18 ديسمبر، 2024 11:28 م

الأغلبية هي الحل.. ولكن

الأغلبية هي الحل.. ولكن

في كل مرة احاول الهروب من اجواء السياسة المشحونة بتبادل الاتهامات واستعراض “المنجزات” الجأ للبحث عن ما يتداوله الأصدقاء على صفحات الفيسبوك لعلي اجد ما يلبي فضولي في الاسترخاء قليلا، وفِي ذروة البحث قفز امامي مقطع فيديو “بالأبيض والاسود” نشره صديق عرفته منذ سنوات قد تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وفجأة ظهرت المطربة العربية فايزة احمد وهي تطرب “بيت العز يابيتنا على بابك عنبتنا، فيها خضرا وضليلة بترفرف على العيلة”، أخذتني تلك الكلمات بعيدا ورحت مستمتعا حتى انتهت الاغنية مع تصفيق من جميع ابطال فلم “أنا وبناتي”.

كلمات فايزة احمد اثارت العديد من التساؤلات وقلبت بعض الصور في مخيلتي، ومنها تبعية العديد من الساسة لجهات خارجية ودعمهم للتنظيمات الإرهابية على حساب “بيت العيلة” حتى استقرت الصورة عند تأمر الانفصاليين على وحدة البلاد والسعي لتقسيمه، ليكون اقرب مثال على ذلك ماصرح به زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني حينما علق في اول رد على اقرار مجلس النواب لقانون الموازنة المالية للعام 2018، قائلا “اي عقلية نتعامل معها”، نعم سيد مسعود لم يكن على خطأ، فهو كان “الابن المدلل” خلال السنوات السابقة حينما كانت العقلية التي يتعامل بها تسمح له باقتطاع الاراضي وسرقة النفط وفتح حسابات في البنوك الخارجية لجيوب العائلة الحاكمة والمقربين من حزبه.

صدمة الأغلبية في البرلمان أوجعت البارزاني وجعلته يتمنى عودة عقلية السنوات الثماني، فعقلية المرحلة الحالية في التعامل مع سلطات كردستان وضعت النقاط على الحروف وصححت اخطاء الماضي، سيادة الزعيم اقرار الموازنة لم يكن الا بداية لتحقيق الاغلبية السياسية التي كانت غائبة بسبب “كذبة” الشراكة وحكومة التوافقات والسرقات، التي حولت الجميع الى حكومة ومعارضة في الوقت نفسه، وضاعت من خلالها “بوصلة” العملية السياسية واصبحت عبارة عن مناصب للكسب وجمع الارصدة.

إن نظام الاغلبية لن يكون بالصورة “السيئة” التي يرسمها بعض المنتفعين من بقاء الأوضاع الحالية، على العكس سيعمل على ضمان حقوق جميع المكونات وسيوفر المناخ الملائم لاقرار القوانين التي تخدم حياة المواطنين ولن تسمح لجهة بعرقلتها لاهداف شخصية ومصالح خارجية، فالأغلبية كما يعرفها اصحاب “الحل والعقد” بأنها “مفاهيم ومبادئ مصممة حتى تحافظ الأكثرية على قدرتها على الحكم الفعال والاستقرار والسلم الأهلي والخارجي، ولمنع الاقليات من تعطيل الدولة وشل حركتها”، وجاءت الأقلية هنا ليست على أساس ديني او قومي او طائفي انما على أساس الحصص الانتخابية ونسبة التمثيل في مجلس النواب، لكن “اصحاب المصالح” يحاولون تشويه المعنى الحقيقي للاغلبية التي نجحت بفرض إرادة الشعب واقرار قانون الموازنة وقبله قانون هيئة الحشد الشعبي، كما استطاعت لجم البارزاني واتباعه، من خلال تفريغها من مضمونها وجعلها شكلاً من أشكال التوافق الوطني.

الخلاصة.. إن الاغلبية الوطنية هي الحل لجميع المشاكل وليست “اغلبية” السيد نوري المالكي ونوابه، التي تتعمد اختيار التوقيتات الخاطئة في كل مناسبة لاستفزاز المواطنين، وتسمح بان يظهر ظافر العاني على شاشات التلفاز متحدثا عن قرارات هيئة المساءلة والعدالة الاخيرة التي شملت مصادرة ممتلكات اكثر من 4000 من مسؤولي نظام صدام حسين، وهو يحذر بأن “تلك القرارات ستجعل شركات الاستثمار العالمية تتخوف من التوجه للعراق لإعادة إعماره” ويستغلها ليذكر بأنها “ستؤثر على الاستقرار الأمني” وكأنه يهدد بعودة التفجيرات والمفخخات،، الاغلبية التي نبحث عنها تحافظ على “بيت العيلة” ولا توفر الفرصة للعاني وغيره “للاصطياد بالماء العكر”، اخيراً السؤال الذي لا بد منه، من سيحقق الاغلبية الوطنية وسط فوضى تعدد القوائم الانتخابية؟