ يوسف أصيب بالروك أند رول../51)
وحين يري القس أنّ السينما لاتخدم العقيدة المسيحية، تجيبه الراهبة تيما
:(أرجو ألا ترهق نفسك كثيرا في محاربة الشيطان كي لاتقع في خطيئة كره السينما/53)
*أقتطف هذه الحوارية القصيرة بين الداهية أبلحد وججّو، ولنتمعن في جواب ججّو .. أبلحد:(لهذا السبب خلق الله لنا أميركا كي نهاجر إليها الفقير يصير ثرّيا، ويهاجر إليها الفاشل في الشموسيّة ليصبح قدّيسا ) فيتساءل ججو(من يفشل في إصلاح كرمليس كيف له إصلاح أميركا؟ /59) لكننا سرعان ما نقهقه ونحن نقرأ هذه الحوارية بين ججّو والقس يوسف ، حين يخبره ججو أن شعب مدينة ديترويت أرسلو رسالة إلى أبلحد(يقولون فيها إنهم بحاجة إلى قدّيس) وحين يلاحظ أشتعال الغضب في وجه القس يوسف يقول ججو متشككا (أنا لاأصدق أبلحد..كيف يفعلون ذلك وفيهم القديسة بريجيت باردو../ 61)..
*حين تخبره أمه أنه سيغادر قرية كرمليس ويتوقف في الموصل ليتزوج تيريزا، يسألها ججو
(- من هي تريزا.
ردت مبتسمة : بريجيت باردو أيّها الغبي../ 73)
*توصيه بتول بقلاوة وهي تغيّر في ديكور محل خياطة ججو(لستَ صاحب مطعم لحم بالعجين كي تعلّق بوستراً للرئيس البّكر مع نائبه صدّام حسين وهما بالزيّ العسكري/93)
* حين يبالغ الفاضل يوئيل يلدا في إظهار الفرح :(إنها بركة القدّيسة الشفعية، وحب الناس لبلدة الرّب كرمليس) هذا يستفز شمونيا التي صار اسمها رينو فترد عليه وهي تمسرح هيأتها حيث تعتدل وترفع رأسها وتخاطب الفاضل يوئيل :
(كرمليس ليست بلدة الربّ..الربّ يعيش في باريس/ 104) مابين القوسين يجسد عنف قوة الرأسمال المالي الذي جاء لهذه القرية ليستعملها له ضرعا إقتصاديا ثراً
*/108
*أثناء تناول حنّا للطعام( يتحوّل إلى غراب انتهازي../111)
*يرى الراهب عبد يشوع مسيحين مختلفين (..ويسوع الذي هنا يختلف عن يسوع المدينة/ 117)
*(الرجال يتطوعون في الجيش الشعبي خوفاً من الإعدام ويتطوعون للعناية بالعاهرات شغفاً بالحب /147)
*يقول أبلحد موجها كلامه إلى حنّا(رأفة العاهرات بنا أفضل أنواع الأمومة، ورعايتهن لنا أجود أصناف الحبّ/ 173)
*(قال وهو ينظر إلى قدميها : صدّام يتكلم عن الشعب دائما..إن كنت أنا من الشعب فلماذا لا أفهم مايقوله الرئيس؟
قالت له : هؤلاء قريون يتكلّمون بعضهم مع بعض،أما الشعب فهو ينتظر فيلم السهرة/184)
* قسم من هذه المقالة منشور في (طريق الشعب) 18/ 3/ 2018
*نزار عبد الستار/ يوليانا/ نوفل/ هاشيت أنطوان/ 2016