قد تشعر بالاحباط قليلا خلال متابعة احتفالية “انتخابية” يتصدرها رئيس المجلس الاعلى الاسلامي همام حمودي، لكنك ستضحك كثيرا حتى يظُن من حولك انك اصبت بالجنون، حينما يتحدث السياسي “الهمام” عن النعمة التي يعيشها العراقيون بفضل “رفاقه”، والديمقراطية التي وفرت للمواطن “الضعيف” محاسبة رئيس الجمهورية والاعتراض على رواتبه، وكيف علينا أن نشكرهم “لتحريرنا” من الديكتاتورية، قبل زوال تلك “النعمة”.
هذه ليست المرة الاولى التي يخرج فيها احد “جهابذة” السياسة “متفاخرا” بإنجازات مابعد 2003، فقبله البروفيسور في الأمن الوطني موفق الربيعي الذي ابلغنا بان “الثروة بالعراق توزعت بالتساوي وان كل مواطن اصبح لديه اربعة أجهزة موبايل وتلفاز ملون”، فحديث هؤلاء يعكس حقيقة الاوهام التي يعيشونها ويحاولون بين فترة واخرى جعل المواطن يُؤْمِن بها ويتغاضى عن “افعالهم”، التي جعلت البلاد في المرتبة الاولى بالفساد وضياع الحقوق، في حين تتمتع اسرهم والحاشية المقربة بامتيازات “لا تعد ولا تحصى”، ومع تلك “المحاسن” علينا ان نعترف في كل موسم انتخابات “ببركة” قادة العملية السياسية وحنكتهم في اختيار أساليب الترويج الانتخابي ومنحها الشرعية القانونية.
نعم ياسادة الدعاية الانتخابية وجدت طريقها الى أنظار المواطنين قبل الإعلان الرسمي لانطلاقها و”بحيلة” لا يحاسب عليها القانون، عبر استخدام مصطلحات “ابن العشيرة البار” و”انصار ومحبي” المرشح الفلاني وتعدت اكثر من ذلك حتى وصلت الى الرموز الدينية والمقدسات لتجد العديد من العبارات التي خطت على لافتات الدعاية تحمل عناوين “ال بيت النبي ومراجع الدين” في حين استغل بعض المرشحين، صور شهداء الحرب مع تنظيم (داعش) بكلمات بعيدة عن الحقيقة وتحمل اساءة لتلك التضحيات، جميع تلك الإعلانات، دعايات مبكرة لكن المفوضية لا تستطيع محاسبة هؤلاء المرشحين فهم وجدوا طرقا قانونية بعيدة عن تفكير “الانس والجان” من خلال الاختباء خلف “المقدسات”.
لجوء المرشحين لهذه السياسة يأتي من حقيقة نعيشها في مجتمعنا ولا يمكن تجاهلها فنحن مازلنا نفضل المذهب والطائفة على الهوية الوطنية، وهي نقطة ضعف يستغلها هؤلاء للوصول الى اهدافهم والبقاء في مناصبهم، وقد يتسأل البعض كيف يمكن التغلب على تلك “الظاهرة” والخروج من حالة “التخندق” المذهبي الى اختيار الآكفاء الذين تميزهم الهوية الوطنية، الإجابة واضحة جدا لكنها تحتاج لقرارات صائبة نبتعد فيها قليلا عن مفهوم العشيرة “والأقربون أولى” لتصحيح اخطاء الماضي، ومنع الفاسدين من “الصعود” مرة اخرى على اكتاف “الفقراء من عُبَّاد الله”، وإغلاق الباب بوجه رئيس جمهورية يرفض اقرار الموازنة بحجة “اخطاء فنية وقانونية”.
الخلاصة.. التغيير بحاجة لاختيار الاصلح وليس ابعاد الوجوه القديمة فقط، فبعض المرشحين الجدد دخلوا الساحة “لمصالح شخصية” واستمرار حكم العوائل واستنادا لقاعدة “حشر مع الناس عيد” والتي جسدتها المرشحة عن تحالف بغداد “ليلو السامرائي” وهي تحدثنا عبر احدى الفضائيات عن مشروعها القادم والعمل على فصل الدين عن الدولة، وزادت ان “المصالحة الوطنية يجب ان تكون بين جميع افراد الشعب العراقي لكون نقاط الخلاف نجدها حتى في البيت الواحد”، هذا جزء من الحديث المطول للمرشحة، الذي لو استمعت له حتى النهاية ستلعن النظام الانتخابي من الاف الى الياء،،، اخيرا السؤال الذي لابد من وضع الاجابة المناسبة له، هل سنتمكن من تجاوز “المقدسات” ومنح اصواتنا لمن يستحقها؟