هل من المعقول ان تتحول اميركا الى صمام للوحدة الوطنية؟
هل من المعقول ان الخلل ليس في النظام السياسي الذي جلبته اميركا، بل بالنظام الاجتماعي؟
هل من المعقول ان ايران اخطر من اميركا؟
قبل الاجابة على هذه الاسئلة، او معرفة ما وراء نصوصها، علينا ان نرجع لمن جاء مع الاحتلال وندرس خلفياتهم، هم المحسوبين على جماعة ايران، هنا نسأل مالذي جعل هؤلاء، لكي يتأملوا بالأميركي، بل يمنون النفس لاحتلال بلدهم، انه اليأس والظلم والضغط الذي يمارسه عقلية النظام.. بمعنى ان الاتجاه للاميركي ليس مسار اختاروه عن قناعة، بقدر ما هو يأس، هذا اليأس دعاهم لتشجيع دخول الخميني للعراق في الثمانينات، كمنقذ ديني متطرف من هذه الحالة، فكيف والحالة فشلت، فكان بمنقذ يجمع بين الدين او اللادين، ولو كان على حسابهم الا وهو الاميركي.. وبعيداً عن حسابات الاميركي اقتصادية ام دينية او سياسية، هنا العراقي لمن يكن الا حالة مسيرة لا شعوريا، بمعنى ورط الجمهور العام المساند للاحتلال اخلاقياً بالرضا عنه، ومساندة الحالة السياسية التي تميل له، الا درجة استنكار ضرب بوش بالحذاء واعتبارها اهانة عشائرية! مع ان العشائر لا تسمح بوجود الغريب على مضاربها!؟.. هذا العرفان للاميركي انتهى وقت بسط السيطرة، والاستقرار للنظام السياسي، لكنه في الفترة الاخيرة تراجع نتيجة دعم تكرار التجربة العراقية على سوريا، او عكسها، ذات المتعاملون والمنادون للاحتلال استنكروا، وذات من استنكروا الاحتلال الاميركي للعراق، يسعون لجلبه لسوريا، وتحقيقه باي صورة كانت مهما كانت الكلفة والنتائج.. كما هي الحالة العراقية.
هنا الحالة التي ساندت الاحتلال وصفقت له، اليوم ظاهرياً ضد اميركا، لكن ليست بصورة مطلقة لكونها مرتبطة بالحالة الايرانية وملفها النووي، لكن ظاهريا، اليوم هم ضد الاحتلال والوجود الاميركي، وان كان على صيغة القلق والخوف مما يمكن ان يحصل، وربما هذا اضعف الايمان، وما لم نجده في بداية الاحتلال.. الذي كان الداعي لمجابهة الاحتلال، مجنوناً ويعرض المنطقة والعنصر والطائفة للخطر.
ذاتهم من جابهوا الاحتلال لا شعورياً ممن كانوا يحسبون على طائفة السلطة، في ثمانينات القرن الماضي، لم يكونوا على عداء مع اميركا، بل كانوا يدعمون علناً وكانوا يدافعون عن العالم بوجه التمدد الايراني، وحتى في الحصار على الرغم من الشعارات، كانوا يعولون على دبلوماسية النظام، والوعي الاميركي بخطر التغيير لكونه سيكون لصالح الند الثمانيني، الا وهو الاميركي، لم يبلغ حالة الوعي ضد الاميركي الا حينما وقعت الواقعة، واخرج من دوائر القرار الذي كانت تمثل بعدا مناطقياً، كما اليوم لها بعداً طائفيا!.. وهنا لا نشكك بالمقاومة، التي تبنيت من بعض المناطق العراقية، وكان لها الفضل في محاربة الاميركي ومجابهته، لكن بعد توريط الجميع بالفتنة التي حدثت في العام 2006 وانتاج الصحوات الاميركية وتسليط الضوء على الجهات المتطرفة، وتسلط الحالة الطائفية التي انهت المقاومة، وطرحت اشكالية، الاميركي والايراني.. التي لم تترسخ الا فيما بعد الخروج الشكلي للاحتلال الاميركي!؟ حول ايران، ليس لما تمارسه ايران، او يمارسه احزابه من قبح، بقدر ما الاستسلام لذات الفكرة التي كانت بالاستعانة للاميركي، او الدعوة له لتصحيح ما فعله “اللي شبكها يفكها” او الاستغاثة به لتهذيب او تقليص او انهاء الدور الايراني… مما جعل الذين يقعون تحت ضغط اليأس ان يختاروا لا شعورياً اميركا، وان علموا ان اميركا تتفق مع ايران حول العراق، او ان اميركا لا تصب في مصالحهم، مما جعلهم يروجون لا شعورياً لاميركا، وهذا ما نلاحظه لا شعورياً حينما جاء ترامب، فان فعلت اميركا ما يريدون، قالوا اعادة حق، وان لم يفعلوا قالوا المؤامرات تنهال علينا، ورغم ذلك لا يفقدون الامل بالاميركي.. وهنا السوء الذي يجب ان يتبرء منه كل وطني، حتى لو خير بين اميرين لا ثالث لهما، المسألة هنا لا تتعلق بكونك ضمن معادلة اعتراف بالوقائع الجارية، بقدر بان لا تكون ريبورت مشاعر مسيرة.
الخلاصة
المسألة تتعلق ان الاحتكاك الداخلي جعل من حالة الجوار وحدة وطنية، بل جعل من تدخل اللا جوار امر وطني.. هنا لو قارنا بين الاثنين وتأثيراته فان سلبيات الجوار الضعيف اقل سوء من تأثيرات اللا جوار القوي.. والمصيبة ان الحالة العامة تصور على ان يقتنع الرأي العام بالاميركي كصمام امان للوحدة الوطنية التي تعتمد على تقسيم العراق وانهاء مشروع الدولة والمجتمع من خلال تجزيئه، وهذا ما لا نجده في الايراني.. وان كانت ادواته حادة، وجارحة، لكنها اقل ضرراً من الادوات اللا ملموسة للاحتلال، وتفسيخه للنظام الاجتماعي بواسطة النظام السياسي.. وخصوصاً حينما يتعلق الامر بحالة التفسيخ.
الامر يتعلق بالهوية والتحديات المصيرية، وهذا ما لا يصنعه حالة الركود والصراخ في انتظار الاميركي، وجلب ذات المعطيات واسوء لمن تعاملوا مع الاميركي بعد الاحتلال.
اعذروني لست امريكاني.