18 نوفمبر، 2024 3:46 ص
Search
Close this search box.

السياسة علم يا قادة العراق

السياسة علم يا قادة العراق

فمازال عدد كبير من السياسيين و من الطراز الكبار و الصغار على حد سواء يتصورون بان السياسة هي ممارسة و استيعاب المعرفة و خبرة و تاريخ طويل او صغير فقط، لا بل ما زال الكثير منهم ينفخ نفسه و يتفاخر في مجالسه و اجتماعاته و خطاباته اينما كان بانه موسوعة و يتباهى باتساع معلوماته و يفتخر بقدرته الجامعة و امكانياته العقلية و امتلاكه ما ليس لدى غيره من الذكاء و يعتبر نفسه من الجهابذة و المفكرين الكبار في اختصاصه، و يتعامل مع الاخر بغرور و اعتلاء ، و لم يعلم بان العقلية الجماعية المستندة على الخطوات العلمية مهما كانت نتائج افعالها و صادراتها فهي افضل من توجه و تعامل و قرار عقل واحد  و ان كان محايدا مجردا و صاحب معلومات متشعبة و معارف كثيرة و معرفة واسعة ولديه قوة الذاكرة و الكمية الهائلة من المعلومات التي يتضمن ذهنه و يعلم وفقها و ان كان بعيدا شيئا ما من كل سمات الفرد او المواطن البسيط .
انه يتباهى بنفسه و يدعي بانه قادر على الاعتبار من التاريخ لالماماته و اعماله وتجاربه فقط بل يفتخر باستذكار الحوادث و الوقائع التي حدثت خلال فترة عمله السياسي، و كأن السياسة تاريخ فقط و لا يعلم بان السياسة هي من العلوم الاساسية اليوم التي تعتمد على الدلائل و الحقائق و العوامل المساعدة و الارضية و التجريب لاي قرار مهما كان بسيطا .
اذن النشاط السياسي الذي يبدرمن قائد او حزب او جهة مهما كان توجههم و هدفهم من حيث نتائجه و سماته و من حيث الجدية و القيمة يعتبر من اجل المجتمع في منطقتنا بشكل عام او في العراق بشكل خاص، لو قارنناه بما تخرج من الدول المتقدمة من القرارات السياسية و الحاسمة او المصيرية فاننا نتعجب من تخلفنا. و بالاخص لو عرفنا المراحل التي تمر بها القرارات و التصفيات و التنظيم و التقولب و التهذيب النهائي قبل الولادة ، فاننا نتاكد بان الساسة العراقيين بجميع مشاربهم لم يقتربوا حتى من الاطار المطلوب لكيفية صدور القرارات و القوانين ، و نتاكد اكثر من ان القرارات التنفيذية و التشريعية في بلادنا كم هي عشوائية غير محسوبة النتائج او النهاية و كم هي غير واضحة الشكل و الجوهر، و هي نابعة من زاوية ضيقة للمشاركين و المسؤولين و القادرين على امرارها و ان لم تمس بهم بشيء . لذا نتلمس يوميا احداث و ازمات  نتيجة التعاملات اليومية مع الوقائع قبل التعمق و التمعن في ماوراء اي قرار او قانون يصدر و ان كان مصيريا . فهل من الممكن ان تفرض طائفة او قومية او دين او مذهب ما يهمها و لمصلحتها و تعمل ما تشاء لصالح اهدافها دون الاخذ بنظر الاعتبار ما يهم الاخر، و هل يحدث هذا لو استند علميا على ما يُفرض اتخاذه من الخطوات . عدم وجود المعاهد و المراكز السياسية العلمية الخاصة و التي تقترح و تفرض على الساسة في اكثر الاحيان ماهو الاصح علميا من السياسات و القرارات و التوجهات الدبلوماسية  مع وجود مصالح متنوعة لجميع المتسلطين لعدم اتباع العلمية في السياسة لانها لم تكن في مصلحتهم و انما تهم الجميع على حد سواء، و عليه ان سارت الامور هكذا كما في المنطقة جميعا و الواقع هو الذي يسيطر على الامور من كافة الجوانب، فتصل الحال الى هذا الشكل و سنبقى على حالنا كما نحن فيه منذ عقود . اي مشكلة بلدان المنطقة بشكل عام و العراق بشكل خاص هو عدم مأسسة الدولة و غور المفاصل في افساد و سيطرة المصالح الخاصة على المصالح العليا .
و من هذا المنطلق، اليس من حقنا ان نسال؛ هل الخطوات التي اتخذت في العراق و الممارسات اليومية من قبل الجميع بلا استثناء من العلم بشيء؟ هل الصراع الدائر بين القوى  المستندة على الاسس العرقية و الطائفية من العلم  بشيء؟ هل القرارات التي تتخذ من قبل السلطات التشريعية و التنفيذية و حتى القضائية من العلم بشيء؟ هل اختيار المسؤل و الرجل لمناصب الدولة مستندة على الاسس السياسية العلمية المفيدة للدولة بشكل عام ؟ و لكم الجواب .

أحدث المقالات