18 ديسمبر، 2024 10:53 م

تكمن عظمة حياة الانسان بالهدف الذي يسعى الى تحقيقة خلال حياته، وحجم التضحيات التي يقدمها، والصعوبات التي يتخطاها، دون ان تثنيه عن هدفة، او تحبط من عزيمته وارادته، ومن هنا جاءت عظمة السيد محمد باقر الحكيم، لسمو الغايات التي افنى سنين عمره، لتحقيقها وتطبيقها على ارض الواقع، باخلاص وشجاعة منقطعتا النظير.

وقفت اسرة آل الحكيم كالسد المنيع ضد طوفان البعث الطائفي، الذي خُطط له ان يجتاح الاخضر واليابس، ويجرد شيعة العراق من هويتهم الدينية والثقافية، ويهتك مقدساتهم، ويخرب مراكزهم العلمية، ويزرع بذرة التقسيم والشقاق في حوزتهم العريقة، ويصفي قادتهم ورموزهم، ويجعلهم آلآت بشرية تقتات الفتات، ويقدمهم هدايا للموت في حروبه الرعناء، ثم بعد كل ذلك عليهم ان يسبحوا بحب صدام وبطولاتة.

عاد السيد محمد باقر الحكيم الى العراق، بعد ربع قرن من التاريخ الحافل بالجهاد والمواقف المشرفة، فهو قائد مقاومة الكفاح وصوت المسحوقين داخل العراق، في المحافل الدولية وجمعيات حقوق الانسان ومنظمات الامم المتحدة. وسرعان ما استشهد السيد محمد باقر الحكيم بعد اربعة اشهر من عودته، وقد اغتيل الشهيد الحكيم لمواقفه القوية، التي تضرب مصالح القوى المتنفذه داخل العراق منها:-

اصراره منذ ان وطأت اقدامه تراب الوطن، على وحدة الشعب العراقي، وتمكين الشعب فقط من اتخاذ قرارته المصيرية، وتشكيل حكومة عراقية ذات سيادة كاملة، تلبي رغبة هذا الشعب الحقيقية، عن طريق اقامة انتخابات حرة ونزية. وهذا مثل صدمة كبيرة لكثير من الدول، التي ظنت ان مقدرات العراق وخيراته اصبح تحت وصاية هذه الدول!.

دعواته المستمر في كل خطاباته للتمسك بالمرجعية العليا، وحفظ مقامها العالي عند جميع العراقيين، لكونها قلب العراق النابض الذي يتسع لجميع، والبوصلة التي تشير الى الاهداف الكبيرة والحقوق الجوهرية لهذا الشعب، دون الدخول في وحل التفاصيل الثانوية، والمهاترات الجانبية العقيمة. هذه الدعوات كانت تزعج الكثير ممن ينصب العداء لمرجعية النجف، وتضرب مصالح الكثير ممن كانوا يتلهفون لزعامة البيت الشيعي.

حث الشعب العراقي للمطالبة بحقوقه المسلوبة، بالاضافة الى حجم الافكار المغيبة عمداً عن هذا الشعب ، التي كان يبثها السيد الحكيم في الجماهير المتحمسة ، التي اخذت تنتهل من تلك الافكار النيرة، مثل حرية التعبير عن الرأي، والمطالبة باقامة انتخابات نزيه، وحق المشاركة الفعالة لجميع في العملية السياسية، وعدم السكوت عن الظلم والتهميش، والتأكيد على وحدة العراق. وغيرها من الافكار والمطالب التي ترعب اصحاب الغايات السوداء، والمصالح الضيقه، والاجندة الخارجية.

لا يفوتنا ايضاً ان نذكر دور ازلام البعث في اغتيال سيدنا الشهيد، لدرايتهم الكاملة بالدورالجوهري الذي قام به الشهيد الحكيم، في فضح جرائمهم الطائفية والعرقية دولياً، وكشف زيف ونفاق نظامهم واعلامهم. بالاضافة لدورة الجهادي الذي قض مضاجعهم لما يقرب من ربع قرن. والذي ولد لديهم حقد دفين اتجاه شهيدنا الحكيم.

ايقنت جميع القوى الطامعة في السيطرة على مقدرات العراق، والتحكم بثرواته. سواء كانت تلك القوى خارجية او داخلية، ان وجود الشهيد الحكيم، يمثل خطراً حقيقيا في تحطيم احلامهم، وفضح مخططاتهم الخبيثة امام الشعب العراقي . فاشتركوا جميعهم في اغتيال امل الجماهير المظلومة، او على الاقل كانوا جميعهم راضين، او غير معترضين عن هذه الجريمة النكراء.

ما علموا ان الافكار النيرة، عندما تتبلور في ادمغة العظماء، ثم تتدفق الى حيز الوجود، لن يستيطعوا تدميرها او قتلها، حتى لو استخدموا جميع ترسانتهم العسكرية، واضخم وسائل اعلامهم المحترفة، بل على النقيض من ذلك تماماً، ان دماء اولئك العظماء، ستروي تلك المبادى والقيم العليا، لتخضر وتزدهر في نفوس الاحرار والشرفاء مابقي فيهم عرق ينبض.