لو كانت الديمقرايطية كتعريفها لما اصبح ترامب رئيساً للعمة امريكا, ولا بقي شعب ديمقراطي جائع.
فما هي الديمقراطية تعريفاً ومفهوماً؟ ببساطة انها حكومة يختارها غالبية الشعب, وبنفس الوقت يرفضها الاقلية من الشعب. فما مصير هذه الاقلية؟ حسب التعريف العام الذي تقرأهُ لنا معلمتاها لندن وواشنطن والذي يقول بأن الديمقراطية حكم “غالبية” الشعب, فيما يبقى “لاقلية” الشعب حق تقرير المصير, بالضبط كما حدث على المسرح العراقي عندما اراد الشعب الكردي تقرير مصيره في نهاية ايلول من العام الماضِ, عندما اعتبرتهُ المعلمتان واخواتهن وتلامذتهن بأنه امر “غير شرعي” ووصفهُ البعض بأنه فعل ارعن.
لكن عندما يأتي تلميذ ساذج ويسأل المعلمتين : ( عندما ينص دستور ديمقراطيتكن بأن “للأقلية” حق تقرير مصيرهم. فلماذا لم يُحِق للكرد تقرير مصيرهم خاصة وانهم اقليات معروفة في العراق والدول المجاورة له؟). المعلمتان سيبدأن بسرد الاجوبة الدبلوماسية التي لا تدخل اذهان اصحاب القعول النيرة, وهم قليلون, لكن الكثيرون سيفتحون افواههم وفتحات اخرى في اجسادهم عندما يسمعون ويرون اجوبة المعلمات تُعرض على شكل افلام هابطة وتأريخ مزور يظهر على شكل سيقان فتاة انكليزية.
هنا, اريد ان اخاطب اصحاب العقول, واهل الحكمة, والقليلين من اصحاب الضمير الحي “ان وجدوا”, لو كانت هناك ديمقراطية حقيقة في امريكا هل سيكون دونالد ترامب رئيساً؟ ولماذا لا تُقسَم برطانيا التي تتكون من شعوب وثقافات مختلفة ومجموعة جزر منفصلة؟ بل نجد العكس من ذلك, فالحكومة البرطانية منذ تأسيس الممكلة المتحدة تعمل على توحيد المملكة بكل الوسائل والطرق.
ولم نسمع همساً حتى بمطالبة اقلية امريكية – وهنَ كُثر- بحق تقرير المصير وإنشاء دولة مستقلة, لكن رأينا وسنرى ذلك كثيراً في الدول العربية, خاصةً تلك التي تحتضن مذهبين او قوميتين مختلفين كالسنة والشيعة, او العرب والكورد في العراق وسورية.
وقد يأتي هنا تلميذ ابله اخر ويسأل (لماذا الديمقراطية؟) ولِنجيب على ذلك فأن ما تصدرهُ الولايات المتحدة الامريكية من اضحوكة الديمقراطية ما هي الا لعبة ذكية لتفكيك الشعوب وتهديم الوحدة الوطنية تحت عنوان لا يدركه الكثيرون بأنه “كذبة”.
وللديمقراطية قيود لا يقدر احد منا تجاوزها, فلو عارضت هذه الاقلية مثلاً نظام الحكم وحاولت ان تثور على رأس الحكومة – ان كان فاسداً – فَيُعتبر ارهاباً, لان دستور الديمقراطية يكفل للشعب حق الاختيار بين الفاسد او المُفسد. فمساحة الشرفاء خالية في زمن التعبئة الجماهيرية النتنة, كحال استخدام سادتنا في التثقيف لشخوصهم للفوز بمقعدٍ برلماني او اعرض, كأن يكون رئيساً للوزراء مثلا.
وعلى خلاف ما نجدهُ في الديمقراطية, فأن الشعوب التي تحكمها الانظمة الانفرادية تستطيع – بشكل اكبر- ان تغير من حالها الى حال اخر, كما حدث مع فرينالد ماركوس خلال الثورة الفلبينية, او كما سيحدث في النظام الايراني حسب قراءة المحللين, او كما سيحلُ بالنظام العائلي السعودي. ولا اعطي هنا افضلية للانظمة الانفرادية, وانما النظام الانفرادي سيء, لكن الديمقراطية المستوردة اسوء!